وعتقها في بشره وحجره قادر أن يقود نهضة جديدة ويصنع مستقبله بعقله وعمله وأن يحمي بعقيدة جيشه أسوار القرار الدمشقي الشامخ،
هي مرحلة الصمود فكراً وقوة ومن الفكر تولد القوة والفكر سيجمعنا على طاولة الحوار من أجلنا وأجل أن تبقى سورية متألقة.
«الثورة» تواصل لقاءاتها وحواراتها مع شخصيات سياسية وفكرية.
حماد عبود السعود - رئيس الاتحاد العام للفلاحين:
نحاور من يرفض التدخل الأجنبي والإملاءات الخارجية
أنا شخصيا مع الحوار الوطني ، والفلاحين جميعا معه، ونحن مع الآخر حين يطرح طرحا وطنيا، ويتقدم بمشروع وطني بعيدا عن الأجندات الخارجية ، ونحن مع الآخر حين يرفض التدخل الخارجي ويؤمن بالحوار على أرض الوطن وتحت سمائه وعلمه.
نحن مقتنعون أن الحوار يجب أن يكون سوري – سوري، ونقبل النصح ممن هم حريصون على سورية، لكننا نرفض الاملاءات الخارجية، وينبغي على الآخر أن يتقدم للحوار لطرح رؤيته، وكل شيء قابل للنقاش تحت سقف الوطن ومن أجله، وأيدينا ممدودة، وصدورنا مفتوحة للجميع بما يخدم الشعب والوطن.
المراسيم التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد بخصوص تعديل الدستور وانتخابات الإدارة المحلية ومجلس الشعب، والقوانين، وإلغاء قانون الطوارئ ومحكمة أمن الدولة، إضافة إلى ما طرحه السيد الرئيس بشار الأسد في دار الأوبرا والذي شكل أساسا جيدا لحل الأزمة، يعد منهجنا وثوابتنا نحو الحوار الوطني.
ونسعى جاهدين من أجل بلوغ الحل المناسب الذي يوصل سورية والسوريين إلى شاطئ الأمن والأمان، بعيدا عن الأزمة المفتعلة والمتعمدة وعن المؤامرة القذرة التي قادتها قوى الشر من الامبريالية العالمية والرجعية العربية ضدنا.
ونؤكد أن أي مشروع يطرح في الحوار يجب أن يتضمن الحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعبا ويحفظ السيادة واستقلالية القرار الوطني، وأن يحصن مؤسساتها وفي مقدمتها الجيش العربي السوري، وأن يعمل على تطوير المؤسسات والنهوض بها، وأهم تلك المؤسسات الإنتاجية بكل أصنافها زراعية – اقتصادية – علمية ...الخ.
والعمل على تطوير الريف السوري وتقديم الخدمات والبنى التحتية اللازمة وجميع المتطلبات التي تحد من هجرة أبناء الريف إلى المدينة، وتأمين كل مستلزمات العمل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في الأوقات المناسبة والمحددة وتقديم التسهيلات اللازمة لها، وتحسين نوعية المنتج الزراعي وزيادة الإنتاج لتأمين الأمن الغذائي الذي كان له أثرا إيجابيا في صمود سورية أمام المؤامرة الكونية التي استهدفتنا جميعا سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا، وأن نرقى بالإنتاج إلى أعلى المستويات ضمن المواصفات العالمية استهلاكيا وتصديريا، والسعي إلى فتح أسواق تصريف لمنتجاتنا سواء في الداخل أو الخارج عبر إبرام اتفاقيات مع الدول الصديقة، والحفاظ على الثروة الحيوانية بكل أنواعها.
وأريد أن أتوجه إلى السوريين الذين أجبرتهم الظروف والممارسات الإجرامية إلى ترك بيوتهم وأرزاقهم وبلدهم مضطرين للجوء إلى الدول المجاورة، لأن يعودوا إلى بلدهم الغالي سورية ليعيشوا معززين مكرمين مع أهلهم وأقرباءهم، وألا يرضوا بالمذلة والمهانة في مخيمات اللجوء في الدول التي اضطروا للجوء إليها، وألا يكونوا سلعة للمتاجرة بهم وبكرامتهم وبأعراضهم، ولكي لا يكونوا أداة تستخدمها تلك الدول التي لم تقدم أدنى متطلبات الحياة والمعيشة، للاسترزاق من خلالهم.
وأود أن اذكر كل من نفعته الذكرى، أن ما قدمته سورية ولا تزال - شعبا وقيادة - ممن احتضنتهم من أشقائنا أبناء الأمة العربية وقاسمتهم لقمة العيش والماء والدواء والمأوى يرقى إلى أعلى المعايير الإنسانية والأخلاقية، لم ولن يضاهيها في ذلك أي دولة في العالم، فلا تكونوا أيها السوريون الأعزة - أداة لتسول تلك الدول- وأنتم الأكرمون.
فايز الصايغ- عضو مجلس الشعب:
السوريون هم الأقدر على صناعة ديمقراطيتهم
عمر أوسي - رئيس لجنة المصالحة في البرلمان السوري:
الحوار ..الممر الآمن لنعبر الأزمة
الحوار الوطني هو الممر الآمن لحل الأزمة في سورية وأنا اعتقد بأن أهم حوارين خلال الأزمة كانا اللقاء التشاوري في 10/11-و12/7/2011 الذي انعقد في مجمع صحارى وحضره قرابة 4000 شخصية يمثلون مختلف التيارات السياسية والفكرية والثقافية والفنية السورية ومن جميع مكونات الشعب السوري القومية والاثنية والمذهبية والدينية وحضره معارضون وموالون ومستقلون إلا أنه ومع الاسف لم ينبثق عن مؤتمر التشاور والحوار الوطني لجنة متابعة لتنفيذ توصيات هذا المؤتمر الهام جداً لذلك لم يأخذ ابعاده الحقيقية على الساحة الوطنية السورية علماً بأنه لو نفذت تلك التوصيات لتمكنا من حقن الكثير من الدماء. أما المؤتمر الآخر كان ملتقى الحوار الوطني في طهران منذ شهرين تقريباً وخصوصية هذا المؤتمر تأتي بأنه انبثقت عنه لجنة متابعة عقدت حتى الآن عدة اجتماعات في دمشق لتنفيذ توصيات طهران والتحضير لمؤتمر حوار وطني شامل في دمشق وقد تأسست لجنة عليا للمصالحة الوطنية مؤخراً في البرلمان السوري وتم انتخاب اعضاء اللجنة في اجواء ديمقراطية حقيقية وهذا علامة فارقة في الوطنية وسوف نتصدى لكل أنواع المخالفات والفساد ولاسيما في ملف المخطوفين واعتقد أن هذه اللجنة سوف تساهم بجدية إلى حد كبير في ملفات المخطوفين والمعتقلين والحوار الوطني ومأساة النازحين السوريين وفي قضايا أخرى خاصة موضوع الحوار الوطني وكما تعلم أن هناك عدة جهات تستعد لعقد مؤتمرات حوار وطني لكننا نعول على مبادرة السيد الرئيس التي تعتبر بحق خارطة طريق لبدء العملية السياسية في سورية والتي قسمها إلى مراحل ثلاث وتقوم الحكومة الحالية التي هي الآن في حالة انعقاد دائم بترجمة ما جاء في هذه الكلمة إلى برنامج عمل وخصصت لها لجنة وزارية وأصدرت بياناً حكومياً بهذا الشأن حيث سنتعاون مع الحكومة الحالية نحن في مجلس الشعب وتحديداً لجنة المصالحة الوطنية مع السيد رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي لانجاح برنامج الحكومة التي ستشرف على الحوار الوطني والذي سينبثق عنه ميثاق وطني هو بمثابة عقد اجتماعي وطني سوري بين مختلف مكونات وشرائح الشعب السوري ثم تنتهي مهمة هذه الحكومة بعد أن يعرض الميثاق الوطني على الاستفتاء الشعبي لتتشكل حكومة وحدة وطنية تضم مختلف مكونات الشعب السوري والتي بدورها ستعيد النظر في كل القوانين السابقة والحياة البرلمانية الوطنية السورية منذ زمن بعيد وحتى الآن وقد تم انتخابي من قبل اعضاء اللجنة المركزية للمصالحة الوطنية كرئيس لهذه اللجنة حتى ان زملائي البعثيين في البرلمان انسحبوا لمصلحتي وهذه تدل على ثقافة وذهنية حضارية جديدة بعيداً عن منطق التهميش والاقصاء ولاسيما أنني نائب مستقل وكردي ايضاً ورغم ان هذه اللجنة لجنة المصالحة البرلمانية لم يمضِ على تشكيلها اسبوعان إلا أن فروع اللجنة في المحافظات من الزملاء واعضاء البرلمان وخاصة ان كل عضو في البرلمان هو عضو في لجنة المصالحة الوطنية حكماً قاموا بنشاطات هامة على كل الجغرافيا السورية في المحافظات ونحن الآن نجتمع في مجلس الشعب وبحضور السيد رئيس البرلمان كخلية نحل متكاملة لوضع المانفست السياسي الوطني وآلية العمل للبرنامج القادم بنشاطات هذه اللجنة ونظامها الداخلي وسوف نتعاون مع كل لجان المصالحة الوطنية الموجودة على المستوى الشعبي والرسمي وخاصة وزارة شؤون الدولة للمصالحة ستشكل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد يعرض على الاستفتاء الشعبي ثم تشرف على انتخابات برلمانية مسبقة والتي سينتج عنها بالضرورة حكومة موسعة تصدر عفواً وتجري مصالحة وطنية شاملة اعتقد أن هذا الزخم وهذا الحراك السياسي البرلماني اللافت على مستوى اللجان البرلمانية وللانصاف هو بفضل العقلية الديمقراطية لرئيس مجلس الشعب الاستاذ محمد جهاد اللحام ولحماسة واندفاع زملائي في المجلس دون استثناء.
وعلى صعيد الأزمة دولياً قام الوفد البرلماني بزيارة لموسكو اجرينا فيها عدة لقاءات مع المسؤولين الروس وصناع القرار في مجلس الدوما ومجلس الشيوخ الروسي والخارجية الروسية ولجنة الصداقة الروسية السورية وبعض مؤسسات المجتمع الوطني وقد كانت الزيارة ناجحة جداً حيث نقلنا نحن اعضاء الوفد المكون من الزملاء د. فايز الصايغ رئيساً للوفد وابراهيم محمود - وناديا ديب وعمار بكداش - وحسين حسون ووليد الصالح - وعمر اوسي. وأنا أطمئن ابناء الشعب السوري بأن الموقف الروسي صلب وثابت واستراتيجي ووقوف روسيا إلى جانب سورية الوطن والدولة والنظام بمثابة الدفاع عن الأمن القومي لروسيا الاتحادية.
هدى الصحناوي - أستاذة في كلية الآداب قسم اللغة العربية:
الورقة الضرورية لإعادة صياغة سورية الجديدة هي الحوار
في مواجهة الأزمات التي يتعرض لها أيّ مجتمع يتحول الحوار الوطني الهادف والجاد إلى ضرورة لا بدّ منها للوقوف على المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تبدو موضوع خلاف، فمن شأن الحوار الوطني، إذا توافرت له النوايا الحسنة والقراءة الإيجابية، أن يتحول إلى موقع يستطيع استيعاب جميع وجهات النظر، وتصغير الاختلافات، شريطة أن يتوافر له عاملان:
1- أن يكون تحت سقف الوطن.
2- ألاّ يكون عنواناً لأجندات خارجية تتناقض في الغالب مع رغبات أبناء الوطن.
ومن خلال مقاربة هذا التوصيف مع ما تشهده سورية الآن، فإنه يمكن القول إنّ القيادة السورية ومجموعة الأحزاب انتبهت مبكراً لأهمية هذه النقطة في الخروج من الأزمة السياسية الراهنة وذلك بطرح آفاق واسعة لإنجاح خطوات هذا الحوار ومراحله، سواء من خلال المبادرات السياسية الفاعلة والإيجابية التي طرحت بشكل خاص الخطاب السياسي السوري، أو من خلال مجموعة القرارات السياسية والتنظيمية والاجتماعية، وقرارات العفو، وإلغاء الأحكام العرفية وقوانين الإعلام وغيرها التي من شأنها تعميق الحوار، وجعله بادرة إيجابية لمعالجة الأزمة الراهنة.
ولما كانت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والحفاظ علي وحدته واستقلاله مطلباً ملحّاً، فقد حرصت سورية على توفير جميع الوسائل الضرورية والمناخ النافع لإنجاز هذا الحوار تحت سقف الوطن وإنقاذ البلاد من الأزمة وخلق سورية المتجددة القائمة على العمل لبناء الوطن، وتعزيز لحمته الوطنية وتعميق أركان قوته بعيداً عن الأجندات الخارجية التدميرية للبنى الاجتماعية والاقتصادية والتحتية، وقد استطاعت الأزمة أن تكشف زيف توجهات ما يسمّون المعارضة الخارجية في استقوائهم بالغرب وطلب التدخل الخارجي ورفض الحوار.
كما أثبتت الأزمة التي تمر بها سورية اليوم ومن خلال العامين المنصرمين وما نجم من تفاعلات صبّت في غير صالح الوطن والمواطن، أهمية توحيد الرؤية السياسية والاجتماعية إزاء ما هو حاصل الآن في سورية على اعتبار الحوار هو الورقة الضرورية لإعادة صياغة سورية الجديدة، وهو السبيل الوحيد لترسيخ القيم الديمقراطية من خلال وطن منيع ومتماسك يستطيع الدفاع عن آمال وطموحات شعبه، وترسيخ الاستقرار والدفاع عن الوجود وحماية الحدود وفقاً لما يريده أبناؤه. هذه الحقيقة التي تتبلور يوماً بعد يوم تحولت مع تطورات الأزمة في سورية إلى واقع لا يستطيع أحد تجاوزه بدليل الإجماع الشعبي الكبير من جميع الفعاليات السياسية والرموز الشعبية السورية لإنجاح الحوار وعدم تمكين المشروع التآمري من النفاذ إلى مساحة الوطن.
أشواق عباس - أستاذة في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق:
الحوار حل سياسي مشروط بمقدمات وأولويات أهمها القضاء على الإرهاب
إن الرؤية الواقعية لحل الأزمة السورية، على الأقل سياسياً، وهو بالطبع الحل الأهم والأساس لعلاج جذر المشكلة، وتلك التي نجمت عنها أو تفاعلت معها، أعتقد أنها يجب أن تنطلق من الإقرار بأن التسوية السياسية (أياً كان شكلها أو مضمونها) لن تكون فاعلة ما لم تنجز كل مقدماتها الضرورية. والتي في حال إنجازها وتهيئتها، ستكفل تطبيق ما سيتم الاتفاق عليه في الحوار الوطني، وتلزم الجميع بتنفيذه.
إن الإشكالية الحقيقية في الأزمة السورية لا تكمن في الحوار، فالداخل السوري متفق الآن على ضرورة هذا الخيار كحل أفضل لتجاوز الأزمة التي تعصف بالبلاد. إلا أن تلك الإشكالية تكمن في كيفية تهيئة الأجواء المناسبة للحوار، واستعداد جميع الأطراف دون استثناء إلى الجلوس معاً، دون إقصاء أو إلغاء أي طرف للأطراف الأخرى، واعتقاده بأنه الوحيد الذي يملك الحق في تقرير مصير الشعب السوري. الجلوس إلى طاولة واحدة تُطرح فيها جميع المشكلات الجوهرية والأساسية، ليصار إلى نقاشها بشكل شفاف وعقلاني، وبالصيغة التي قد لا ترضي الجميع، لكنها تحمي الوطن، وتشكل نقطة إلتقاء مشتركة بينهم. وهو الأمر الذي سيؤدي إلى خلق بنية سياسية وطنية جديدة يشترك فيها الجميع، تشكل بالضرورة الأرضية الصلبة لسورية المستقبل، ومحور اللقاء والاتفاق المشترك الذي من شأنه أن يعالج الأزمة الحالية، ويذلل كل المشكلات التي نتجت عنها، أو عن تفاعلاتها، أو أي أزمة مستقبلية قد تواجه البلاد، مهما كان نوعها وحجمها.
