أميركا ومنذ بداية الأحداث في سورية حاولت مراراً وتكراراً الضغط باتجاه فرض العقوبات ومن ثم الدفع قدماً نحو التدويل ليتسنى لها تحقيق مصالحها أولا والحفاظ على أمن «إسرائيل» فقط، وكل ذلك تجسيداً لنظريتها في تغيير مصائر الأمم.
لقد نسي المهرولون في ركب السياسة الأمريكية أن من يجلب التدخل الأجنبي في شؤون أي دولة كانت فإنما يجلب معها القتل والتدمير وتشريد أبناء هذا البلد، ولعل الشواهد ما زالت ماثلة للعيان في العراق وليبيا وأفغانستان وغيرها الكثير من الدول التي ذاقت ويلات ودموية هذا التدخل في شؤونها، وعلّ تدخلها أجدى نفعاً، فقد زادت في الأمر سوءاً وكثيراً ما وصل الأمر إلى أن تسببت هذه الدول بحروب أهلية وقتل آلاف الأشخاص.
لقد ظنت الإدارة الأمريكية ومن خلفها حلفاؤها الأوروبيون ومنذ بداية الأحداث في سورية أن الأوان قد حان للتدخل في الشؤون السورية، معتقدين أن الوقت مناسب لمثل هذا التدخل وفرض الإملاءات، بعد خيبات الأمل التي منوا بها أثناء محاولاتهم السابقة للتدخل في شؤون سورية.
إن الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية على سورية سابقاً ولاحقاً كلها بات بـالفشل، واليوم يحاولون تدويل ما يحدث في سورية، للضغط عليها لتغيير استراتيجيتها تجاه القضايا الهامة في المنطقة ولا ننسى أن أمريكا هي صاحبة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي طرحته منذ سنوات الإدارة الأمريكية السابقة، والهادف إلى إعادة بناء الشرق الأوسط وفق أسس جديدة تخدم مصالح ما يعرف لدى المحافظين الجدد بالقرن الأمريكي الجديد.
إن ما تدعيه الولايات المتحدة وتلك الدول السائرة في ركبها من حرية وديمقراطية هو عار عن الصحة، فهم دعاة تخريب وقتل وتاريخهم الأسود الذي ما زالت فصوله ماثلة للعيان في العراق وأفغانستان وليبيا وغيرها الكثير من دول العالم، يعكس أفعالهم الحقيقية، وتمترسهم خلف شعارات الحرية والديمقراطية لتنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم والعودة بالدول إلى تاريخ الحقبة الاستعمارية.