تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«رُدي.. يــــا أرواح الشــــــهداء»..

ثقافة
السبت 2-8-2014
هفاف ميهوب

«لا أحبُّ من غواية المرأة إلا غوايتها في الأدب, وأكثر ما يُعجبني في أدب المرأة, سحر الحياة, وهذان المعنيَّان, ماثلان لدى الآنسة «ماري» وفي أدبها».

هذا ما قاله الشاعر والأديب «خليل مردم بك» وفي مقدمة أحد الكتب التي تحكي عن شعر ونثر «ماري عجمي».. أديبة الشام التي امتدَّت شهرتها, والفائدة التي قدمتها عبر مجلتها «العروس», وإلى أن تجاوزت حدود الوطن إلى المهجر..‏

لقد كان السبب الأكبر لهذه الشهرة, مثابرتها على ألا يتوقف نشاطها الأدبي والسياسي, وخصوصاً في الفترة التي شُلَّ فيها هذين النشاطان, وبسبب الحرب العالمية الأولى التي جعلتها تجاهدُ في سعيها لنصرةِ المحكومين السياسيين, ممن وضعهم الطاغية «جمال باشا السفاح» في السجون.. تلك الحرب التي جعلتها, تصمِّمُ على إنشاء المدارس وإعطاء الدروس, لفتياتِ النادي النسائي العربي.‏

أما ما ميَّزها, فعشقها للشام حدّ تلقيبها بـ «أديبة الشام».. الأديبة التي كانت خالصة الوفاء في بذلِ العطاء. ذاك الذي أكثر ما تجلَّى في كتاباتها. الكتابات التي نوردُ بعضاً منها, وتحت عنوان «يا شام»: «سلاماً يا جدّةَ مدن العالم.. يا الجالسةُ هادئة على ضفاف بردى, بين منبسطٍ من المروج والجبال, صاغية إلى نشيد الجداول وتغريدِ البلابل, وراوية أحاديث الفخار عن الأبطال.‏

عارٌ علينا يا شام, أن نكون من أبنائكِ الذين حَبوتِهم كل نعمة, ثم نلجأ إلى الغريب ونقف أمامهُ موقف الاستعطاء, ليسخو علينا بأفضالِ مالنا الخاص.. ذات يوم, ستستعيدين يا شام شمسك.. عشتِ, وحيَّا الله يا شام مجدك»..‏

هكذا كانت الشام, في حياة وكتابات «عجمي» الأديبة التي كان أكثرُ ما آلمها, ما آلَ إليه حال وطنها, وبعد أن احتدت الحرب وداهمت «سورية» نكباتُ البغضِ والاستبداد, التي جعلتها لا تقف مكتوفة الإرادة, وسواء في مواساتها لكلِّ سجينٍ أو مشرَّد أو طريد, أو حتى في تحقيق أمانيها عبر الكتابة والخطابة, ومن خلال مجلتها «العروس».. المجلة التي دعت من خلالها, إلى التحرر والخلاص من نيرِ الظالمين المعتدين والمتزعِّمين, وإلى الاعتداد بالشهداء.. أولئك الذين قضوا في سبيلِ الاستقلال على يدِّ «جمال باشا» الذي تقاسم لعنة أرواح من قُتلوا في سبيلِ الوطن.. تقاسمها مع الخونة والمنتفعين والواشين.‏

نعم, لقد دعتْ «عجمي» إلى كل هذا, وخصوصاً بعد أن زارت شهداء السادس من أيار في سجون الجور والظلمِ والتعذيب والإعدام.. السجون التي اقتيدوا إلى زوايا حُجراتها, حيث النهاية الأشدُّ وجعاً من أن تُوصف أو تدونها الأقلام.. «فيا أرواح الشهداء, هل خفَّفتْ آلامكِ وأوجاعكِ الحالةُ التي صارت إليها سورية؟.. هل تشعرين بدبيبِ الطمأنينة, وتؤمنين حق الإيمان, بقيام كل من إخوانكِ بالسهر على واجبهِ الوطني, وبزوالِ النفورِ بين إخوانكِ الأحياء؟..‏

ردّي عليَّ يا أرواح الشهداء.. هل كانت تلك الأوسمة هي مطمحكِ الوحيد؟, وهل أنتِ راضية عن تلك الأعواد التي عُلِّقتِ عليها, وهل أزهرتْ آمالاً جالت في أحلامكِ, وعَقدت ثماراً سُقيتْ بدمائك, فوثقتِ بأنها لن تصيرَ فيما بعد وقودا, أو تصلح لتعليقِ شهداء آخرين؟»..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية