فبالقدر الذي نجحت فيه الحركة المباركة في برامجها التنفيذية التي رسمت الملامح الواضحة لمسيرة البناء الوطني لسورية الحديثة ركزت على منطلقات هامة في المجال الاقتصادي والتنموي في البلاد , حيث توجهت الى الانسان الذي عرفته بمنطلق الثورة واساس عملية البناء فاعتمدت على تشجيع وتنمية المبادرات التنموية الانتاجية وتعزيز دور القطاع العام لبناء القاعدة الاقتصادية التي توفر لسورية عوامل الصمود وتحقيق النجاحات على المستويين العربي والعالمي ووفرت لهذه الغاية مستلزمات القوة التي جعلتها تولي المسألة الزراعية جل اهتمامها خاصة بعد ان اطلق قائد التصحيح الخالد حافظ الاسد شعار التوازن الاستراتيجي والاعتماد على امكاناتنا الوطنية فنهضت الزراعة بكافة وجوهها واثمرت عطاءاتها ارقاما مهمة في نهضتنا المعاصرة حيث ارتفعت محاصيلنا الزراعية من مرحلة العوز والاكتفاء الى مرحلة النجاح اللافت في مجال زراعة المحاصيل الاستراتيجية لتحقق سورية بموجب هذه السياسة ما يقارب /5/ ملايين طن قمحا ويرتفع انتاج وحدة المساحة من القطن والمحاصيل الاخرى.
وبالمقابل فتحت الباب على التوازن في الميزان التجاري مع العالم الخارجي فنهضت صناعتنا المحلية جودة وانتاجا ونوعية وكماً ونجحت في تحقيق سمعة عالية مكنتها من الدخول بقوة الى الاسواق الخارجية في وقت جاء فيه التركيز على زيادة الانتاج وتحقيق القيمة المضافة للمنتجات الزراعية والصناعية من خلال طرحها مبدأ التعددية الاقتصادية الذي كان لها فيه حصان السبق فسارت القطاعات الانتاجية/العام-الخاص-المشترك -والقطاع التعاوني / خطوات واثقة بهذا الاتجاه محققة نقلات نوعية مشهودة انعكست ايجابيا على المقدرات الاقتصادية المتاحة للبلاد.
ولا ينكر المتابعون لمسيرة البناء التنموي والاقتصادي في سورية ان حركة التصحيح المجيد لم تعتمد القوالب الجاهزة في فرض برنامجها الاقتصادي ولم تتعامل بموجب هذه القوالب فواكبت المتغيرات المحلية والعربية والدولية في المجال الاقتصادي وفتحت ابواب البلاد على علاقات ثنائية واتفاقات دولية ظهرت بوادرها خلال تلك السنوات فتعاملت مع كل منها بالكثير من المرونة والخصوصية الوطنية السورية ودون ان يكون لهذه المرونة والانفتاح على العالم منعكسات سلبية على الثوابت السورية بل على العكس تماماً بقيت سورية في ظل التصحيح المالك الاهم للاستقلالية في القرارين الاقتصادي والسياسي محافظة على ثوابتها ومدافعة صلبة عن مواقفها حيث اكد الزمن هذه الحقيقة.
وبالقدر ذاته الذي توجهت فيه الحركة التصحيحية الى الانسان والقاعدة الجماهيرية فقد استنبطت حلولا منطقية لمواجهة المشكلات والتحديات فطرحت مبدأ التشاركية في القرار الاقتصادي دون الغاء التعددية حيث سار المصطلحان بتكامل سرعان ما اثمرت مسيرتهما فيه خيرا للبلاد والمواطن معا.
المهم ان هذا المبدأ جرى سحبه على كامل مساحة الوطن وكامل مواقعه الاقتصادية الامر الذي يفسر التوجه الى تنمية الارياف والاهتمام بها لأنها تمثل الخزان البشري والمادي للقوة الاقتصادية المنتظرة فشهد الريف السوري حالة تنموية متكاملة من خلال نهضته في مختلف مشاريع البنى التحتية للريف وتوفر مستلزمات الانتاج وتوجيه الصناعات الى المناطق النائية والنامية السورية عموما.
واكتملت مسيرة التصحيح بمسيرة البناء الوطني مع بداية عام 2000 لتتابع المسارات الواثقة نحو البناء المتكامل للوطن والانفتاح على العالم المحيط والعالم الاوسع في ظل ثورة التقانة والاتصالات والنمو السريع لمتطلبات الانتاج وتوسع التجارة العالمية فأكدت اننا لا نعيش في جزيرة منعزلة وآمنت بالتواصل والتعاون مع الآخرين فانطلقت من مبادرات تعزيز العمل المشترك الى ان تكون اللاعب الرئيسي في الاتفاقات الاقتصادية العربية مثل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية واتفاقية التجارة العربية الحرة التي وضعت بشكل نهائي موضع التنفيذ العملي مع بداية عام 2005 ليصبح تدفق السلع العربية الى الاسواق حالة لا تخلق المنافسة وحسب بل لتشكل حافزاً للصناعة السورية بأن تطور ذاتها بالاعتماد على التقانة الحديثة وتبدأ مرحلة جديدة من التحدي واثبات الذات والتفوق .
وجاء ذلك من منطلق كل القطاعات تعمل معاً من اجل الاقتصاد الوطني فنما القطاع الخاص السوري وتنوعت اشكال مساهماته ودخلت لاول مرة صناعة السيارات والصناعات الالكترونية اسواقنا وتعززت المبادرات في ظل توجه نوعي نحو قطاعات الاستثمار التي مهدت لها بالكثير من السياسات التشريعية والتنفيذية لاستقطاب اكبر عدد ممكن منها فأصدرت منظومة متكاملة من القوانين الاقتصادية اللافتة مثل اسواق المصارف والتأمين واسواق المال والمناطق الحرة والمدن الصناعية الكبرى وقطاعات انشائية واستثمارية في مجال العقارات والسياحية والخدمات وغير ذلك من الصناعات النوعية الثقيلة التي اصبحت رقماً مهماً على الخارطة الاستثمارية السورية.
وبالمقابل فإن خيار سورية لم يكن التحول باتجاه اقتصاد السوق وحده بل جعلت هذا الخيار موازياً ان لم نقل اكثر للمفهوم الاجتماعي في عملية التطبيق والحفاظ على النجاحات في صناعات القطاع العام والتفكير الجدي المسؤول في تقديم الحلول التي تحافظ على عناصر الاستمرار والقوة في هذا القطاع والحفاظ على دوره في حماية الطبقة العاملة وجماهير الكادحين .
من هذا المنطلق مازالت سورية أمينة لثوابتها ولنموها وتطويرها من خلال الالتفاف حول مسيرة التحديث والتطوير التي يقودها السيد الرئيس بشار الأسد بكل ثقة .
ومازالت جماهير التصحيح وفية لعهدها ومنطلقاتها ومبادئها والمستقبل الذي يستند الى قاعدة واثقة من الحرص على ابناء الوطن , فسورية التي صححت مساراتها تعرف جيداً كيف تنطلق للامام واثقة قوية حتى تتعزز فيها مسيرة التصحيح المتجددة بوجهها الحالي التحديث والتطوير في وطن تتلاقى فيه ارادة ابنائه على الوحدة الوطنية .