تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التنشئة الاجتماعية.. ودورها التربوي في تفاعل الأهل مع الأبناء

مجتمع
الأربعاء 12/10/2005م
محمد عكروش

أخذ الصغير يتحدث إلى والديه حديثاً يفيض بالسعادة حيث إنه سيقوم بتمثيل دور في مسرحية مدرسية وهو يأمل أن يحضر والده هذا الحفل

من أجل رؤيته وتشجيعه ولكن الصغير لم يجد عند والده بالذات ترحيبا بالفكرة فهو مشغول فشعر الطفل بالضيق وظهرت على وجهه علامات الاستياء وكان نتيجة هذا الموقف أن أخذت الأم في عتاب الأب على تصرفه مع طفله وتوتر الجو بين الطرفين فالأم تتهم الأب بأنه لا يحاول إرضاء ابنه والأب يلوم الأم على تضخيمها للأمور وتحاول إظهاره أمام ابنه أنه مذنب ومقصر وهذه الصورة تعكس تصرف أحد الوالدين على نفس الطفل.‏

هذا مشهد من مشاهد عديدة تتكرر كل يوم تختلف أسبابها وتتنوع صورها ما قادنا إلى الاستطلاع التالي وإلى طرح العديد من الأسئلة عن مواقف الآباء والأمهات من أبنائهم وبناتهم ولاسيما عند المناقشة والاختلاف ومواجهة العديد من الأمور العائلية فبماذا يمكن أن يجيب عليها الاختصاصيون.‏

هل من المعقول من الناحية التربوية أن ينقد أحد الزوجين الآخر أمام الصغار?‏

وهل يصح الاختلاف في طريقة التربية والتوجيه بين الأب والأم?‏

وهل يجب إبعاده نهائيا عن جو هذه الاختلافات? وكيف يمكن تحقيق ذلك?‏

حملنا هذه الأسئلة للمرشدة التربوية آسيا الدريعي والعضو في الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية.‏

بداية ان من واجب الأسرة توفير الأمن والطمأنينة للطفل فمن حقه أن ينشأ وينمو ويكبر في جو مفعم بالمحبة وضمن أسرة تحكم علاقاتها التفاهم والمحبة وتقوم الأسرة بوظيفة حيوية إذ تلقن الطفل العناصر الأساسية لثقافة الجماعة ولغتها وقيمها فالتنشئة الاجتماعية عملية تربوية تقوم على التفاعل بين الطفل والأسرة.‏

على اختلاف أنماط التربية‏

> كيف يمكن للأسرة على اختلاف انماطها أن تلعب دورا هاما في حياة أفرادها?‏

>> ما يمكن قوله على اختلاف انماط التنشئة ان بعض الأسر تنتهج منهجا قائما على الحوار المتبادل مع الطفل وأخذ مشاعره وآرائه بعين الاعتبار فالطريقة القائمة هي علاقات أسرية صحيحة ومتماسكة يكون الطفل طرفا مؤثرا فيها ومن جهة اخرى تنهج بعض الأسر منهجا مغايرا حيث تقوم على الاستبداد (أفعل كذا لأنني قلت ذلك) فتقتصر السلطة على جملة أوامر وتعليمات مايؤدي إلى انقياد الطفل وقبوله ما يفرض عليه وقتل روح المبادرة والاستقلالية في ذاته ما يستدعي ثورة الطفل والتمرد وينعدم التواصل بين الأهل والافراد.‏

وهناك نوع آخر ينتهجه الأهل هو أسلوب العقاب الجسدي وسيلة من وسائل التنشئة والتهديد بالحرمان من العطف والمحبة ما يؤدي لزرع الخوف في نفس الطفل ويعرقل نموه النفسي والاجتماعي.‏

فما العمل إذاً? يجب على الأب والأم أن يعرفا كيف يوفر كل منهما الراحة النفسية والحب والدفء للطرف الآخر ما يسمح للأطفال بنمو سوي وطبيعي.‏

> هل من المقبول من الناحية التربوية أن ينقد أحد الزوجين الآخر أمام الصغار?‏

>> هذا غير مقبول فعندما لايكون الوعي بين الزوجين ويقومان بانتقاد احدهما الطرف الآخر امام الصغار فتنشأ العلاقة غير السليمة بين الأب والأم ما يؤثر سلبا على قدرة الأولاد على تكيفهم مع ذاتهم وأسرتهم أولا ومع مجتمعهم ثانيا ما يؤدي لتأثيرات سلبية على إبداعاتهم ونشاطاتهم الحياتية والاجتماعية ويظهر هذا الأثر في مرحلة مراهقتهم وبعلاقتهم بآبائهم وقد يصبحون أزواجا غير ناضجين وغير صالحين أحيانا.‏

طرف ثالث‏

> هل يصح الاختلاف في طريقة التربية والتوجيه بين الأب والأم?‏

>> عندما يكون هناك اختلاف في طريقة التربية والتوجيه بين الأم والأب لابد من طرف ثالث يقوم بتقديم الدعم والدفء العاطفي للابن أو الابنة وتدريبهم وإرشادهم لأنه لا يمكن ترك الصغير بمفرده بل لابد من مساندته وتقديم العطف والإصغاء له وفسح المجال له للتعبير عن مشاعره حتى يتم تأمين المساعدة اللازمة من قبل المختصين وهذا التدخل ضروري قبل فوات الأوان وإلا فسيؤثر ذلك على الابن أو الابنة وقد يتجلى هذا الشعور بالحزن والاكتئاب كما يرافقه إرهاق ونقص بالنشاط والتفاعل وانطواء وعزلة وإحساس بالقهر والإحباط,وتعبيرات كلامية مثل: ليتني لم أولد, لماذا يحدث هذا معي, فيسود المنزل جو من الحقد والكراهية والتفكك الأسري فيقع الصغير ضحية لهذا الصراع بين الوالدين.‏

احترام الآراء المختلفة‏

> كيف يمكن إبعاده عن جو الخلافات وكيف يتم تحقيق ذلك?‏

>> لابد في تربيتنا أن نبعد اولادنا نهائيا عن كل خلافاتنا الزوجية وتعليمهم اسمى القيم الأخلاقية والاجتماعية حتى ننشىء جيلا واعيا قادرا على مساعدة الآخرين واحترامهم بعيدا عن الأنانية الذاتية والإرضاء الذاتي ويتم ذلك من خلال الزوجين نفسهما وتقبل أي خلاف يدور بينهما واحترام كل طرف أفكار وآراء الطرف الآخر فعندما نتقبل رأي الآخر نكون قد استخدمنا المفتاح الأساسي لتأمين القاعدة الأساسية لخلق جو من المحبة والطمأنينة بين الزوجين اللذين هما المثل الأعلى للأبناء ولتعليمهم أنه مهما حدث خلاف بين الوالدين فمن خلال الحوار العقلاني واستخدام المنطق يستطيع الزوجان الوصول لحل اي مشكلة يعانيان منها من دون تدخل الطفل وإشراكه بذلك فالخطر الأشد الذي ينجم عن كل زواج غير متكافىء أن يتجلى حين يشب الأولاد ويميلون لأحد الأبوين ويعرضون عن الطرف الآخر ولايقيمون له وزنا ولن يكون هؤلاء الأبناء نافعين لأنفسهم واسرهم لأن مركز التوازن في نفوسهم قد اختل نتيجة لرؤيتهم للمشاحنات والمشاجرات والضغائن والمكائد بين الزوجين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية