تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لامشروع أنبل من إنقاذ حياة طفل... اليونيسيف: وفيات الأطفال تنخفض عالمياً إلى مادون العشر ملايين

مجتمع
الأحد 2/3/2008
يحيى الشهابي - رويدة سليمان

تعد معدلات وفيات الأطفال مؤشراً حساساً لتطور بلد ما ودليلاً معبراً عن أولوياتها وقيمها, والاستشعار في صحتهم وأمهاتهم ليس مطلباً أساسياً لحقوق الإنسان فحسب,

بل هوقرار اقتصادي سليم وهو من أضمن الطرق التي يمكن لبلد ما الا نطلاق منها نحو مستقبل أفضل.‏

وقد حققت سورية خطوات رائدة في مجال حماية الأطفال حيث بلغ معدل الوفيات للأطفال دون سن الخامسة لعام 2006 في سورية 14% بعد أن كانت 38% لعام 1990 وذلك بفضل استخدام التدخلات و التحسينات المهمة المؤثرة لإنقاذ أرواح حديثي الولادة ضمن الرعاية المستمرة لصحة الأم و الطفل أثناء وبعد الولادة مباشرة‏

الدكتورة هيام بشور عرضت تقرير اليونيسيف لعام 2008 حول بقاء الأطفال على قيد الحياة في الندوة الخاصة حول هذا الموضوع بالتعاون مع جمعية أطباء الأطفال السورية حين ذكر مايلي: شهد عام 2006 وللمرة الأولى في التاريخ انخفاض العدد الإجمالي للوفيات السنوية بين الأطفال دون سن الخامسة إلى أقل من 10 ملايين, حيث بلغ 9,7 ملايين, وهذا يشكل انخفاضاً نسبته 60% في معدل وفيات الأطفال عما كان عليه في عام ,1960 وهذا يعني أنه بإمكاننا الوقاية من الكثير من هذه الوفيات, ورغم هذا التقدم, إلا أن العالم مازال بعيداً عن المسار الصحيح لتحقيق الهدف الإنمائي المتمثل في الحد من وفيات الأطفال بمقدار الثلثين بحلول 2015 وهذا يتطلب تبني التدخلات الصحية الأولية على نطاق واسع بما في ذلك الرضاعة الطبيعية الخالصة والمبكرة والتطعيم ومكملات فيتامين A واستخدام الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية لمكافحة الملاريا وبذل المزيد من الجهود لزيادة القدرة على الوصول إلى المعالجة ووسائل الوقاية ولمعالجة الأثر المدمر لذات الرئة والإسهال والملاريا وسوء التغذية الحاد وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب -الايدز, ونحن على يقين بالقدرة على إنقاذ الأرواح عندما يتمتع الأطفال بالخدمات الصحية المجتمعية المدعومة بنظام إحالة قوي, بيد أن هناك حاجة إلى التركيز على تقديم التدخلات الأساسية على مستوى المجتمع المحلي كجزء من الجهود المتكاملة لدعم تأسيس أنظمة صحية وطنية قوية مع إيلاء انتباه خاص إلى الاحتياجات الخاصة للنساء والأمهات والمواليد الجدد.‏

الإرضاع الطبيعي ينقص الوفيات‏

يبين الاستاذ الدكتور عصام انجق رئيس قسم الأطفال في مشفى الأطفال أن الاسهالات والانتانات المعوية سببا مهما للوفيات عند الأطفال مادون الخمس سنوات من العمر والتي شكلت حسب تقرير اليونيسيف لعام 2007 مانسبته 17% وحسب الدراسة التي أجريت في مشفى الأطفال بدمشق فقد توفي 17 طفلاً من أصل 130 طفلاً قبلوا في المشفى بسبب الاسهالات لعام 2007 أي مانسبته 4%.‏

كما أشار د. عصام إلى وجود عوامل كثيرة مؤهبة للوفاة تستدعي المعالجة منها نقص وزن الولادة وأمراض أخرى مثل نقص المناعة وبعض الأمراض الوراثية, وكذلك القصور الكلوي أومرافقه للإنتانات مثل انتانات الدم والتهاب الرئة كما كشفت الدراسة إلى أن انخفاض نسبة الوفيات في الانتانات المعوية كان الإرضاع الوالدي سبباً أساسياً ومهماً فيها لما في الحليب الطبيعي من مميزات مثل النظافة والتعقيم واستخدامه المباشر ناهيك عن المناعة الخاصة التي يعطيها تجاه الانتانات المعوية ولذلك لابد من زيادة الوعي الصحي لدى الأمهات وضرورة مراجعة الطبيب عند حدوث حالة الاسهال للبدء بالعلاج المناسب والحيلولة دون وصول الطفل إلى حالة التجفاف التي تشكل خطراً كبيراً على حياته .‏

