هذا ما فرض على اللاعبين استنفار جميع قواهم وزجّها في المواجهة ليعيش العالم حالة من الصدمة جراء سرعة تنفيذ الكرملين تعهداته، وهو ما أربك خصوم دمشق والمخططين للعدوان في إعادة ترتيب حساباتهم بعد أن نسفت الغارات الروسية خططهم على تنظيم «داعش» ، وبعد أن دقّ المسمار الأخير في نعش التحالف الأمريكي الستيني الذي خلق من دون هوية ولا شرعية قانونية.
أمام هذا الإصرار الروسي الحازم يسعى المتآمرون على سورية في البحث عن صراخهم وهزيمتهم فلم يجدوا إلا العودة لدفاتر كذبهم المهترئة ليقفوا أمام حملة هستيرية للتقليل من الدور الروسي وتصويره بضرب ما يسمى « معارضة معتدلة» ليفاجئهم الرد بضرب تنظيم «داعش» وزمرته الإرهابية وفق قرار مجلس الأمن 2170 ، لعلنا نشهد ولادة التوازن العالمي الجديد ذي الصناعة الروسية ولكن بالمفتاح السوري، وليكون عنوان التحول العالمي هو صمود سورية وتضحياتها.
دخول روسيا المباشر يشكل بداية انهيار الاحتكار الأمريكي للقوة ويرسم خطوط إعادة التوازن للسياسة العالمية ، فكما أنعشت الغارات الروسية الآمال بقرب الانفراج في المشهد السوري فإن ارتداداتها فعلت فعلها في الشارع الفلسطيني الذي يواجه عدواً شرساً قرأ في ظروف المنطقة فرصة مواتية لإكمال مشروعه التقسيمي «للأقصى» فما كان من المقاومين إلا السير في إذكاء انتفاضتهم الثالثة بعد أن غسلوا أياديهم من القوى الفلسطينية وأعراب التخاذل متسلحين بسلاح الحجارة.
فها هو التاريخ سيسجل أن الإرهاب الذي ولد في مملكة الإبل ودعم عربياً وغربياً سيدفن من دون رجعة على أرض الشام المقاومة، فكما مزّقت الغارات الروسية أوراق واشنطن في سورية، ها هي تلهب صدور الفلسطينيين لإطلاق انتفاضتهم لتمزّق التفاهمات وتضع الخنجر في صدر اتفاق أوسلو.