تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أطفال المعنَّفات معنَّفون بمتوالية لا تنتهي

مجتمع
الجمعة 14/11/2008
محمد عكروش

العنف الأسري كان ولا يزال يعتبر مسألة اجتماعية مقلقة في مجتمعنا, فمعظم حوادث العنف تبقى طي الكتمان لا يعرفها أحد,

هذا الواقع قد جعلنا نشعر بضرورة وجود تغيير يطول النساء والذي يجعل المرأة في كل وقت عرضة للضياع والتشرد في غياب آليات وقائية تحمي المرأة عندما تتعرض للعنف سواء داخل الأسرة أو خارجها ويبقى التساؤل: هل يؤثر العنف الموجه ضد المرأة على دورها كأم وعلى علاقتها بالمجتمع والمحيطين بها?‏

حكايات من الواقع‏

وقبل الإجابة نود سرد أحدى القصص من الواقع حكايات لسيدات عانين من صور العنف...‏

( أم حسن) 40 سنة ربة منزل قالت تزوجت وكان عمري 24 سنة, أحببت زوجي كثيراً وتزوجته على الرغم من عدم رضا أهلي عن هذا الزواج, أنجبت ثلاثة أولاد صبيان, كنت سعيدة في زواجي في البداية, ولكن بعد مرور فترة قصيرة من الزمن تغير معي بسبب تعرفه على أصدقاء لهم عادات سيئة, وهي السهر ليلاً حيث أقنعوه بذلك ومن يومها أصبح يقوم بالسهر معهم وشرب الخمور أيضاً وعندما يأتي في نهاية الليل يوقظ أولادي وينهال علي بالضرب, وعندما يقوم بضربي أمام الأولاد يبكون ويخافون حتى إنهم لايستطيعون القيام بواجباتهم المدرسية عندما يكون أبوهم في المنزل خوفاً منه وأنا أيضاً نفسيتي سيئة جداً ومنعزلة عن أصدقائي وأهلي خجلاً منهم حتى لا يلاحظوا الكدمات الموجودة على وجهي وجسمي وأنا الآن لا أعرف ماذا أفعل, فكلما طلبت من زوجي أن يبتعد عن رفاقه ينهال بالضرب علي أيضاً ويطلب مني ألا أتدخل في حياته الشخصية وأن أهتم بأولادي فقط.‏

تزداد الفجوة اتساعاً‏

وبعد هذه القصة ويوجد الكثير الكثير منها قد تكون من مظاهر الهيمنة الذكورية في مجتمعنا وظاهرة العنف ضد المرأة بأشكاله المختلفة الجسدي والجنسي واللفظي والنفسي والاقتصادي وتزداد الفجوة معه اتساعاً, هذا ماعبرت عنه الأستاذة والباحثة الاجتماعية رانيا منصور إذ تشير الاحصاءات الحديثة إلى أنه يموت سنوياً مليون إنسان في مختلف أنحاء العالم بسبب أذيات مرتبطة بالعنف, وعدد كبير منهم يعاني من عاهات دائمة ويعتبر السبب الرئيس الثالث للوفيات من عمر 15-44 سنة وخاصة النساء في سن الإنجاب.‏

وتستطرد منصور بالقول: لهذا فالسلوك أو الفعل الموجه إلى المرأة ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والعدوانية ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء والذي يتخذ أشكالاً نفسية وجسدية متنوعة في الأضرار.‏

جملة من الأسباب‏

وعن أسباب العنف الممارس ضد المرأة?‏

هناك جملة من الأسباب منها ذاتية تتعلق بالمرأة نفسها كالسكوت كرد فعل ما يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرؤ أكثر فأكثر وأسباب ثقافية كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه وقد تكون تربوية منشؤها عنيف تولد لديه العنف فيكون ضحية لذلك وتلعب أيضاً العادات والتقاليد في طياتها لرؤية جاهلة لتمييز الذكر عن الأنثى.‏

ولا ننسى الأسباب الاقتصادية والخلل المادي الذي ينعكس على المستوى المعيشي فيكون الرجل الممول للمرأة فيحق له تعنيفها وذلك عبر اذلالها وتصغيرها من ناحية, ومن الطرف الآخر تقبل المرأة بهذا العنف لأنها لا تتمكن من إعالة نفسها أو أولادها.‏

وقد أثبتت الدراسات أن العامل الاقتصادي يأخذ نسبة 45% من حالات العنف ضد المرأة.‏

حلبة صراع نفسي‏

> ما الأثر الجسدي والنفسي للعنف الجسدي ضد المرأة?‏

>> إن العنف الجسدي الذي يمارس على المرأة يخلق إيذاء للنساء يظهر على شكل جروح وعدم انتظام الأكل والنوم وضعف التركيز وخلل الذاكرة وفي أشد الحالات يؤدي إلى الموت. كما أن آثار العنف تتخطى الجانب الجسدي إلى الجانب النفسي حيث تترك آثاراً واضحة من تغير حب الزوجة لزوجها وفقدان الثقة بالنفس. وعدم الشعور بالأمان يجعل البيت خالياً من الراحة والحب ويقلبه لحلبة صراع نفسي ينعكس سلباً على أفراد العائلة. وأضافت منصور: يعد الاكتئاب والانطوائية أكثر الأمراض النفسية التي تصيب المرأة كما يلاحظ أيضاً على الزوجة المعنفة لوم الزوجة لنفسها ويأخذ شكل الندم على الزواج والكآبة المستمرة التي تحيطها أيضاً.‏

> ماذا عن الآثار الاجتماعية للعنف الجسدي ضد المرأة?‏

>> العنف يجعلها غير قادرة على أداء عملها ويؤدي لعزلتها عن العالم الخارجي بسبب مراقبة زوجها لتصرفاتها اليومية مع الأقارب والصديقات.‏

مفاهيم مغلوطة‏

-وماذا عن أثر العنف الجسدي الممارس ضد المرأة على الأطفال?‏

لقد تبين من أطفال الأسر التي يحدث فيها العنف والإيذاء ضد النساء أنه تترتب على ذلك آثار وخيمة منها العدوانية ونوبات الغضب والفجاجة مع الآخرين والجنوح كما أن العنف يخلق لديهم أطفالاً مسلوبي الإرادة فاقدي الشجاعة ومضطربي الشخصية كما أنه يعكس أيضاً شخصية ذكورية مريضة تسبب القلق والاكتئاب للأفراد وترسيخ مفاهيم مغلوطة لدى الأطفال.‏

> وعن الحلول ?‏

>> لا بد من وضع حلول منها:‏

-برامج تثقيفية توعوية في تغيير النظرة التقليدية التي تعزز دونية المرأة ويمكن أن توجه هذه البرامج إلى الرجل قبل المرأة.‏

- تأهيل وتدريب الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين والصحيين للتعامل مع النساء والفتيات ضحايا العنف.‏

-أن يأخذ الاعلام دوره بمعالجة ومناقشة ظاهرة العنف ضد المرأة من خلال ندوات برامج وكتب وغيرها لتغيير وجهة نظر المجتمع نحو هذه الظاهرة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية