فعلى الصعيد المحلي خطت ثورة الثامن من آذار خطوات هامة لمصلحة الاقتصاد الوطني وخدمة الشعب،حيث بادرت منذ الأشهر الأولى من قيامها لاتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية وفي مقدمتها تعميق دور التنظيمات النقابية والمهنية والشعبية وتنمية جميع المبادرات المجتمعية على جميع المستويات الوطنية..فمن الناحية الاقتصادية أول ما عملت عليه الثورة أنها أعادت تأميم المصارف (المرسوم التشريعي ٣٧/تاريخ٥ــ ٣ــ١٩٦٣) وتم تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي وتخفيض سقف الملكية الزراعية وفق المرسوم التشريعي رقم رقم ٨٨تاريخ٢٣ـ٦ ـ١٩٦٣،وأحدثت المجلس الأعلى للتخطيط برئاسة المجلس الوطني في ذاك الوقت..
ولم تقف هذه الخطوات عند الحالة الاقتصادية وإنما شملت الحالة الثقافية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والتربوية والصحية ما عزز قدرة الانسان السوري على النهوض والإبداع واختزال الزمن بمسيرة عطاء أدت إلى التغيير الحضاري الشامل الذي بلغ ذروته بعد قيام الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد المؤسس حافظ الاسد، من خلال قلب البنى الأساسية للمجتمع بواقع جديد أفضل ،يراعي ظروف المرحلة وهدفها من إجراء التغيير في ذاك الوقت، والتي أسست لدور نضالي اجتماعي وفر الكثير من حاجات المجتمع وأسهم في ترسيخ القوانين والمفاهيم الايجابية التي عززت بنية المجتمع،من خلال العلاقات الاجتماعية القائمة على العدالة والمساواة، واحترام حرية الانسان،وصون كرامته،ومردود عمله..
لقد أسست ثورة الثامن من آذار في بعدها الوطني والاجتماعي ركائز متينة لقواعد بناء سليمة بدءاً من الدعم والتوسع بسياسة الإصلاح الزراعي وتحسين البذور والتربة إلى الاهتمام بالقدرة البشرية ،التي رأس مالها الإنسان ،فأثمرت الأرض على يدي فلاحها وأُعلي بنيان المصانع والمعامل والمشافي والجامعات والحدائق والطرقات والمؤسسات على أيدي عمالها وأخذت المرأة السورية دورها في المجتمع كأم ومربية وصانعة للأجيال جنبا إلى جنب مع الرجل يخوضان معا معركة البناء والعمران والكرامة فكان الالتصاق بالهوية والجذور، والتمسك بوحدة الأرض والشعب بعدما أمنت له حلقة الاستقرار الأولى..ما جعل النتائج المثمرة تأتي أكلها في دولة المؤسسات حيث نهض الجميع كل من موقعه..
آذار الربيع المتجدد بثورة إصلاح وبناء أثمرت في وجدان أبناء الوطن ولاء وانتماء على مدى 57 عاماً خاض فيها الشعب العربي السوري وجيشه البطل معارك مصيرية شتى على جميع المستويات، في مراحل مختلفة من عمر الثورة ،بدءاً من حرب تشرين التحريرية ولغاية اللحظة معارك الحرية والتحرير ودحر الإرهاب فليس من السهل على أي مجتمع من المجتمعات أن يواجه حرباً عدوانية كونية مورست فيها شتى أنواع الموبقات وأدوات الموت والإجرام لما يقارب السنوات العشر ,وهو مازال على قيد القوة والثبات والإيمان بقوة الحق.. إنه الشعب السوري يقدم التضحيات الجسام بأشكالها وألوانها، على كامل التراب السوري .فإعلان آذار هو وثيقة عهد كتبت بدماء الشهداء الأطهار التي رسمت معالم النضوج والانتصار فوق كل ذرة تراب ،ليبقى طاهرا مطهرا من كل الغافلين الحاقدين المعتدين.
شمس آذار أشرقت منذ زمن بعيد ودفئها الحاضر في خلايا الجسد يتعمد عشقاً لسورية الوطن والإنسان.