شعاراً لها منذ مطلع الألفية الحالية وكان البيت الأبيض قد تعمد إغفال عرض سياسته الجديدة تلك على الشعب الأميركي لأنه نادراً ماتهب رياح التغيير على الحراك الاستراتيجي للسياسة الأميركية تلك.
هذا وقد أعرب كاتب هذا المقال روجر كوهين عن تأييده للمتغيرات التي جعلت من أوباما يتلطى وراء سياسة تكتم على الأعمال العسكرية والتخريبية الممنهجة التي ترتكبها القوات الأميركية في مناطق متفرقة من العالم ويتابع الكاتب قائلاً منذ مدة أخذ يراودني الشك حول احتمال تراجع الإدارة الأميركية عن هذه السياسة وفلسفة الصمت التي تتبعه فمن المعروف أن الرئيس أوباما سلك هذا النهج منذ مدة ليست بالقريبة لكن دعونا نتصور أن يستيقظ مواطن في طهران أوإسلام أباد اليوم فيقول: إن شخصية أوباما تثير سخريتنا بعد أن أخذ على عاتقه مسؤولية إعلان الحرب على بلادنا متجاهلاً شرح الهدف من هذا الحراك فهل يتعين علينا نحن كذلك خوض حرب بالطريقة ذاتها؟ فإثر انفجار ضخم وقع في قاعدة عسكرية بالقرب من طهران وأدى إلى مقتل إحسان طهراني الشخصية البارزة في الدفاع الصاروخي الإيراني ومارافق هذا الحدث من وفاة لعدد من علماء الذرة الإيرانيين في شوارع طهران يصبح من الضروري عدم تجاهل توجيه الاتهام لأطراف أميركية وإسرائيلية تعمل في الخفاء وبصمت لتدمير وتخريب مساعي إيران لتطوير مفاعلها النووي فشن حرب افتراضية ممولة أميركياً على إيران عملية مستمرة على غرار تصاعد حدة غضب الباكستانيين نتيجة الهجوم الذي شنته طائرات الناتو التي تحلق بدون طيار على مركزين عسكريين بالقرب من الحدود الأفغانية وأدت إلى مقتل 25 جندياً باكستانياً وكانت إسلام أباد قد طلبت من وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية التوقف عن إطلاق تلك الأخيرة طائراتها في الفضاء الباكستاني علماً أنه تم توجيهها من قاعدة شيدت غرب تلك البلاد وتشن القيادة العسكرية لتلك القاعدة الأميركية هجمات على المناطق الباكستانية كل أسبوعين لتغدو الغارات التي تشنها الطائرات الأميركية الموجهة عملة يستخدمها أوباما لترجمة مبدأ التكتم وتعتمده إدارته المذكورة على أرض الواقع لتتحدث حكومة واشنطن مؤخراً وبشكل مقتضب عن أساليبها الجديدة في مواجهة من ترى أنهم يمثلون أعداءها ليصبح وجه القوة الأميركية ديناميكية استراتيجيتها الضابطة لحراكها مكشوفاً وواضحاً فقد اعترفت إدارة أوباما قبل أيام أن الحروب التقليدية تتمخض عن نتائج غير مضمونة كما حدث في حروبها في أفغانستان والعراق إذ وصلت تكلفة الحربين 3،7 تريليون دولار أميركي استناداً لما تضمنته دراسة صادرة من جامعة براون.
ويعتبر هذا الحراك أسلوباً سيئاً وفاشلاً في مواجهة الجماعات الإرهابية للقاعدة وبعدما أصبح استخدام الأساليب غير التقليدية أقل تكلفة ولاتزال الرسائل التي أرسلتها تلك الحرب إلى العالم أكثر فاعلية في اجتثاث أعداء الولايات المتحدة رغم أن هذه الأساليب قد تفتقد لشرعية تثير جدلاً واسعاً.
أما بالنسبة للواقعة التي استندت عليها واشنطن لأعضاء الشرعية لحراكها العسكري فتعود لقرار صدر عام 2001م يتناول نبذ القوة العسكرية ويمنح الرئيس بموجبه صلاحية استخدام القوة الضرورية والمناسبة ضد أشخاص ومنظمات ودول ذات صلة بهجوم الحادي عشر من أيلول.
كذلك يحتمل القرار الصادر منذ عشر سنوات ترجمات متنوعة كحق الدفاع عن النفس طبقاً للقانون الدولي فعلى سبيل المثال يثير الإقدام على قتل مواطن أميركي اعتبارات دستورية خاصة كما حدث عندما تم القضاء على أبرز أعضاء تنظيم القاعدة أنور العولقي ليظل التساؤل مربكاً ومحيراً ومثيراً بالنسبة لأي مدى يتمتع الهجوم بالطائرات الموجهة بالشرعية الدولية حسب القانون الدولي علماً أن إيران لم يكن لها دور في أحداث الحادي عشر من أيلول .
فمن الصعوبة بمكان التستر على ماهو خارج اختصاص السياسة الخارجية بما يشبه الليكودية في تعاطيها مع أعدائها فلم تتردد إسرائيل في قتل خصومها وإيديهم الملطخة بالدماء بغض النظر عن أماكن وجودهم وسكناهم فالتطور الجديد للسياسة الأميركية العسكرية لم يتح الفرصة للشعب الأميركي لاكتشاف الخيارات الجديدة المتاحة فقد استخدم أوباما أساليب غاية في السرية وخططاً خفية غير معلنة لضرب العراق وليبيا يستطرد كوهين قائلاً هل لأن الأمور المثيرة للجدل قانونياً والخيارات المتعلقة بالحروب والهجوم والتدخل العسكري في كل من ليبيا والعراق وأفغانستان واستخدام الطائرات الموجهة والتفجيرات من القواعد العسكرية التي تخليها أحياناً واشنطن للدول المستهدفة علاقة بالتعهدات الأميركية لحلفائها القريبين أم أنها ترمي إلى تقويض سيادة القانون في تلك الدول المعلن عليها الحرب أميركياً بهدف وضع حلفاء الولايات المتحدة في موقف حرج؟
فقد كانت العمليات السرية التي تقوم بتنفيذها القوات الأميركية سواء كانت في أفغانستان أم العراق وتعتمد جزئياً على طائرات بدون طيار وراء إعلان القوات العسكرية الأميركية انسحابها من العراق نهاية هذا العام.
فالرئيس الأميركي أوباما مسؤول أمام الشعب الأميركي وحلفاء الولايات المتحدة عسكرياً وسياسياً ولذلك سوف يتوجه بخطابه للعالم يوضح من خلاله لماذا لن تخوض واشنطن مرة ثانية حرباً غير معروفة نتائجها بحيث لايمكن حسم المعركة لصالح الولايات المتحدة البديل عن هذه الحروب كما يقول اليوم هو تنبيه لمبدأ جديد حل مكان مواجهة الإرهاب ومكافحته من خلال قتل الإرهابيين مهما كانت انتماءاتهم وربما يشرح في خطابه القادم لماذا لم يتم إغلاق معتقل غوانتانامو لغاية الآن فمبدأ التكتم الخاص بالأمور العسكرية لايمكن أن يستمر إلى ما لانهاية فالسياسة الخارجية أقوى منظومة بالنسبة لأوباما بعد أن كان ثمن استحقاق التخلص من ابن لادن باهظاً كذلك الأمر بالنسبة للتلطي وراء مطلب عدد من الحكام العرب للحصول على الحرية الذي سجل فشلاً ذريعاً فمبدأ التكتم الذي أطلقته إدارة أوباما لم ينجح في تحقيق أهدافه على غرار فشلها في إيجاد حل للأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة المتفاقمة التي جعلت الشعب الأميركي ينزل إلى الشارع مندداً بسياسة البيت الأبيض .
بقلم:روجر كوهين