ذوات الرئة الخطر الخفي المهدد لحياة الأطفال‏

بينما ترى د. فاطمة ضميراوي استشارية أمراض الصدر عند الأطفال أن ذوات الرئة من أهم أسباب الوفيات عند الأطفال دون الخمس سنوات حيث يموت مليونا طفل بذات الرئة من أصل 10 ملايين وفاة دون الخمس سنوات وهي تقتل من الأطفال أكثر ما يقتله الايدز والحصبة والملاريا مجتمعين, إذ تصل نسبة الوفاة بذات الرئة في العالم حسب احصائية منظمة الصحة العالمية واليونيسيف 2008 إلى 19% من أسباب الوفيات.‏

أما الدراسة التي تمت في مشفى الأطفال لعام 2007 لمعرفة النسبة المئوية للوفيات بذات الرئة شكلت مانسبته 11% حيث ارتفعت عند الأطفال دون السنة من العمر حيث وصلت إلى 26 % من ضمن قبولات الأطفال المصابين بذات الرئة ونسبة 23% للأطفال دون الخمس سنوات لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن 8% من الوفيات بذات الرئة كانت عند الأطفال الذين لديهم أمراض مؤهبة كالآفات العصبية والقلبية والكلوية والمناعية والتشوهات وكنتيجة تشكل 2% ممن أصيبوا بذات الرئة فقط دون غيرها من الأمراض وكنتيجة يمكن القول إن ذات الرئة ما زالت تشكل خطراً حقيقياً في ارتفاع نسبة الوفيات لذلك لابد من تضافر كل الجهود والامكانيات لتقليل هذه النسبة .‏

ضرورة ادراج لقاح الرئويات في البرنامج الوطني 50% وفيات التهاب السحايا الدرني‏

الاستاذ الدكتور مجيب ملحم كلية الطب جامعة دمشق تحدث عن الوفيات الناجمة عن أخماج الجملة العصبية أي التهاب السحايا والتهاب الدماغ من خلال الدراسة التي تمت على 410 حالات منها 284 التهاب سحايا و123 التهاب دماغ بالقول:‏

أجريت الدراسة خلال عام 2007 في مشفى الأطفال الجامعي بدمشق وكانت نسبها على الشكل التالي 31,6% حيث توفي 79 طفلاً من أصل 250 طفلاً يعاني من التهاب السحايا القيحي أما التهاب السحايا الفيروسي فكانت نسبة وفياته أقل لتدل هذه المعطيات على أن هذا النوع هو الأخطر من ناحية الوفاة والإعاقة معاً حيث يعاني الطفل الذي يتحسن من إعاقة عصبية كبيرة.‏

هذه المعطيات لاتختلف عماهو موجود عالمياً حيث تشكل الوفيات الناجمة عن التهاب السحايا بالرئويات (نوع من الجراثيم المسببة للسحايا) في الدول الغربية إلى 10-30% عند دراسة العوامل المسببة للسحايا القيحي نلاحظ أن الرئويات تتصدر العوامل الممرضة فبلغت نسبتها 24.6% بينما تراجعت وبفضل التلقيح المستدميات النزلية لأنها ومن مدة طويلة مدرجة في جدول التلقيح الوطني حيث وصلت نسبتها 2.6% وهذه المعطيات تدل وبشكل واضح على ضرورة إدراج لقاح الرئويات في البرنامج الوطني كما هو الحال بالنسبة للمستدميات النزلية.‏

أما التهاب الدماغ فهو مرض فيروسي في معظم الأحيان, لاتوجد أدوية فعالة عليه وقد لوحظ أن نسبة وفياته بشكل عام وصلت إلى 18.7% وهي تحاكي النسب العالمية في بعض الشرائح وفي دراسة سابقة في عام 1997 وعند دراسة الوفيات في الشعبة الإنتانية تبين أن الوفيات في تناقص حيث كانت حوالي 24 - 30 % في بداية الثمانينيات وهبطت حتى وصلت إلى 10% حالياً وهذا إنجاز جيد.‏

اختلاف الدراسة حسب الجهة‏

بينما رأى الأستاذ الدكتور منذر شيخ الحدادين أن وفيات الولدان في مشفى الأطفال /مركز العناية بالوليد لاتعكس نسبة الوفيات في سورية لأن المركز لتحويل الإصابات مرتبط بدار توليد معينة وهذا المركز يستقبل الأطفال الذين يعانون من حالة سيئة يتوفى منهم 40% قبل 24 ساعة نتيجة لسوء حالتهم.‏

ويشير أ.د منذر أن هناك اختلافاً مع الدراسة التي أجرتها وزارة الصحة حول أسباب وفيات الولدان حيث أغفلت وزارة الصحة الإنتانات ولم تعتبرها سبباً مهماً للوفاة بعكس دراستنا التي بينت أن حوالي نصف وفيات الولدان سببها الإنتان, ففي دراسة وزارة الصحة جاء الخداج بالمرتبة الأولى تلاه التشوهات الخلقية ثم التأذي المركزي أما دراستنا فاحتل الإنتان المرتبة الأولى تلاه الخداج فالتشوهات الخلقية فالتأذي المركزي.‏

وبدوره أ. صلاح شيخه أمين سر رابطة المولدين يرى أن سن الأم له دور في زيادة أو انخفاض نسبة وفيات الأطفال حيث إن عمر الأم من 21 - 30 سنة هو أقل نسبة وفيات 19% وبتزايد هذا العمر أو تناقصه تصبح زيادة نسبة الوفيات أكبر, وكذلك فإن عدد الحمول يلعب دوراً إيجابياً أو سلبياً في زيادة هذه النسبة حيث تلاحظ زيادة في نسبة الوفيات للحمول الأكثر من أربعة .‏

صحة الوليد من صحة الأم‏

ولضرورة ولادة طفل معافى سليم لابد من تحقيق عدة أمور كما أوردها أ.د محمد الطباع وهي:‏

- ضرورة مراجعة الطبيب والتدخل السريع عند وجود أي مشكلة وهذا يفترض التواصل الحضاري مع الطبيب والتزام المرأة الحامل بكل الإرشادات والتوصيات خاصة مع المرأة التي تعاني من مشكلات صحية أو أمراض مزمنة مثل المرأة السكرية, والتي تزداد نسبة التشوهات الولادية عندها أكثر من غيرها إذا لم تلتزم بالتوصيات الطبية وتحافظ على ضبط سكر الدم عندها, فهو ضمان ولادة صحية وسليمة.‏

ورأى أ.د الطباع أن التدخين هو الأكثر تأثيراً على الجنين لأنه قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى نقص الأكسجة وأذيات في المادة الوراثية للجنين وبالتالي مشكلات كبيرة منها التشوهات القلبية والإجهاضات والتشوه في الأنبوب العصبي فضلاً عن نقص بوزن الجنين إلا أن هناك حسنة واحدة إيجابية هي أنه ينقص نسبة حدوث ماقبل الإرجاع عند السيدات الحوامل لكن هذه الحسنة يقابلها أضرار كثيرة كما ذكرنا سابقاً.‏

التشخيص المبكر صمام الأمان لحدوث الإنتان‏

ويشير د. بشار الحاج علي اختصاصي أطفال وأحد الحضور إلى التشخيص المبكر لحالات إنتان الدم وتدبير الصدمة الإنتانية قبل الوصول إلى صدمة لا معاوضه, وإرسال أي حالة شك إنتان دم مباشرة إلى المشفى وتطبيق نظام المراقبة والتعقيم والجودة على مستوى التمريض والإجراءات الطبية للطبيب. وأشار إلى الدراسة التي أجريت في مشفى المجتهد على 246 حالة حيث بينت الدراسة مايلي: 46 وفاة أي مانسبته 18.7% كان السبب المباشر لهذه الوفيات هو الاختلاطات الرئوية والنزف الرئوي 45.6% وشكل إنتان الدم والصدمة الإنتانية 37% بينما الآفات العصبية والنكسية والإنتانية 26% وسوء التغذية وأعواز مناعية 6.5% وتعتبر ذوات الرئة بالخاصة وحالات أمراض الدم والأورام أسباب نادرة للوفيات 6.5%.‏

من أجل كل ذلك تتجلى أهمية المعلومات حول وفيات الأطفال وأسبابها عند التخطيط والتقويم للبرامج الصحية إلى إجراء إحصاءات حقيقية على أن تكون تحت إشراف مشترك بغية المعرفة الحقيقية للرقم الصحيح لوضع الأولويات التي تهتم بالرعاية قبل وبعد الولادة ولتعزيز البرامج الضرورية وتفعيلها مثل برنامج مكافحة الإسهالات وبرنامج الحوادث وغيرها, وفي ذلك يمكننا تفادي الأسباب التي أدت للوفاة أو تسهيل معالجتها وتحسين فرص ملايين الأطفال في التمتع بصحة جيدة وحياة أفضل لأنه مامن مشروع أنبل ولامن هدية أغلى من إنقاذ حياة طفل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية