تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ما بعد حرب غزة.. انعطاف إعلامي يشكل على الأرض انتصاراً حقيقياً

مجتمع
الجمعة 23-1-2009م
ملك خدام

في الوقت الذي يصبو فيه العالم إلي اعلام نزيه مستقل، وموضوعي..

ونتطلع كاعلاميين لاعلام آخر غير متحيز عابر للقاءات و بلا حدود..‏

نجد آلة الاجرام الاسرائيلي - كسابقتها الأمريكية في حرب بغداد- تستهدف الاعلاميين في حرب غزة ببرج الجوهرة، أو برج الصحافيين في القطاع ، الذي كان يضم العشرات من القنوات العربية و الدولية ، بعد أن استهدفت وقتلت و أسرت في مواقع أخرى البعض منهم.‏

فقد استنكرت الحملة الدولية لحماية الصحفيين الاعتداءات التي أسفرت عن استشهاد وجرح عدة صحفيين في إطار الهجوم الاسرائيلي الشامل على قطاع غزة، و الذي بدأ في كانون الأول الماضي ، وما زال مستمراً، و تخلله تدمير مقار إعلامية فلسطينية. واستشهد في هذا الهجوم حتى الآن المصور التلفزيوني بمحطة الأقصى الفضائية عمر السيلاوي، و مصور التلفزيون الجزائري باسل فرج، وعشية بدء العدوان أصيب المصور بوكالة « شهاب نيوز» حمزة شاهين بجروح أدت إلى استشهاده لاحقاً. كما جرح أيضاً في الغارات الاسرائيلية عشرة على الأقل من العاملين في وكالة راماتان ومحطتي الأقصى و القدس الفلسطينيتين..‏

وكذلك جرح آخرون في استهداف بصاروخ مباشر لمكتبي أبو ظبي و العربية.. كما أسر الصحفي خضر شاهين مراسل قناة العالم الايرانية، الذي اعتقلته الشرطة الاسرائيلية بزعم أنه خالف أنظمة الرقابة العسكرية، عندما بث خبراً عن بدء العملية العسكرية البرية في قطاع غزة.‏

كل هذه الانتهاكات و سواها كثير كقرار إسرائيل باخضاع التقارير الاعلامية للرقابة العسكرية و هو التطور الأخطر في حرب غزة ناهيك عن حظر دخول الاعلاميين إلى القطاع للقيام بمهام عملهم..‏

يضعنا مباشرة أمام السؤال:‏

حول الامكانات التي أتيحت للاعلاميين لنقل تفاصيل الصراع بموضوعية و استقلالية و نزاهة، استناداً إلى وقائع من الميدان ، و ليس من خلال بيانات الجيش الاسرائيلي؟‏

د. فلحوط:تطور التقنيات الإعلامية قلب السحر على الساحر‏

الدكتور - صابر فلحوط- مستشار الاتحاد العام للصحفيين العرب -أشار إلى أن تطور التقنيات الاعلامية، ويقظة الضمائر لدى جيوش الصحفيين في الدارين العربية والعالمية استطاعت أن تعري هذا العدو، وتقلب السحر على الساحر، و تقدم صورته البشعة من خلال المحرقة التي نفذها في مدارس غزة، و مشافيها، و مؤسسات الأمم المتحدة .‏

وقد جاء ذلك في الوقت الذي استخدم فيه العدو جميع وسائل التزوير و التزييف و الخديعة و التضليل لايهام العالم أنه -ضحية-‏

سيطرة مجموعات الضغط المؤيدة لاسرائيل‏

قول د. فلحوط ، جاء متزامنا مع انتقاد الصحفي البريطاني الشهير المتخصص بشؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك سيطرة مجموعات الضغط المؤيدة لاسرائيل على الاعلام الغربي مؤكداً أن المعلومات المنشورة عن الشرق الأوسط في الصحف الامريكية و الغربية تخضع لضغوط هائلة من هذه المجموعات حيث قال فيسك في حديث لصحيفة برافو التشيكية: أن الصحفيين الأمريكيين يبدون «كالأرانب المذعورة» خوفاً من إطلاق هذه المجموعات عليهم التهم المختلفة، موضحا أن وقاحة مجموعات الضغط المؤيدة لاسرائيل تزداد في المناطق البعيدة جغرافيا عن الشرق الأوسط.‏

حملة من الصور الدعائية المزيفة‏

وتجدر الاشارة هنا فضلا عن ما ذكره الصحفي البريطاني فيسك إلى لجوء قوات الاحتلال الاسرائيلي، أمام عجزها عن تحقيق أي انتصار، أو تقدم في الأحياء السكنية بغزة، إلى إرفاق حملتها العدوانية بحملة من الصور الدعائية التي نشرتها وسائلها الاعلامية ، وهي صور أعدت سابقا في مناطق خارج القطاع ، تصورهم و هم يتقدمون بسهولة دونما مقاومة .. كما عمدت إلى اتباع أسلوب و خطط الالتفاف حول المدن والمخيمات في غزة، وبدأت بالانتشار والتقدم في مناطق خالية من كل شيء، لنقل صورة مزيفة إلى الرأي العام بإنها تتقدم بسهولة في القطاع بعد أن قضت على المقاومة..‏

غير أنه رغم كل هذا التضليل، والتعتيم ،والحصار الاعلامي، فقد تمكن بعض الاعلاميين الناشطين خرقه ببيانات بدأت تشكل انعطافاً إعلامياً عالمياً هو بمثابة -النصر- نحو قضية العرب المصيرية- فلسطين- واستقطاب الرأي العام العالمي نحوها، في هذه الحرب التي دمرت إسرائيل -(إعلامياً) كما أنهتها-تكتيكياً- إذ كان مارتن فلتشر أول مراسل صحفي بريطاني يصف مشاهد الدمار التي لحقت بغزة بعد ثلاثة أسابيع على بداية الحرب، والمفارقة أنه كان بصحبة مدرعة« إسرائيلية» قال فلتشر(وهو مراسل- تايمز).‏

إن المشهد غير سار، وبعد عشرين يوماً على وابل النيران الذي صبّه الاسرائيليون على تلك القطعة الضيقة من الأرض الفلسطينية بدت أول معركة فاصلة دارت رحاها هنا...‏

ووصف فلتشر ما شاهده على حافة بلدة« العطاطرة»بقوله:‏

هجرت المنازل والمجمعات السكانية الاسمنتية بسبب القذائف التي حولتها إلى هياكل خربة، وأصبحت جدرانها كوجه المريض بالجدري، مليئة بالبثور بسبب الشظايا المتناثرة...‏

وسحقت المشاتل التجارية ، وتحطمت السقوف المعدنية لما اعتاد أن يكون مصنعاً أو مستودعاً هنا أو هناك... أما حقول الخضروات فقد أهلكتها الدبابات والجرافات...‏

وأشار فلتشر وهو يصف دمار المكان - إلى ما قاله قائد المدرعة وزملاؤه بأنهم لا يساورهم أدنى شك في عدالة مهمتهم أو في استخدامهم« قوة مفرطة» وأنهم لا يدعون الادانة الدولية لعملية الرصاص المصبوب تشغل بالهم..‏

وشهد شاهد من أهله‏

وفي « الغارديان» وصف الكاتب البريطاني سيمون جينكيز المجازر الجوية الاسرائيلية بأنها نوع من الهمجية المتوحشة التي يجب محوها...‏

في حين رأى الكاتب الاسرائيلي المعروف آري شافيط في صحيفة« هآرتس» أن ما تقوم به اسرائيل حملة جنونية على قطاع غزة منوها إلى أن قصف مدينة مكتظة بالسكان هو عمل خطير حيث سيؤدي إلى تآكل الدعم الدولي لاسرائيل...‏

وقال: بعد أن يتوقف إطلاق النار سوف يغرق العالم بصور الدمار والقتل التي تتسمر لها الأبدان، عندها سنكتشف أننا سندفع ثمن مغامرة القوة الغاشمة‏

الإعلاميون الغربيون ..‏

في موقف غير مسبوق‏

غير أن اللافت في هذا التحول والانعطاف الاعلامي الكبير بعد حرب غزة نحو قضية العرب المصيرية- فلسطين- أن تكشف صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية - أن وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني قد تعرضت لموقف غير مسبوق في نادي الصحافة بالعاصمة الاميركية واشنطن عندما وجه إليها الصحفيون اتهامات صريحة« بالارهاب» جراء العدوان العسكري الهمجي على قطاع غزة إذ وصف أحد الصحفيين ليفني« بالإرهابية» مؤكداً أن إسرائيل تمنع الصحفيين من تغطية الحرب على غزة وقد جاء ذلك في نفس الوقت الذي كشفت فيه تقارير لصحفيين بريطانيين تمكنوا من دخول غزة أخيراً من بينهم كريستيان فريز مراسل بي بي سي عن وحشية العدوان الاسرائيلي على غزة واستهدافه المتعمد للمدنيين ، واستخدامه أسلحة وذخائر محرمة دوليا إلى جانب الصور المشرقة لصمود وكبرياء شعب غزة الأعزل.‏

توحد الفضائيات في بث مشترك‏

والضربة القاصمة إعلامياً لاسرائيل ، كان في توحد الفضائيات الأربع عشرة في بث مشترك لنقل أحداث الحرب الاسرائيلية العدوانية على غزة، ما يعني مولد الاعلام المقاوم الذي يشكل على الأرض انتصاراً لنصف المعركة، هذا الاعلام الذي نجح رغم الحظر والمنع والحصار الاسرائيلي وقتل وأسر زملائنا الصحفيين في إظهار الحقائق والخفايا التي حاول العدوان الصهيوني التعتيم عليها، ما ألهب الشارع العربي والعالمي الذي هب لنصرة غزة وأهلها الصامدين...‏

وفي عود على بدء، علق الدكتور فلحوط على ذلك قائلاً:‏

... لم يكن مفاجئاً ولا مستغرباً لدى العارفين في تاريخ الصهيونية النازية العنصرية، ما تقوم به من جرائم ضد شعبنا العربي الفلسطيني في غزة بعامة، وضد زملائنا الصحفيين بخاصة.‏

فمن البدهيات أنه لا شيء يخيف الحرامي والسارق المرتكب أكثر من النور... ولأن الاعلام كاشف شفاف لجرائم العدو في غزة، كان طبيعياً- من وجهة نظر العدو- أسر الصحفيين، وقتلهم، وتدمير مقراتهم، وكم أفواههم، وتحطيم أقلامهم، وإلغاء أدوارهم في فضح ارتكابات العدو وجرائمه، وفظائعه على مدار الساعة في غزة الباسلة.‏

فزملاؤنا شهداء الصحافة في غزة هم شهداء الحق والحقيقة والنور، شهداء الكلمة الشجاعة الذين أكدوا روعة وعظمة رسالتهم الوطنية والقومية والانسانية، حيث يكتبون اليوم بالدم، كما يكتبون بالقلم من أجل نشر الحقيقة وفضح العدوان.‏

ستبقى نيران غزة شاهد‏

ويتابع فلحوط أخيراً القول:‏

ولابد ونحن نحني هاماتنا وقاماتنا إجلالاًً لأرواح شهداء غزة، ونتعاهد بأقلامنا وآلامنا مع زملائنا الصحفيين البواسل من تأكيد أهمية تحرك الاتحاد العام للصحفيين العرب على صعيد المنظمات الصحفية الدولية ، وهيئات حقوق الانسان، وجميع الجهات المعنية بحرية الرأي والفكر والاعلام والتعبير لممارسة أقصى أشكال الإدانة والضغط على العدو الصهيوني لإيقاف عدوانه على المدى الطويل، وتجنيب الصحفيين جنود الحقيقة وأعمدة النور والتنوير نيران غزة التي ستبقى شاهد عدل على جرائم الصهيونية التي قتلت الأطفال والنساء والشيوخ كما قتلت أحلام السلام في هذه المنطقة من العالم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية