ولعل أبرز هذه الوسائل المشروعات الصغيرة والمتوسطة, والتي يبرز دورها مؤخراً في تفعيل استراتيجيات النمو, إضافة لما تلعبه من دور مهم في زيادة فرص التشغيل ومواجهة الفقر, مع الناحية الأهم في كل ذلك ألا وهي إعادة توزيع الدخل.
هذه العناصر بمجملها, اعتبرتها المنظمات الدولية من الأمور ذات الأولوية, في أجندة السياسة الاقتصادية للدول النامية خصوصاً, والمتقدمة عموماً, لحاجتها لتنمية اجتماعية تالية لتنمية اقتصادية.
حول مجمل هذه النقاط وأخرى سواها التقت (الثورة) السيد حسام حسن الدارس في إدارة الأعمال, وكان اللقاء التالي:
- ما طبيعة هذه المشروعات وما مدى فاعليتها?
¯ ¯ المشروعات الصغيرة والمتوسطة من التجارب الرائدة في كثير من دول العالم, حيث تحتل في مصر أهمية كبيرة في القطاع الصناعي لما تؤمنه من فرص عمل ومساهمة في القيمة المضافة والاستثمارات الإجمالية والعمالة.
وتعتبر إيطاليا من أكثر دول العالم والاتحاد الأوروبي اعتماداً على هذا النوع من المشروعات, حيث يبلغ متوسط العمال في شركة ما /7/ عمال, إضافة إلى أن 98% من الشركات الصناعية لا تحتاج أكثر من /100/ عامل, والاقتصاد الإيطالي يعتمد في الأساس على شركات صغيرة ومتناهية في الصغر, ولكنها من أقوى الشركات المصدرة في مجالات الصناعة الغذائية والمنسوجات والسيراميك.
أما التجربة الأغنى فهي التجربة الهندية, وذلك لحاجة الهند للمشروعات كثيفة العمالة, والتي لا تحتاج رؤوس أموال ضخمة, حيث يبلغ عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها /3.2/ مليون وحدة, تسهم بنسبة 45% من الصادرات الصناعية المباشرة وغير المباشرة, والتي تمثل 95% من مشروعات القطاع الصناعي المحققة لما نسبته 40% من الناتج الصناعي الهندي, أي يعمل فيها إجمالاً ما يتجاوز 18 مليون عامل.
- ما عقبات نمو وازدهار هذه المشروعات?
¯ ¯ ترتبط مشكلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بصغر حجمها, وتكاليف الحصول على المواد الخام والمعدات, وخدمات الإنتاج من استشارات تسويقية وفنية ومالية وتدريبية, على أن الدراسات الحديثة أثبتت أن هذه المشكلات ليس سببها الأصلي صغر الحجم بل التفكك وعدم الارتباط في هياكل متكاملة, ومن هنا برزت فكرة العناقيد الصناعية, لتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة, ودعم قدراتها الإنتاجية ومساعدتها على العمل في إطار حجم كبير نسبياً, يعزز العديد من المزايا مثل استخدام التكنولوجيا المتطورة وخفض تكاليف الإنتاج ورفع الجودة, وتنافسية المنتج النهائي والتغلب على مشكلات التمويل والتسويق.
- هذا يقودنا إلى ماهية العناقيد الصناعية ومتطلباتها وتكوينها?
¯ ¯ هي تجمعات جغرافية-إقليمية-عالمية-محلية لعدد من الشركات المتقاربة جغرافياً ومؤسساتها التابعة والمنتمية لمجال عمل معين, وترتبط مع بعضها البعض بعلاقات تكاملية ومصالح مشتركة مع المؤسسات المرتبطة والمتصلة في مجال معين, بما يمثل منظومة من الأن¯شطة اللازمة لتشجيع ودعم التنافسية, ذلك كله طبعاً يحتاج لتحقيق الترابط بين الشركات الموجودة في العنقود من جهة, وبين جهات مختلفة في المجتمع بشكل عام يخدم العنقود من جهة أخرى, وذلك عن طريق مستويات عالية من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق هذا الترابط.
هذا وتتكون العناقيد الصناعية من المصنعين والموردين للمدخلات المهمة ومكونات الإنتاج والتكنولوجيا وخدمات البنية التحتية للصناعة, إضافة لقنوات التسويق ومنتجي المنتجات المكملة, كذلك الشركات ذات المدخلات المتشابهة والعمالة والتكنولوجيا المتقاربة مع هيئات التمويل والتوحيد القيادي الحكومية وغير الحكومية مثل الجامعات ومؤسسات البحث العلمي والدعم الفني والتدريب المهني, وأخيراً النقابات المهنية التي تقدم خدمات تدريب وتعليم ومعلومات.
- العنقود الصناعي عدا عما سبق هل يوجد بشكل موحد أم يختلف بحسب خصوصية كل بلد?
¯ ¯ بل هو شكل واحد يتناغم مع طبيعة كل بلد وبشكل عام فهو يتميز في أي بيئة وجد فيها بنوعين من المزايا: مزايا ديناميكية تتحقق من التعلم على مستوى العنقود بالتنوع الضمني بين الإبداع وتدفق المعرفة, إضافة إلى التعامل مع المشكلات بأساليب كفيلة بحلها من خلال العلم التبادلي, هذا من جهة, ومن جهة أخرى يتمتع بنوع آخر من المزايا هي المزايا الاستساتيكية والتي تتمحور حول تخفيض النفقات التبادلية في المراحل الإنتاجية والإنتاج, وتحقيق درجة عالية من التخصص وتقسيم العمل, إضافة إلى توفير الأيدي العاملة الماهرة, من خلال تعاون الشركات, وتركز الخبرات الفنية, كذلك حصول الوحدات الإنتاجية الصغيرة على مزايا الحجم الكبير من خلال تخصص كل وحدة في مرحلة أو جزء محدد من منتج نهائي, وتحديد الأسعار التفصيلية لشراء كميات كبيرة من المواد الخام, وآخرها تطور البنية الأساسية من خدمات قانونية ومالية وغيرها.
على أن أهم أنواع العنقود الصناعي هو الذي يحظى بدعم من الدولة, أي العنقود الصناعي الديناميكي الحاصل على دعم قوي من الحكومات المحلية والمركزية, فعندما تكون السلطات مقتنعة بوجود هيكلية العنقود كمنشآت صناعية مترابطة متكاملة, فذلك يعني ليس فقط دعمها له, بل العمل على توفير المناخ التشريعي والبيئة الاستثمارية-الاقتصادية والقانونية المناسبة, وذلك من أهم عوامل نمو واستمرار نمط العنقود الصناعي.
- ما دام الحديث عن عوامل ومناخات مساعدة للنجاح فما مقومات نجاح العنقود الصناعي حتى يؤتي أكله بالشكل الأمثل?
¯ ¯ العنقود الصناعي أولاً وآخراً هو نوع من المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفي بعض الحالات مكمل لها, وعلى ذلك فهو ذو دور مركزي في دعم الاقتصاد وإنعاشه وعليه تتركز عوامل نجاح هذا المشروع كما كل المشاريع في التخطيط السليم لدور كل طرف, ووضع شروط منصفة لنظم الدفع بين الأطراف, إضافة لاختيار الشركات عن طريق الانتقاء العادل للإدارة الكفء, والتعاون والتنسيق بين الأطراف لإتمام عملية الإنتاج, كذلك رغبة المتعاملين من الباطن في التطوير المستمر للأداء.