إن تباين وجهات النظر,ورؤية كل منا لأي موضوع من منظور يختلف عن رؤية الآخر,لا يعني اطلاقاً أن نكون في خندقين مختلفين,والحوار هو الذي يوصل لأفضل النتائج,أردت من هذه التقدمة أن اشير الى أن اختيار وتبني نظام اقتصاد السوق الاجتماعي بعد مضي أكثر من ثلاثة عقود بنمط اقتصاد التخطيط المركزي هذا الاختيار هو انتقال من حال الى آخر والانتقال يحتاج الى آليات لتنفيذه والوصول اليه,فالقضية متلازمة مع بعضها - التعليم- واعادة صياغة القوانين - برنامج للاصلاح الاقتصادي وآخر للاصلاح الاداري- معايير جديدة للتعامل بين الحكومة والمواطن وهذا كله يحتاج الى فترة زمنية ليست بالقليلة,واذا أردت أن أكون واضحاً هي تربية وحياة وأسلوب عمل يختلف جداً عما كان ساكداً في فترة زمنية سابقة..
وعلى ذلك فالموضوع يحتاج الى اعادة النظر بمناهج التعليم وتثقيف الطلاب,ويترافق ذلك مع حملات دائمة ومستمرة عبر كافة أجهزة الاعلام لايصال الفكرة والرأي والتوجه لكل المواطنين ووضعهم بصورة النهج الجديد المعتمد,واعلامهم بأن اقتصاد السوق لا يعني اطلاقاً انفلاش السوق ولا يعني حالة تسيب,بل هو نمط حياتي جديد ومختلف يتم تطبيقه بوجود حكومة قوية وقادرة على المراقبة والمحافظة على توازن السوق وبشكل متوازٍ تماماً لآليات العرض والطلب.
وايضاً الموضوع يحتاج الى برنامج اصلاح اقتصادي معلن ومتدرج ليعرف كل مواطن التطورات التي ستحصل عاماً بعد آخر وكذلك برنامج للاصلاح الاداري يغني المواقع الادارية بكافة درجاتها بالكفاءات والخبرات,ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وغرس رؤية صريحة وواضحة بأن المواطن ليس مأموراً عن الموظف,كما أن الموظف ليس عاملاً شخصياً عند المواطن بل هو للجميع.
ومن أصول الحوار,لا بد من الاقرار أنه قد جرى تعديل واعادة صياغة واستحداث عدد من القوانين الضرورية للنهج الاقتصادي,وللحفاظ على حقوق المواطن,كقانون التجارة,والشركات وحماية المستهلك,وتمت صياغة قوانين مالية وضريبية حديثة وهناك الكثير منه,ما هو قيد الاعداد وآخر قيد الدراسة والاصدار.
ولكن هل هذا كل شيء? طبعاً لا,فهناك أدوات مهمة يجب أن يشعر فيها ومعها كل مواطن أن وضعه المعيشي ومتوسط دخله قد زاد فعلاً وأن هذا التطوير هو لمصلحته فالرقم الاحصائي الصحيح والدقيق والمترافق مع احساس حقيقي من المواطن,هو من أهم أدوات هذا الانتقال,ويجب أن يكون معلوماً أن زيادة دخله لا يترافق مع رفع حجم الدعم عنه الا بشكل تدريجي ومتناسب مع زيادة نسبة النمو والتنمية وانعكاسها على دخله ورفاهيته.
وهناك أيضاً موضوع ضروري وهام هو العمل على تنمية المناطق الأقل نمواً,وحسناً فعلت الحكومة بمؤتمر الاستثمار في المنطقة الشرقية,ولابد من مثله في مناطق أخرى هي بحاجة لذلك..
وأيضاً اود التأكيد أن الانتقال التدريجي,يعني أن دور الحكومة قائم ومستمر وخاصة في قطاعي التعليم والصحة,وان اعطاء الفرصة للمستثمرين بولوج هذين القطاعين لا يعني انسحاب دور الدولة منها,ولابد من استمرار مراقبة اعادة توزيع الدخل بشكل دائم ومستمر,وخاصة بعد التباين الذي حصل في معظم شرائح المجتمع.
بالاضافة الى ذلك من الضروري اعادة النظر بعناصر تكلفة الصناعة السورية ليس للمحافظة عليها وحسب بل لزيادة تنافسيتها,فاقتصاد السوق يعني الانتاج المنافس ,كما يعني التجارة والاستيراد والتصدير.
وختاماً اعتقد أني ألقيت بعض الأضواء على موضوع الانتقال,وأنا من انصار الانتقال التدريجي فأي شيء لم يولد كبيراً,وانما تدرج حتى أصبح كما المأمول منه,ولا نريد الانتقال بالصدمة فإن لها من الاثار الاجتماعية ما يحتاج إلى سنوات طويلة لاعادة ترميمها.