التي حفر الشهيد عطاف على صخورها اسمه بقلم المحبة والمودة للجميع وزغاريد نساء القرية تدوي كصوت الرعد علها تصل لكل مسمع وتصعق أولئك الغادرين الذي اغتالوا وغيبوا نسراً باسلاً برصاص حقدهم وغدرهم فيعرفون أنه عرس الشهادة والبقاء .
عطاف البطل الذي وضع أنجماً ثلاثة كان يترقب نسرين ليضعهما على كتفيه العريضين كسماء بلاده..عشق السماء سمة أصحاب الهمم وطالبي العلو والرفعة..فكيف إذا كان العاشق طياراً يعانق شموسها وأقمارها الساطعة ويدور بين غيومها البيضاء النقية كروحه العابقة برياحين الأرض وجنان السماء الخالدة التي تنتظره لتلبسه سندساً واستبرق وتحليه بأساور من فضة وذهب وتتفاخر به شهيداً طياراً بجناحين أبيضين كما كان في الأرض سفيراً لوطنه في السماء يحيطها بجناحيه ويحميها بعيونه وقلبه وسواعده المفتولة السمراء .
عطاف الشهيد لم يكن يحني رأسه إلا لله وعزة الوطن..كان ينتظر فصول العطاء والفداء ليحلق فوق الأراضي المحتلة فيدك حصون العدو ويحرر الأرض والإنسان ولم يعرف يوماً الحقد والكره إلا على أعداء الوطن وغاصبي أراضيه.
وعندما يوارى الشهيد ويتوسد تراب هذا البلد الطيب، تنبت أجساد أخرى وينهض الجسد السوري شامخاً كريماً يكلله الغار وتفوح منه روائح الجنان وتتجمع في سماء الوطن غمامات بيضاء فيها ثلوج الفرج القريب القادم خميرة للأرض وقوتاً لها تتغذى عليه لتنبت عنباً وحباً وعيوناً وينابيع حياة .
وليس بوسع أحد أن ينسى كلماته الدافئة وروحه الشفافة وضحكته التي يتناثر منها هضيم الطلع بين حدائق الورد وتحسبها هدير الغدران بين خضرة الشجر..عطاف كلمة طيبة أنبتت شجرة طيبة أثمرت حباً وكرامة لوطنه..شجرة أصولها في الأرض السورية وفروعها باسقة في سماء الوطن الحرة الأبية.
قال الشهيد يوماً عندما تحلق في سماء الوطن تشعر كم أنت حر وكم هي أسوار بلدك عالية ،كنا نردد دائماً شعارنا الذي نفخر به..نحن النسور نسور سورية العرب.. صواعق في السماء على أعدائنا .
على باب بيته الريفي المطل على البحر حيث النوارس تردد أغنية الأبجدية القديمة وقف الوالد المؤمن فريد والوالدة الحنون جميلة والخالة الطيبة نجلا والأخ الصلب رأفت والأخوات دانيا وديالا ولما وكنانة والزوجة القوية رانيا تنظر للأفق وهي تحمل زهرتين جميلتين بتول وسارة يفوح منهما عطر عطاف كروائح الياسمين الدمشقي عندما يتكدس في الدروب والحارات.. الكل ينتظر قدوم العريس ليزف مرة ثانية للسماء التي فتحت أبوابها له ولرفاقه الأبطال .
والد الشهيد فريد درويش الذي سبق ابنه البطل في خدمة وطنه في القوات المسلحة قال : ولدي الشهيد مثل كوكب يشرق بقوة ويغيب بسرعة لأنه مثل كواكب الأسحار تظهر بسرعة وسرعان ما ترحل تاركة وميضاً لايمكن لأحد أن ينساه , متابعاً لله ما أعطى ولله ما أخذ أعرف من ربيت وأعرف إلى أين أرسلت.. أرسلته ليحمي شعبه و سماء وطنه وقد أختاره الله شهيداً وأحمد الله الذي شرفني باستشهاده .
والدة الشهيد جميلة عبد الله قالت : كان عطاف شمعة البيت وزهرته الفواحة وبهجته محبوباً من الجميع يسارع لمساعدة المحتاجين وبذل كل ما في وسعه لرفع الضيم والظلم عن الآخرين وقد ربيناه على حب الوطن وتقديم الغالي والنفيس في سبيله.
وأضافت:الفراق صعب لكن ما يعزينا أنه فارقنا شهيداً من أجل وطنه وعزته وكرامة سمائه وأرضه.
عم الشهيد زريف درويش قال : لا نريد من أحد أن يعزينا لأن الشهيد لايعزى به بل نريد أن يبارك لنا الجميع ويهنئونا بشهادة نسرنا البطل فالوطن غالٍ من دون شهادة أبنائه لا ينتصر على المؤامرات والفتن .
أخ الشهيد رأفت قال من جهته: الشهداء يزفون بمواكب الفخار لان الشهادة قمة القمم وذمة الذمم وهم يولدون من جديدولا يفقد من بذل روحه فداءًً لوطنه لأنه يتحول إلى منارة تسمو وتنيرالدرب للأجيال القادمة ليسيروا على طريق صون سورية الحبيبة وطن المحبة .
زوجة الشهيد رانيا درويش قالت : كان عطاف مثال الزوج الطيب والمحب مثابراً في عمله يغيب كثيراً عن بيته ليبقى في تدريبه ويحافظ على جاهزيته كطيار لايحب أن يفارق السماء لأنها بيته الثاني وعليه أن يحميها من الأعداء و قد قدم روحه ودمه من أجل هدف سام ٍونبيل وهو بقاء الوطن مصاناً وسماؤه حرة أبية .
أخوات الشهيد دانيا و ديالا ولما وكنانة عبرن عن فخرهن واعتزازهن بأخيهن الشهيد الذي كان مثالاً للأخ المحب والحنون والذي سطر باستشهاده أروع صفحات المجد والخلود لينعم الوطن بالاستقرار, مستهجنات ثقافة القتل التي تغتال خيرة أبناء الوطن ومنهم النسور البواسل الذين يرفعون أسوار الحماية حول البلاد .
شهادة مباركة أيها البطل .. شهادة مباركة ياعطاف يا صاحب القلب النقي وهنيئاً لأبيك وأمك اللذين ربيا نسراً في عالي القمم في عش الوطنية ونكران الذات وقدماك هدية غالية لوطن غالٍ يستحق أن نبذل من أجله الأرواح والأبدان والدماء .. شهادة مباركة أيها النقيب الطيار لك ولرفاقك الطيارين النسور الشجعان الذين ولدوا معك من الصخر في شامخات القمم فكنتم قلاع الوطن .. ولدتم فكنتم حماة البلاد..ولدتم فعلمتم أن الحياة كفاح وشهادة .
والشهيد من أبناء قرية سربيون التابعة لمحافظة اللاذقية ومن مواليد ريف دمشق عام 1977 متزوج وله بنتان بتول وسارة استشهد مع ثلة من الطيارين الأبطال ورفاق السلاح في حمص -الفرقلس- بكمين غادر مسلح .