تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


غراب الأوبـرا.. غرض للكبـار في مقولته..وللصغـار بعناصره

ثقافة
الجمعة 13-2-2009م
آنا عزيز الخضر

يدخل عرض غراب الأوبرا على صالة الحمراء بدمشق في إطار مسرح الطفل ذي الخصوصية لغة ومخاطبة وشكلاً رغم أن مقولته تصلح لعالم الكبار كونه يزجها في تحد قاس يصعب على الكبار مغالبته،

فالمقولة حول رفض المألوف والمتعارف عليه مهما كان متجذراً في الموروث، إذ أكد العرض جمالية تلك المقولة وضرورتها من أجل الخلق والابداع، عبر سياق صيغة غراب الأوبرا التي شكلت عالماً ملوناً يحاكي الطفل ويداعب مشاعره البريئة في جوانب عديدة دون أن يبخل عليه بالأفكار النيرة، منها أن الغراب يخرج عن سربه يحاول تعلم الغناء وهو الموسوم أبداً بالشؤم، فيرفض محيطه ذلك ويرفضه هو أيضاً، فيحاول الهجرة إلى مناطق ترحب بحلمه إلى أن يصل إلى قرية تموج بالألحان والأغاني ويلقى الرفض أيضاً وبإصراره على تعلم ما يحب يقبلونه، فيبدأ بتعلم الغناء وأشكاله وفق قواعد صحيحة يفرض نفسه عبرها، عندئذ يرغب في العودة إلى قريته ليطلعهم على مقدرته وإنجازاته ويحاول بدوره نقل ذلك إلى قريته، وقد وصل إلى ما يريد بالإصرار والعمل، فأطر العرض قيماً للطفل وهي قيم الإرادة وتقديم الجهد والعمل للوصول إلى الأهداف. ومن جهة ثانية يبرز عدم الاستكانة لأي فكرة جامدة أو الانقياد إليها بالشكل الأعمى، ففي ذلك دعوة للمحاولة والتغيير نحو الأفضل ثم المغامرة نحو الأهداف وإن كانت محفوفة بالمخاطر فهي الكفيلة بفتح الآفاق أمام من يريد، وقد وصل إلى معارف جديدة محارباً الأفكار القديمة ومعتمداً على قيم نبيلة، فوصل الغراب إلى ما هو أفضل رغم أن غناء الغراب المعروف هو الانذار بالشؤم فقط وقد قلبها وكسر قيودها نحو عالم أجمل وأكثر رحابة وتميزاً.‏

أما عناصر التشويق فكانت حاضرة عبر (غراب الأوبرا) وأثارت مخيلة الطفل ولا سيما في سعي الغراب وراء تصميمه وصراعاته مع محيطه من جهة ومع أفراد القرية التالية، وقد اخترق العالم المجهول مفضلاً إياه على الارتهان والتسليم للمقولات الدارجة دون التمحيص فيها أو النظر في جدواها الحياتية، وتخلص من كونه نذير شؤم أبدي في الحياة فتمرد وكسر قيوده وبحث عن جديد يلائمه مجسداً الأرقى. هكذا تجسدت مقولة العمل متمكنة من مداعبة عقول الكبار أيضاً وقد طعمت خطوطها الدرامية بما يستلزمه مسرح الطفل كي يكون جذاباً ومشوقاً، فكانت هناك المؤثرات الموسيقية وخصوصاً أن الموسيقا والغناء كانا المحرك الرئيسي للأحداث، كما برزت المؤثرات اللونية والضوئية التي تغايرت بسطوعها، فخلقت ألواناً متجددة ومبهجة، أما التفاعلية التي ربطت العرض بالطفل فتحققت بامتياز عندما أشركته بشكل غير مباشر وحرضته على تقديم آرائه ومواقفه، تجلياً لأحد أهم مهام مسرح الطفل في تحقيقه المتعة البصرية والحكائية من جهة وإفساح المجال أمامه للتعبير عن ذاته خلال الحالة المطروحة من جهة أخرى، فها هم الأطفال يرددون مناصرين الغراب صاحب الإرادة والتصميم السلم الموسيقي لمساعدته في تحقيق حلمه، فتمكن العرض في هذا الجانب أيضاً من الامساك بمفاتيح عوالمه وإدارتها في الوجهة الصحيحة.‏

غراب الأوبرا تأليف: شادي دويعر، واخراج: مازن العباس.‏

تعليقات الزوار

عدنان سلوم |  adnan.salloum@gmail.com | 13/02/2009 09:15

تحية طيبة لكل فنان أو إعلامي يعطي انتباهاً لثقافة وفنون الطفل وتحية لمازن عباس الفنان المبدع المصر على إنجاز عمله كأصرار غرابه .. وشكراً .. آنا عزيز الخضر التي تبحث دائماً في كواليس مسارحنا الرطبة عن خبر جديد يهم أطفالنا .. لتكتب وأن كان نقداً أو رأياً دعماً للتجربة نحتاج إلى الكثير كمازن وغرابه وآنا وقلمها للتقدم بعض الخطوات في مجال ثقافة وفنون الأطفال دون فتح أحاديث حول الإدارة المترهلة والدعم المادي الذي يشبه الشحادة. وفق الله الجميع وما زال الخير بالدنيا المخرج عدنان سلوم

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية