قادمين بهجرة أو بتجارة الصبّغ الأحمر، حسبما سمّوا، يمتدون على الساحل من فلسطين جنوباً إلى،
أوغاريت، رأس شمره، جنب اللاذقية الشمالي. إلى بيت البعل في رأس الجبل الأقرع شمالاً. أبجدية أوغاريت. تقرأ بالحرف ، وتكتب بالخط المسماري. أول ما سمّي كذلك بثقافة وادي الرافدين. أضيف إليها ما أضيف بهجرات تالية، من جنوب الخليج الى الشمال. تتعارف مع كل ما تقدم، من أعالي الرافدين أو تلاها، من فينيقيي الساحل، يمتد شمالاً. تتجاوز حافة البحر، في الجزر القريبة: قبرص وكريت، الى الإغريق، وقرطاج. تضرب في البحار. ومن ثم يرتد بعضها. متأصلاً، أوساطاً وأطرافاً جنوباً من حيث انطلق أولاً.. بما اختار له الدكتور أحمد شيخ داوود تسمية «تجوال-جولان». سنؤكده بدورنا في حينه. بما عرفناه من بعض أناسه ومواقعهم الجوالة!
وبالنسبة للزمان. فقد اعترضنا على جعل التاريخ هكذا قبل الميلاد لمّ كان الدكتور عمر فروخ يدرسنا تاريخ عرب وإسلام، في كلية الآداب. قلنا، إن الميلاد حديث جداً، والتأريخ هكذا، بكذا وكذا ألف سنة قبل الميلاد، مثلاً ليس دقيقاً. في الزمان والمكان،
ولا هوية الناس وأحوالهم فكان قوله الزمان قديم ولكنّ قياس الزمان بقبل الميلاد وبعد الميلاد، حديث جداً!
والزمان قديم قدم الشمس والقمر والأرض، «أكوار وأدوار». الناس غير مكلفين. لا يطلب إليهم شيء، ولا يسألون عن شيء. الزمان المطلق الغفل. الى زمان القرآن في اللوح المحفوظ. ومن بعد، زمان القرآن أيضاً، في قبائل عربية. في مثل «وأهلك عاداً الأولى، وثموداً فما أبقى»!
ولكن ثموداً عرفت بصالح، وناقته خرجت من صخرة. والى سنين بين 15 الى 20 سنة ماضية. كانت إذاعة ب ب ث البريطانية، التي افتضحت في بضعة الأيام القليلة الماضية، بانحيازها الى الصهيونية كانت تقيم العالم ولا تقعده على جماعة. تسميهم علماء ومكتشفين، في موقع ما يسمى «مدائن صالح» فأخذوا، قيل من البدو. وأتلف ما كان بحوزتهم من صور ومعلومات تكشف عن روعة هذه المدائن ورقي حضارتها. «إذ قال لهم أخوهم صالح.. أتتركون في ما ههنا آمنين. في جنّات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين». تسللوا إليها، من ريطنيا بلا علم أو أذن من السلطات السعودية...!
ونحن إذ لا نأسف على ما كانت الإذاعة البريطانية تندب المكتشفين وضياع معلوماتهم. وإنما نأسف للتأخر بالكشف عن مدائن صالح. هذا الذي نرى قبته على الجبل المعروف باسمه، محطة البثّ التلفزيوني، من فوق حصن سليمان، وقرية كفر جوايا. والى الشمال منه، بفسحة ما يعرف بأبواب الهوا الشرقي، غير أبواب الهوا على الحدود. مقام النبي متّى، في الجبل المعروف، كذلك باسمه. يطلّ شرقاً على سهوب حمص وحماة، حيث تتماهى في البادية. غرباً يشرف على البحر وقبرص. وشمالاً ينظر الى جبل النبي يونس محطة البث من فوق اللاذقية وصلنفة. حيث توصلنا كذلك، بالنظر شمالاً، الى بيت البعل، فوق الجبل الأقرع فنرى تاريخنا المجيد رأي العين. ونقرؤه بلساننا بأبجدية أوغاريت منسوخاً بألواح من سومر. مشاهداً في مدائن صالح، لا تزال قائمة في العمق. ونراه بالإمام الشافعي، في غزّة هاشم، مقر رحلة الصيف عجالة برسم المراجعة والتدقيق!
(سيلي)