تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السياسة الأميركية.. والأزمات في العالم

شؤون سياسية
الأثنين 12-12-2011
وضاح عيسى

اتخذت الإدارات الأميركية المتعاقبة مفهوم الإدارة بالأزمات حتى أمست جزءاً من استراتيجيتها الخارجية تجاه بعض الدول ولاسيما في العالم الثالث،

بعد أن هيمنت على المنظمات الدولية وصادرت قراراتها خدمة لمشاريعها التوسعية على حساب شعوب العالم وحكوماتها ، وقامت هذه الإدارات التي يحركها اللوبي الصهيوني بصناعة الأزمات في دول تشكل مرتعا للأطماع الصهيوأميركية ، وقامت في الوقت ذاته بتجييش الرأي العام العالمي عبر تخويفه وإيهامه بأن مايحدث في هذه الدول يشكل خطراً حقيقياً لابد من استئصاله، لكسب تأييده في تسويغ المغامرات العسكرية الساعية لتغيير الوضع في تلك الدول بما يحقق مراميها الاستعمارية، من خلال المتاجرة بشعارات رنانة لتبرير حروبها العدوانية.‏

ومايشهده العالم من انقلابات أمنية وحروب وفوضى وأزمات تسببت فيها الإدارات الأميركية المتعاقبة ناتج عن هيمنة الاستراتيجية التي وضعها المحافظون الجدد ومن ورائهم اللوبي الصهيوني على النخبة الحاكمة فيها التي ترى أن العالم مجرد رقعة شطرنج تحرك بيادقها كيفما تشاء خدمة لأطماعها التوسعية، كما أن « بنوك الأوف شوار» التي تسيطر على أوروبا والولايات المتحدة تغزو كل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رغم أن الاقتصاد العالمي منهار داخليا ، وكي تتم التغطية على حالة الانهيار التي تحدث في الغرب قامت المراكز والمكاتب الحربية في الولايات المتحدة بتحريك النار لإشعالها في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا كستار سياسي لحالة الانهيار التي تحدث في الغرب، في حين أن الكساد الاقتصادي سيزداد حدة لو كان في خضم الحرب ، لتبدأ بعد ذلك كل الأشكال القديمة من الاستبداد والحروب بالظهور مجددا وبأشكال مختلفة.‏

كذلك فإن حملات التضليل والتزييف والتحريف للمفاهيم قد أخذت مأخذها حتى بات الرئيس الأميركي باراك أوباما«صانع السلام» في منظور الكثيرين بعد منحه جائزة نوبل للسلام مع وصوله إلى سدة الرئاسة ، ولاسيما أن من يقف وراءها يدرك جيدا أن كل الحروب التي شنت والتي سيتم شنها لاحقا سيطلق عليها (لقب سلام) ، ويرى محللون أن جائزة نوبل العالمية التي منحت لأوباما وخدع الناس بها في البداية وظنوا أنه ذاك الليبرالي الداعي للسلام والمناهض للحرب، ماجعل العالم يركع تحت قدميه بعد سنوات من إشعال الحرب وأكاذيب أسلحة الدمار الشامل التي اخترعها سلفه جورج بوش الابن ليأتي بعده ليشن هجمات جديدة في مناطق متعددة بعد أن خدع العالم عبر إيهامهم بأنه مؤمن بالإنسانية ومحب للسلام، محاولا إقناعهم بأن انفجار القنابل في المنازل وتدميرها كليا ماهي إلا حرية إنسانية لابد من بلوغها.‏

ويرى المراقبون أن الشبكة الديناصورية لوسائل الإعلام لم تتوقف عند هذا الحد من الترويج, بل تخطتها إلى الإقناع بأن هذه الحروب الجديدة ليست بحروب وإنما هي ردود أفعال وهي لتحقيق السلام المزعوم ، وأن تدمير الدول عبر تفجير المدن وقتل الآلاف هو شيء إنساني و(مبادرة سلام)ولابد من شنها على كثير من الدول لتحقيق السلام فيها بحجة حقوق الإنسان والإصلاحات وغيرها من الشعارات بما يحقق هذه الحروب على الأرض عبر استراتيجية جديدة تعتمد على (الفوضى الخلاقة) بشكل يضمن إدارة الأزمات وليس حلها لأن المطلوب استمرارها دون حل، لتأتي وسائل الإعلام الأميركية لتقول: «انظروا إلى صانع السلام... القائد الجنرال أوباما، الذي لايحتاج تفويضاً من الكونغرس فهو مفوض من الأمم المتحدة».‏

وهناك تقارير تشير إلى أن هذه الخطة والتي وجدت من أجل إسقاط وزعزعة أنظمة في العالم ليست مجرد صراعات متعددة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا فقط لكنها ستشمل روسيا والصين للدخول في مرحلة خلخلة الأنظمة عن طريق الثورات الملونة، لكن من يحكمون العالم من خلف الكواليس لايتوقفون عند هذا الحد بل يسعون لتدمير كل دولة وكل عملة وكل اقتصاد حتى يتنسى لهم إخضاع العالم بأكمله للحكومة العالمية ، حكومة برنامج خطة جورج سوروس القائمة على أساس(نظام من رحم الفوضى )، وهم من أجل ذلك قاموا بصنع تنظيم القاعدة في أفغانستان ، واختلقوا أحداث أيلول 2001، ودعموا ولايزالون الأنظمة الديكتارتورية في أميركا اللاتينية وأفريقيا وغير ذلك من أحداث التوتر في العالم ،إلى أن وصل الأمر بهم الآن إلى التحريض على الطائفية والمذهبية والقبلية والإثنية والتدويل وصناعة مايسمى (المجالس الانتقالية) في البلدان العربية ، لدرجة أوصلوا فيها معظم دول العالم إلى أزمة تستنزف عناصر القوة فيها، ومن ضمنها الدول العربية بعد أن اتخذوا نهجا جديداً لتبرير تدخلهم في شؤونها الداخلية مع اضفاء طابع من الشرعية المزعومة على هذه التدخلات التي لاقت رفضا واسعا من قبل كثير من الدول ذات السيادة ومن الأحرار في العالم .‏

إن سيطرة بنوك «الأوف شوار» على الإدارة الأميركية والتي تستخدمها الآن كوسيلة لزعزعة استقرار دول العالم سعيا منها للدخول في نظام الحكومة العالمية، عبر ماقام به جورج بوش من حروب مهد من خلالها الطريق لأوباما الدمية ليبدأ مرحلة جديدة من الخراب والموت والدمار بعد أن أوصل العالم إلى مفترق خطير يوحي بحرب خبيثة على وشك أن تغمر العالم لتكون أكثر تدميراً في تاريخ البشرية بالرغم من أن ملامح الضعف والانهيار باتت تظهر بشكل فاضح على جسد الامبراطورية الأميركية المنهك وسط توقعات بقرب انتهاء الهيمنة الأميركية على العالم وبداية بروز عالم جديد متعدد الأقطاب سيكون أفضل وأكثر توازناً .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية