تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل كانوا في مهب النسيان .. لولا حيلة ( الأدب ) ..

ثقافة
الأثنين 12-12-2011
لميس علي

بقصد .. أو دون قصد .. بمسبق الوعي .. أو بما غفل منه .. يُحيلهم أبداً إلى سكة الحياة .. و لو غيّبهم العدم عنها .

كيفما كانوا و بأي هيئة اقتحموا عوالم ( الكلمة) .. في مهب الطريق .. على قارعة النسيان .. يعيد (الأدب ) تبنّيه لما خطّوا ، و إن كان لزمن مطوياً في عتمة الفقدان .‏

مؤخراً تناقل الكثير من الوكالات و المواقع الثقافية خبر إصدار رواية ( البحر هو أخي ) للكاتب الأميركي جاك كيرواك ، بعد أكثر من أربعين عاماً على وفاته ، و التي كان الكثير من معجبيه يخشون أن تكون مفقودة .‏

و سواء أكان الأمر على حين صدفة .. أو نتيجة لبحث دؤوب و دائم عمّا يترك الكاتب بعد رحيله ، فإن النتيجة تبدو كسراً لروتين النسيان .. و خلاصاً من حواف ذاكرة متآكلة ، تُحيط أحياناً بالأديب، من قبل قرّائه و عموم جمهور الأدب .‏

هل هناك تواطؤ ما بين الكاتب و ما يكتب .. هل هناك اتفاق مضمر بين الاثنين .. و تأكيد غير معلن على أن ( الأدب) هو طرقٌ متواصل على باب الذاكرة .. جسر يصل ما بين الحياة و العدم .. ؟‏

ربما أدرك معشر الأدباء ذلك ..‏

لكن ما يُذكر عن كيرواك أنه في بداية حياة التجوال التي امتهنها ، لم يع أن خاتمتها ستوصله إلى امتشاق القلم و تفريغ ما يجول في ذهنه من أفكار وكلمات . لم يشعر أن ما عاشه يمكن أن يكون ( خامة لعمل كتابي ) .‏

و لد جاك عام 1922م ، في ولاية ماساتشوستيس الأميركية لأبوين فرنسيين كنديين ، و توفي عام 1969م .‏

لم يتعلّم الانكليزية إلى عمر السادسة ، ترك دراسته الجامعية بحثاً عن مستقبل ضاع بدايةً في العثور عليه .‏

و يحكى أن روايته التي كانت سبباً في شهرته ( في مهب الطريق ) ، كتبها عندما كان بعيش في أحد شوارع مانهاتن ، على أوراق أُلصقت إلى بعضها حتى تجاوز طولها الثلاثين متراً . يذكر عنه قوله ( لو نفرش اللفة على الأرض سيحصل لدينا انطباع و كأننا فعلاً في مهب الطريق ) .‏

الرواية أقرب إلى السيرة الذاتية ، استوحاها من حياته التي أمضاها على الطرقات .‏

كتبها عام 1951 م خلال ثلاثة أسابيع و لم تنشر إلا عام 1957م . اختارتها مجلة ( التايم ) بين أفضل مئة رواية ما بين عامي 1923 م ، و 2005م .‏

يقترن اسم كيرواك بنوع أدبي يطلق عليه مسمّى (أدب الطرقات ) ..‏

نتاجه ينعش الذاكرة باتجاه هكذا نوع .‏

الملاحظة الأهم تدور حول الظرف الزماني العالمي الذي ساهم بشكل أو بآخر بانتماء كيرواك و أصدقائه الأدباء الآخرين إلى هذا النمط الكتابي .‏

فبعد الحرب العالمية الثانية ، التي عمل خلالها ممرضاً، عاد فترة إلى الجامعة في نيويورك ، وهناك تعرّف إلى مجموعة من الشباب الغاضبين من ويلات الحرب و ما جرّته على الإنسانية ، الذين كانوا بدؤوا يحاولون الخوض في المجال الإبداعي ، منهم ( نيل كاسادي ، آلين غينسبرغ ، ويليام بوروز ) .. و هؤلاء سيصبحون فيما بعد من أهم الكتّاب الأميركيين .‏

عُرف عن جاك و رفاقه رفضهم الملكية و الوظيفة ، تمجيدهم الفوضى و العلاقات الحميمة ، الأهم أنهم احتقروا الحرب .‏

تؤكّد أعماله التي كتبها ، انتماءه إلى الخط العدمي الذي قال فيه رواد التيار العبثي الذي ظهر بعد الحرب .‏

في أدب كيرواك بحث دائم عن نموذج الإنسان الضائع .. ولعله هو نفسه كان نموذجاً معبّراً عن ذلك .. فقد كان دون صورة عن هوية .. هائماً على الطرقات .‏

في تجواله الذي بدأه عام 1947 م ، بصحبة نيل كاسادي ، لم يكن ينوي فعل شيء ، كان يعيش حسب قوله ، حريته المطلقة .‏

و كان خلال إحدى رحلاته التي عاشها في عرض البحر يجوب العالم كبحّار، أن بدأ كتابة روايته التي اُعتبرت مفقودة ( البحر هو أخي )، صدرت مؤخراً عن دار ( بينغتون كلاسيكس)، و تتحدّث عن مغامرات ويسلي مارتن ، بطل كيرواك الذي يعشق البحر بطريقة لافتة وغريبة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية