كان اللافت مسارعة التنظيمات الإرهابية إلى خرق ذاك الاتفاق أكثر من ست مرات عبر الاعتداء على المناطق السكنية ومواقع الجيش في ريفي حلب واللاذقية، وفق ما أكده مركز التنسيق الروسي في حميميم، وهذا يحتم على النظام التركي باعتباره المشغل الرئيسي لإرهابيي (النصرة) أن يتخذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار تلك الاعتداءات، إذا أراد أن يثبت التزامه هذه المرة بما اتفق عليه مع الجانب الروسي، لا أن يسارع إلى نفي حدوث أي خروقات كما حصل على لسان وزير حربه، فهذا بحد ذاته عودة أخرى إلى التعلق بحبال الكذب والمراوغة والنفاق.
في النظر إلى النتائج التي فرضتها معطيات الميدان، يفترض أن يكون المجرم أردوغان قد تعلم بعضاً من الدروس التي تتيح له إمكانية تغيير مقارباته وحساباته العسكرية والسياسية، فهو لم يتمكن من إيقاف مخرجات (سوتشي)، رغم كل تحشيداته العسكرية والسياسية والإعلامية، وما عجز عنه، أو بالأحرى تهرب من تطبيقه، نفذه الجيش العربي السوري وحلفائه بالقوة، وسبق لوزارة الدفاع الروسية أن أكدت أكثر من مرة أن عمليات الجيش في إدلب كان هدفها تطبيق بنود (سوتشي) التي لم يلتزم بها أردوغان، واليوم لا بد للمجرم أردوغان أن ينفذ طوعاً أو مجبراً ما تم عليه الاتفاق خلال اللقاء الأخير مع الجانب الروسي، ولا سيما أن جميع الخيارات قد ضاقت أمام النظام التركي، ولم تنفع كل استجداءاته لمشغليه في أميركا والغرب من فرض أجنداته العدوانية التي توعد بفرضها قبيل ذاك اللقاء.
بطولات الجيش العربي السوري وتضحياته هي التي أجبر ضامن الإرهابيين أردوغان على الرضوخ، والقبول بالاتفاق الأخير، والذي نص بالإضافة إلى الالتزام بوحدة سورية وسيادتها، على الاستمرار بمحاربة الإرهاب، وهذه نقطة مهمة جداً، لأن الدولة السورية لا يمكن أن تتراجع عن قرارها الاستراتيجي باجتثاث الإرهاب أينما وجد على الأراضي السورية، وخيار تحرير ادلب في هذه المرحلة أمر لا مفر منه، سواء بالمفاوضات والمصالحة، أم بالقوة والحسم العسكري، كي يتفرغ الجيش في المراحل اللاحقة إلى العمل على تحرير ما تبقى من المناطق الشرقية، وهذا الأمر يدركه المحتل الأميركي جيداً، ولذلك يستميت اليوم لتأخير موعد تحرير إدلب بكل الوسائل والسبل، لدرجة وصل فيها إلى التسلل تحت جنح الظلام للقاء متزعمي التنظيمات الإرهابية بادلب، ومدهم بكل لوازم الديمومة والبقاء.
الاتفاق الأخير يؤسس لمرحلة قادمة تبني على ما حققه الجيش من انتصارات، لاستكمال تحرير كل شبر أرض من الإرهاب أو من أي قوة أجنبية غازية محتلة، فهو لا ينفصل عن مسارات حل الأزمة وإنهاء الحرب الإرهابية، سياسية كانت أم عسكرية، وكل المعطيات التي يفرزها المشهد اليوم تؤكد أن إعلان سورية نصرها الناجز على الإرهاب وداعميه بات قريباً، رغم كل حالات التصعيد والهستيريا التي تعصف بأركان منظومة العدوان بين الفينة والأخرى.