الحاصلة حتى الآن، لجهة تكبيد داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى خسائر كبيرة، جعلت الغرب يصطدم بواقع أمر جديد لم يضعه في حسبانه من قبل.
جدية التحالف الروسي في القضاء على الإرهاب بمختلف تسمياته، تمهيداً لإيجاد حل سياسي ينسجم مع رغبات السوريين وحدهم، وضع الغرب في حالة تخبط وارتباك، ازدادت وضوحاً بالسعي نحو الدفع لمواجهة الضربات الروسية بدل تعزيز الجهود للقضاء على الإرهاب، حيث أعطى وزير الحرب الأميركي أشتون كارتر أوامره لزيادة دعم وتسليح إرهابييه (المعتدلين) رغم الإقرار بفشل البرنامج التدريبي، وعدم الجرأة على الإفصاح عن ماهية الفصائل (المعتدلة)، ونظيره البريطاني مايكل فالون زاود عليه بالزعم أن الاستراتيجية الروسية خاطئة، وأنها تزيد من تفاقم الأوضاع، ليأتي (الناتو) ويهدد بنشر قوات في تركيا بسبب حادث دخول الطائرة الروسية، وهذا يشير إلى احتمال أن يفعل الغرب أي شيء نصرة لأدواته الإرهابية على الأرض.
أميركا وتحالفها الستيني كانت طوال عام على بدء قصفها الإعلامي لداعش، شبه مطمئنة على مصير منتوجها الإرهابي، وعلى مسار مخططها الرامي لتغيير خارطة المنطقة عبر التنظيم ومشتقاته، ولكن الدخول الروسي بهذا الحزم والقوة على خط محاربة الإرهاب إلى جانب الجيش العربي السوري، لم يفاجئ أميركا والغرب وحسب، وإنما ضيق الخيارات أمامهم، فلم يعد بمقدورهم التفكير بإسقاط القيادة السورية بالقوة العسكرية، أو مواصلة العمل لإنشاء (مناطق عازلة)، أوالضغط لإيجاد حلول سياسية مفصلة على مقاس مشروعهم الاستعماري الجديد، أو حتى الاستمرار في كذبة التسميات المزيفة من خلال تقسيم الإرهاب إلى (معتدل وسيئ).
انتقال تطورات الميدان إلى مسار نوعي جديد، والذي يتمثل بانجازات الجيش العربي السوري المتلاحقة، ورفع وتيرة الضربات الروسية من الجو والبحر، سيكون له بالغ الأثر في تعزيز الجهود الدولية للقضاء على الإرهاب، وإجبار الدول الداعمة له على تغيير مواقفها الخاطئة فعلاً وليس قولاً لأن نيران الإرهاب ستلتهمها في حال استمرت بتغذيتها.