ومشاهد الربيع في لوحات الفنانين السوريين الانطباعيين الرواد، كانت شاهدة على تحولات الفن، من الصياغة الواقعية والتسجيلية، نحو اللوحة الغنية بالألوان والأضواء والعفوية، لالتقاط الألوان المتبدلة تحت ضوء الشمس في ساعات النهار المتغيرة.
وقد تزامن ظهور التيار التجريدي في الفن السوري، مع ولادة ثورة آذار، حيث أطلق الفنان الرائد محمود حماد الاتجاه التجريدي الحروفي، الذي يستلهم حركة الحروف العربية، محققا حالات التوازن بين الأصالة والحداثة.
يقول محمود حماد في حديث لمجلة التشكيل العربي: «الحرف هو عنصر بصري، يتميز بأنه أول الأشكال التي نتعلمها في طفولتنا، ترافقنا في نشوتنا، وتتطور ملامحها مع تطور شخصيتنا حتى تغدو جزءاً منا».
كما برزت رموز ثورة آذار في لوحات العديد من الفنانين، ومن ضمنهم الفنان الراحل غازي الخالدي، الذي أنجز لوحات بانورامية بقياسات جدارية عبرت عن تطلعات الحياة الجديدة، كما برز الإشراق اللوني والطابع السحري لأجواء التراث العربي أو لبريق اللون المحلي, الذي أفسح المجال، في اختيار حركة نورانية شرقية لها تأثيرات سحرية ومباشرة على تكوين اللوحة،فقد أصبح الفنان يستعرض تلك العلاقة الحميمية بين اللون والوهج والخط والحركة، ليكشف أمامنا هاجس ارتباطه بالأرض والإنسان عبر رموز المرأة الريفية والطبيعة المحلية والتاريخ الحضاري العريق.
كما تم رفد وتغذية الثقافة البصرية برؤى كتابية متطورة ومعاصرة، حملت المستجدات الثقافية اليومية، وأهتمت بمسألة أساسية، وهي التماهي مع لغة العصر، والوصول إلى الضفاف الإبداعية، التي تحرك وبقوة الانطباعات المقروءة في العمل الفني عبر الكشف عما يثير ويحرض الفنان والمتلقي معاً، وبلغة نقدية تحليلية متجددة ومنفتحة على ثقافة فنون العصر.
facebook.com adib.makhzoum