أسباب عامة
بعد أن اتضح أنها غير حيادية ،اعتمد البرلمان الأوروبي مؤخرا قواعد أكثر صرامة لعمل وكالات التصنيف الائتماني، تهدف إلى تقليل اعتماد المستثمرين على التصنيف الائتماني الخارجي للديون السيادية، ووضع حد لتضارب المصالح في أنشطة الوكالات، وتحسين الشفافية والقدرة على المنافسة في هذا القطاع.
ويأتي اعتماد هذه القواعد الجديدة بعد اتفاق تم التوصل إليه مع المجلس الأوروبي على ضرورة تقنين قطاع التصنيف الائتماني بفعل أزمة الديون السيادية الأوروبية التي أظهرت عدم كفاية التشريعات القائمة.
ويقول أحدالخبراء في الشؤون المالية:حالياً، عندما تخفض أي وكالة للتصنيف الائتماني من تقييم ديون بلد ما, فيجب على هذا البلد اقتراض الأموال بأسعار فائدة أعلى واللجوء الى تخفيضات في النفقات للتعويض عن ارتفاع معدلات الاقتراض,الامر الذي يمس المواطنين العاديين, لذا وجب تقنين عمل هذه الوكالات ليصبح دقيقا وشفافا.
وتابع:لقد أدى مثلاً تخفيض تصنيف تسع دول في منطقة اليورو من قبل وكالة «ستاندرد آند بورز » في كانون الأول 2012 في الأسواق إلى المضاربة على احتمال تفكك منطقة اليورو.. لذا فالقواعد الجديدة تهدف إلى منع هذا السيناريو من الحدوث مرة أخرى .
إجراءات داخلية
وتلزم التشريعات الجديدة المؤسسات المالية وشركات الاستثمار بوضع إجراءات داخلية خاصة بها لتقييم المخاطر الائتمانية، وعلى هذه المؤسسات طلب الحصول على تقييم اثنين من مختلف الوكالات في كل مرة، مع تغيير هذه الوكالات كل أربع سنوات.
وسيسمح لوكالات التصنيف الائتماني بنشر تصنيفاتها للديون في فترات معينة من السنة مع احترام دقيق لقواعد خاصة، إذ لا يمكن نشر التصنيفات بشأن الديون السيادية سوى بعد إغلاق جميع الأسواق المالية في الاتحاد الأوروبي أبوابها على الأقل ساعة واحدة قبل بدء المعاملات في هذه الأسواق.كما يجب على الوكالات أيضا شرح العوامل التي أخذتها بالاعتبار في تقييماتها, مع عدم إمكانية تقديم توصيات مباشرة للسياسات الاقتصادية للدول الأعضاء.
وبذلك أصبحت الوكالات بموجب القواعد الجديدة مسؤولة عن تصنيفاتها إذ يمكن للمستثمرين والمؤسسات المالية المطالبة بتعويضات حول التصنيفات التي لاأساس لها من الصحة وتضر بمصالحها.
هيئة مستقلة
وللقضاء على تضارب المصالح يقول الخبير في الشؤون المالية: سيطلب من شركات التصنيف الائتماني خفض مساهمتها المالية في الكيانات التي تقيمها. إذ كيف يعقل أن تصدر وكالة ما تصنيفاً سلبياً لشركة تساهم فيها ماليا. لقد كانت هذه النقطة إحدى مفارقات النظام القديم، وستضطر جميع وكالات التصنيف الائتماني العاملة في الاتحاد الأوروبي للامتثال لهذه القواعد بعد اعتمادها من قبل الدول الأعضاء.
ومن جانب آخر قرر أيضا أعضاء البرلمان الأوروبي اتخاذ خطوة أولى نحو إنشاء وكالة للتصنيف الائتماني على المستوى الأوروبي، وسيتم تعيين مهمة البحث في سبل إنشاء هذه الهيئة المستقلة للمؤسسات الأوروبية الحالية، وستوفر هذه الهيئة للمستثمرين كافة البيانات والتصنيفات المهمة للديون السيادية والمؤشرات الرئيسية للاقتصاد.
وبحسب الخبير: هذه الإجراءات رغم ضرورتها فهي لا يمكن أن تحل الأزمة الحالية. فالوكالات لم تسبب الأزمة ولكن عززتها نوعا ما. وبالتالي فأسباب الأزمة ما زالت قائمة. مشددا على أنه بدون إعادة نظر في السياسات الاقتصادية المطبقة لايمكن تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية والمالية .