وللخوض في فلسفة الدفاع المشروع والتفريق بينه وبين الأمثال الأخرى التي قد يرتكبها الشخص تحت عنوان الدفاع عن النفس, التقينا الاستاذ المحامي أحمد سعيد رزق دبلوم دراسات عليا في القانون الخاص. وقبل مناقشته في موضوع الشروط والأحكام أشار إلى أن الدفاع المشروع يتضمن فعلين متقابلين الأول: هو الاعتداء على حق حماة القانون والثاني: هو رد فعل عليه, كي يحبط ما يرمي إليه من عدوان وأذى, الا أن شرعية الدفاع محاطة بشروط حساسة, حيث يشترط في الفعل الأول ( فعل الاعتداء) أن يكون واقعاً إما على النفس أو على المال ( وهو كل ما يملكه الانسان) ولا فرق أن يكون المدافع عنه (نفس أو مال لذات الشخص أم لغيره). ففي كلا الأمرين ينضوي ذلك تحت الدفاع المشروع. كما لا يشترط في الاعتداء أن يكون على درجة معينة من الخطورة حتى يكون شرعياً فعلى سبيل المثال: ومن المتعارف عليه أن السارق أو المجرم يفتك غالباً بمن يعترضه, بغية إخفاء الجريمة, ويذهب المعتدى عليه ضحية تردده في الدفاع عن نفسه أو غيره أو ماله. الا أن هذا الحق لا يمتد إلى القذف أو السب أو التحقير وما شابه ذلك لا يعتبر اعتداء مادياً. لكن يمكن للشخص أن يستفيد من عذر الإثارة إذا توافرت شروطها. ومن الجدير ذكره أن البت بموضوع الدفاع المشروع يعود إلى قاضي التحقيق.
ويتابع الاستاذ رزق حديثه بالقول: إن هناك شروطاً أخرى لشرعية الدفاع وهي أن يكون الخطر حالاً أو على وشك الحلول, أي أن الاعتداء لمرحلة التنفيذ أو الشروع وأيضاً أن يكون الاعتداء غير محق أو مثار, مثلاً من يعتدي على شرطي بالقبض عليه بمهمة قانونية فلا يعتبر ذلك دفاعاً مشروعاً, لأن الشرطي ينفذ مهمة رسمية. وكذلك لو افترضنا أن لصاً دخل منزل, ثم تنبه له صاحب المنزل وهمّ بقتله أو الاعتداء عليه فليس للص أن يرد هذا الاعتداء متذرعاً بالدفاع عن نفسه.
أما عن شرعية الدفاع فيما يخص الفعل الثاني الذي يأتي كرد فعل على الاعتداء يقول القاضي: إن ذلك لايكون شرعياً الا إذا جاء حسب الشروط التالية: أن يبدأ الرد قبل انتهاء فعل الاعتداء, أما إذا كان الفعل متوقعاً وكان في مقدوره الخلاص بسلوك طريقة أخرى (كاللجوء إلى الشرطة أو القضاء مثلاً) ولم يفعل فلا يعتبر ذلك دفاعاً مشروعاً. وعلى سبيل المثال لو أشعل الجاني النار في مال ما ثم هرب فتبعه المعتدى عليه و اعتدى عليه, ففي هذه الحال أصبح الأمر انتقاماً وليس دفاعاً, فليس للمرء أن يأخذ حقه بنفسه والسلطة هي المنوط بها معاقبة المجرمين, وفي مثال آخر: لووقع قتل السارق من قبل صاحب المال بعد إتمام السرقة فإنه يكون مرتكباً جريمة قتل مقصودة.
ومن الشروط الخاصة بهذا الفعل أن يكون فعل الدفاع ضرورياً. فقد يكون بالامكان الإمساك بالشخص المعتدي وبالتالي لا يجوز الاعتداء عليه ولا يستفيد من حالة الدفاع المشروع..
وأخيراً من المهم جداً أن يكون هناك تناسب بين فعل الاعتداء وفعل الدفاع أي تناسب بين الفعلين, فليس من المقبول أن يقتل شخصاً آخر لأنه صفعه على وجهه, أي عدم تجاوز الفعل إلى أكبر منه, ومن كان قادراً على إنقاذ نفسه بجرح المعتدي, فلا يحق له قتله. ومتى كان فعل الدفاع متناسباً مع فعل الاعتداء لاينظر إلى درجة خطورة هذا الفعل.
ومن الضروري تبيان أن المحكمة وحدها هي التي تقدر ذلك.