من النواحي البيئية والهيدرولوجية والسياحية والخدمية, أقام المعهد العالي لبحوث البيئة في جامعة تشرين مؤتمر التنمية المستدامة في الساحل السوري بالتعاون مع هيئة تخطيط الدولة ومكتب اليونسكو (بيروت) ومكاتب اليونيب (البحرين), واستمر ثلاثة أيام بحضور د.غياث جرعتلي وزير الدولة والرفاق أمين وأعضاء قيادة الفرع في الجامعة ود.أمير ابراهيم رئيس الجامعة والسادة المديرين العامين وحشد من المهتمين.
وقد ألقى وزير الدولة لشؤون السكان د.غياث جرعتلي كلمة أكد فيها أنه لا يمكن قيام التنمية واستمرارها على أساس مورد بيئي متدهور, وقد استخدمت الهيئة العامة العالمية المكلفة لدراسة قضايا البيئة في عام 1987 لأول مرة مفهوم (التنمية المستدامة) بأنها تحسين نوعية الحياة البشرية مع تقبل العيش ضمن الطاقة الاستيعابية للغلاف الجوي, وأكدت على ضرورة المحافظة على توازن النظم البيئية باعتبارها أمانة ملقاة على عاتقنا نحن أبناء الجيل الحالي لتوصيلها للأجيال القادمة بنفس الجودة التي استلمناها بها.
كما أكد رئيس الجامعة في كلمته على أهمية حصر الموارد المختلفة وإدارتها جيداً لكي تأخذ دورها في بناء الاقتصاد الذي يؤمن استقراراً للمجتمعات الإنسانية, وبالنسبة لبلدنا بشكل عام ولساحلنا السوري بشكل خاص يمكن أن تنحصر المصادر الأساسية للتنمية المستدامة بقطاعات الزراعة والبيئة والمياه والطاقة والموقع الجغرافي والسياحة والمناخ والتكنولوجيا والقطاع الخاص الصناعي الصغير إضافة للطاقات البشرية ونقاط أخرى تتكامل معها.
وأشار د.هيثم شاهين عميد المعهد العالي لبحوث البيئة في جامعة تشرين في كلمته إلى هدف المؤتمر في نسج رؤى جديدة وإرساء بنى علمية سليمة لدعم التنمية المستدامة في الساحل السوري وإكسابها البعد البيئي الذي كانت قد تجاهلته سابقاً وذلك من خلال التركيز على المواضيع التالية: الواقع الراهن للساحل السوري والمشكلات التي يعاني منها, ركائز وسياسات التنمية المستدامة في الساحل السوري, تجارب التنمية المستدامة للمناطق الساحلية في الدول العربية والأجنبية.
وألقيت كلمات المدير العام للهيئة العامة للاستشعار عن بعد ومكتب اليونسكو ببيروت ومكتب اليونيب بالبحرين فتحدث عن أهمية صياغة سياسات ذات صلة على المدى الطويل لأنشطة متكاملة مرتكزة على ترابط الاختصاصات والطابع التقدمي للتنمية في أطر اجتماعية اقتصادية ثقافية وبيئية خاصة, بالإضافة للتأكيد على أن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية تشكل أداة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة وخصوصاً أن منطقة البحر المتوسط هي نقطة التقاء القارات الثلاث وهي مهد الحضارات, وتتعرض هذه المنطقة لضغوط كبيرة نتيجة الزيادة السكانية والكثافة العالية في النشاطات البشرية والاقتصادية بكافة أشكالها.
جلسات المؤتمر تمحورت حول ثلاث نقاط, المحور الأول: كان عن دراسة الواقع الراهن للساحل السوري والواقع البيئي والمشكلات التي يعاني منها وتضمن محاضرات غنية ومهمة منها محاضرة عن دراسة التراكم الحيوي للرصاص عند نوعي الأسماك في منطقتين من الساحل السوري قدمتها سمر اختيار وأظهرت فيها بعض المعلومات عن التراكم الحيوي للرصاص في نوعين من الأسماك التي تعتبر من الأنواع السمكية الصالحة للاستخدام كمؤشرات حيوية في البيئة البحرية السورية, وقد أظهرت النتائج تأثيرات مهمة للمصادر البرية على تراكم الرصاص في نسيج الأسماك المدروسة, وقدم د.عيسى كبيبو دراسة عن التلوث الجرثومي لنباتات مروية بمياه نهر القش (محافظة اللاذقية), بينت الدراسة فيها ارتفاع قيم مؤشرات التلوث بالأحياء الدقيقة في المياه مع ازدياد درجة الحرارة, وكانت نتائج رصد التلوث الجرثومي في النباتات المروية بهذه المياه وشمل المحور الثاني للمؤتمر ركائز وسياسات التنمية المستدامة في الساحل السوري وتصورات وسياسات التنمية المستدامة في القطاعات السياحية العمرانية الاقتصادية والاجتماعية, حيث قدم بحث بعنوان استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظام المعلومات الجغرافية في تحديد مصادر مائية في المنطقة الساحلية (نماذج تطبيقية) للدكتور عيسى علي, وبين البحث أنه من خلال الدراسات تم تنفيذ العديد من المشاريع المائية الناجحة في المنطقة الساحلية على سبيل المثال لا الحصر.
وبين د.م أحمد قصير في بحثه: معالجة الغازات الناتجة عن صناعة التبغ في معمل اللاذقية, أن نتائج القياسات بينت أن طريقة المعالجة جيدة حيث انخفض تركيز الغبار والعوالق الكلية (TSP) إلى قيم صغيرة تقع ضمن الحدود المسموح بها وأن تركيز المواد القطرانية بعد المعالجة عند مدخل ومخرج برج الغسيل قد انخفض كثيراً حيث بلغت كفاءة المعالجة حوالى 85%, بالإضافة إلى انخفاض تركيز أبخرة الغازات العضوية الطيارة قبل وبعد وحدات المعالجة المطبقة وعدم وجود أبخرة وغازات مركبات عطرية مثل البنزين والتولوين والكزيلين.
وأشار د.أديب علي سعد في محاضرته (دراسة ميدانية حول المواقع المقترحة لإنشاء محميات بحرية شاطئية ودورها في التنمية المستدامة على الساحل السوري), إلى أهمية المحميات البحرية والشاطئية والتي تعد من العوامل المهمة والأساسية في تحقيق التنمية المستدامة للبيئة الساحلية وقد تم إعداد دراسة حول المواقع المناسبة لإنشاء محميات شاطئية بحرية حيث شملت تلك الدراسة الخصائص الطوبوغرافية والهيدروغرافية والحيوية لكل موقع مع التكاليف المقدرة لإنشاء وصيانة المحمية على المدى القريب (5 سنوات) والمدى البعيد (أكثر من عشر سنوات).
واستعرض د.ماهر لفاح في ورقة بحثه (التنمية المستدامة للتراث العمراني في مدن الساحل السوري) حالة التراث العمراني في المناطق القديمة لمدن اللاذقية وطرطوس وجبلة باعتماد المنهج التحليلي الاستقرائي وذلك للوصول إلى تحديد الخطوط الأساسية للاستراتيجيات التنموية المناسبة للتراث العمراني في مدن الساحل السوري واستقراء الركائز الأساسية لاستراتيجية التنمية المستدامة لهذا التراث والمرتبطة بأهداف الاستراتيجيات التنموية المقترحة.
وتناول د.هاني ضرغام في بحثه (تأثير المصادر المدنية وال
وعرض د.صالح المزيين - رئيس مجموعة أبحاث إدارة النفايات - معهد الكويت للأبحاث العلمية في بحثه (استراتيجية تأهيل الساحل البحري لدولة الكويت) السياسات والإجراءات التنفيذية المطلوبة لتنمية ساحل جون الكويت البحري ضمن إطار خطة استراتيجية للحد من الأضرار المباشرة وغير المباشرة حول جون الكويت مع تحديد مصادر التلوث واقتراح أفضل السبل للحد منها وإلقاء الضوء على المشاريع التنموية القائمة والمستقبلية.
وخلصت دراسة د.م.محمد الرازق من جمهورية مصر (المتطلبات الحرارية للإسكان على الساحل الشرقي للبحر الأحمر بمصر) إلى أن توفير الإظلال واستخدام المواد العازلة من الأمور الحتمية التي يجب الأخذ بها وأيضاً التوجيه المناسب واختيار نوع مادة البناء المناسبة يؤدي إلى تواؤم المبنى مع البيئة الحرارية وخفض الأحمال الحرارية بمقدار يصل إلى حوالى 50%.