مما لا شك فيه بأن انقسام المجتمع السوري حالياً ما بين مؤيد ومعارض، ومن يلتزم الوسط بينهما، يصعب ويعقد ويؤجل من بدء الحوار الفعلي بين مختلف الاطراف، في ظل غياب الرؤية الواضحة للمشروع السياسي المقابل للمعارضة، ناهيك عن نوعية وحجم التدخلات الاقليمية والدولية، والدعم الدولي الموجه لأطراف بعينها مقابل اشتراطات سياسية عليهم، ووجود حراك مسلح على الأرض ينتمي في القسم الأكبر منه إلى جماعات إرهابية كالقاعدة وجبهة النصرة، وتدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية، والحصار والضغوط الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، وتردي الأوضاع المعيشية للمواطن، كلها بالضرورة عوامل مؤثرة في تأخير الحوار وإفشاله. لذلك تحدثت عن تهيئة الشروط والمقدمات الضرورية للحوار العقلاني. فكيف يمكن إنجاز الحوار في ظل تجاذبات شديدة الصراع بين قوى وطنية تسعى لحماية الوطن وعدم خضوعه للسيطرة أو استلاب سيادته، وبين أطراف أخرى تعتمد اعتماداً مطلقاً على بعض القوى الدولية للوصول إلى السلطة، مقابل تعهدها بتمرير مصالحها، وتغيير المواقف القومية الأبرز لسورية بالشكل الذي يتسق ومصالح مشغليهم؟ كيف يمكن بدء الحوار في الوطن، وفي أجزاء متعددة منه هناك مجموعات مسلحة تمارس القتل والتدمير المنظم والإرهاب بحق المواطنين؟ هناك قوى موجودة على الأرض تحمل السلاح في وجه المواطن السوري المختلف معها، وفي وجه الدولة كدولة. هل بالإمكان التصديق بأن من يحمل السلاح هو أصلاً مقتنع بالحوار، لو كان كذلك، لما كان لجأ أصلاً إلى حمل السلاح. ألا يؤثر ذلك بشكل أو بآخر على أي حوار؟ وحتى في حال الاتفاق على صيغة ما للحوار، فكيف ستتمكن مختلف الأطراف من تطبيق نتائج الحوار في أماكن يعيث فيها المسلحون فساداً وإرهاباً.
إن الداخل السوري متفق الآن على ضرورة الحوار، لكن الإرادة الجمعية للسوريين هنا غير كافية، لأن الأمر لو كان كذلك، لكان السوريون أنجزوا هذا الحوار منذ البدايات الأولى للأزمة. لكن، وفي ظل وجود مصالح دولية خارجية متمثلة بدعم منقطع النظير لتسعير الأزمة في سورية، فإن هذا الحوار سيبقى معطلاً، وإن تمكن من النجاح داخلياً فسيجري تعطليه خارجياً.
أعتقد أن تهيئة الشروط والمقدمات الصحيحة للحوار هي الخطوة الأهم، لأنها الوحيدة القادرة على انتاج حوار صريح يشارك الجميع فيه، وفي غياب تلك المقدمات سنخرج بحوار غير بناء، قابل للانهيار في ظل الوضع القائم.
ما أقصده من كل هذا، أن هناك استحقاقات يجب أن تنجز أولاً، ومن ثم يمكن الانتقال إلى الحوار. أولى هذه الاستحقاقات برأيي هو توقف القوى الخارجية عن دعم المسلحين والمقاتلين الذين ترسلهم إلى سورية بالآلاف، وتوقفها عن توريد الأسلحة لهم. أما الاستحقاق الأهم فهو الإنجاز الأمني والعسكري للدولة في كل الأراضي السورية، وتطهيرها من المسلحين ومقاتلي القاعدة. هذا الإنجاز هو استحقاق في غاية الأهمية، فمع وجود السلاح الذي يهدد المواطن السوري، فإن أي حل سياسي للأزمة سيبوء بالفشل. فالحل الأمني والعسكري سيشكل المقدمة الأساسية لأي حل سياسي، وبالطبع فهو ليس غاية بذاته، إنما وسيلة لدعم الحل السياسي اللاحق، والكفيل بتطبيقه.
إن الدعوة التي أطلقها الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير في دار الأوبرا. تشكل بلا شك إرادة حقيقية من قبل القيادة السورية إلى الشعب للتجاوز المشترك للأزمة، بالشكل الذي لا يغلب رؤية طرف على بقية الأطراف. وذلك عبر دعوة الجميع إلى ممارسة أدوارهم السياسية بفاعلية في بناء الوطن، وتجاوز الأزمة. وهي دعوة تشكل بلا شك فرصة تاريخية لكل القوى، من مختلف الأطياف، بما فيها النظام والمعارضة. حيث يمكن لكل القوى الدخول إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة عبر ناخبيها، وبالتالي تشكيلها لمراكز ثقل ضاغطة في البرلمان، ما يمكنها من المساهمة الفعلية في صناعة القرار السياسي السوري الوطني. وهذا هو جوهر الديمقراطية وتداول السلطة سياسياً، وحتى التكريس الحقيقي الإيجابي لمفهومي السلطة والمعارضة.
ما أريد إجماله في النهاية، أن تسوية الأزمة السورية وحلها يحتاج بالفعل إلى توافق مختلف الأطراف على أهمية إنهاء الأزمة التي أرهقت المواطن السوري، وهو الأمر ليس متوفراً حتى الآن في ظل وجود أطراف لا يهمها ولا يعنيها المواطن السوري ولا الوطن السوري، إنما مصالحها ومصالح من تعمل لخدمته. إن أزمتنا الحقيقية الآن ليست أزمة حوار، بل المحافظة على الوطن. الأزمة الحقيقية هي بين الشعب السوري وبين قوى مسلحة مدعومة خارجياً تهدف إلى تقسيم البلاد وتدمير الدولة السورية، وقدرتنا على الدفاع عن الوطن وحمايته هي الوسيلة الأمثل للخروج من الأزمة. ومن ثم سيكون الحوار هو المرحلة التالية لإعادة الاستقرار للبلد، وتطويره. وأعتقد أن الشعب السوري مدرك تماماً لهذا الأمر، وهو ما برز بوضوح على مدى سنتين من الأزمة والضغوط المختلفة التي يعيشها، والتي وصلت في كثير من الأحيان إلى لقمة عيشه.
محمد خير عكام- أستاذ في كلية الحقوق بجامعة دمشق:
الحوار مطلوب أيضاً على مستوى المناطق والمحافظات ليضمن مشاركة واسعة
في البداية لماذا هذه المبادرة وفي هذا التوقيت، لقد جاء توقيت المبادرة بحل ما يسمى بالأزمة في سورية لأنه عندما نقول إن هناك أزمة في سورية فيعني أن هذه الأزمة صنعها السوريون، أما الأزمة التي تعصف بنا حالياً صنعت من بعض السوريين والكثير من اللاعبين الخارجيين، نعم هناك من استغل الكثير من المشاعر السلبية لدى بعض السوريين في سبيل إيصال الأزمة السورية لما وصلت إليه لأن الهدف منذ البداية يبدو أنه تدمير بنية المجتمع السوري أولاً وبنية المؤسسات التي تقوم عليها الدولة، فالمطلوب هو هدم الدولة وإعادة بنائها من جديد بما يتلاءم مع السياسات الغربية المصنع الحقيقي لهذه الأزمة في الخارج، للأسف كان بعض السوريين قد تماهى مع ذلك وخدم هذه الأجندة الغربية، فالبعض منهم متآمر والبعض من دون أن يدري نتيجة لضعف وعيه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وضعف نظر في بعد هذه الأزمة.
لذلك وجدنا في العام الماضي تكاثر المبادرات مبادرة إيرانية ومصرية ومبادرة من هنا وهناك واعتقد أن من الأولى ومن واجب الدولة أن تقدم مبادرة لأنه في النهاية هذه الأزمة نحن أصحاب المصلحة الحقيقية في حلها فلذلك يجب أن تكون المبادرة من السوريين أنفسهم لذلك كانت هذه المبادرة من الرئيس الأسد.
إذاً جزء من المجتمع السوري مسؤول عن هذه الأزمة ولكن الدولة الحاضنة لكل أبنائها عليها أن تعالج المشاعر السلبية الموجودة لدى بعض أبناء المجتمع السوري لكي لا تستغل من الخارج لذلك لا بد من الحوار مع ذلك.
المبادرة بترتيبها: لم وقف العنف أولاً؟ لكي تبني البيئة الملائمة لإنشاء حوار حقيقي وجدي بين كل أطياف المجتمع السوري، فلا يمكن أن نتحاور خلف متاريس السلاح.
المشكلة في وقف العنف هذا الطلب الأول هو ليس طلباً مسبقاً هو من مستلزمات الحوار، وشرط لإنجاح الحوار بين السوريين، ولكن الدول الخارجية التي أوصلت الأزمة السورية إلى ما وصلت إليه لا تريد وقف العنف، لأنها تريد إسقاط نظام الحكم في سورية أولاً وإسقاط مقومات الدولة ثانياً بالقوة العسكرية، وبالتالي كانوا سابقاً يتذرعون أن من يستخدم العنف هي الدولة في حين أن الدولة كانت تقوم بواجباتها لحماية المواطنين، الآن ظهر للقاصي والداني أن البادئ باستخدام العنف هي المجموعات المسلحة، لذلك هؤلاء الجماعات المسلحة هم ليسوا الهدف بل الوسيلة لتحقيق أهداف الدول التي صنعت هذه الأزمة، ومن هنا نقول إنه لا يمكننا أن نتحاور مع هؤلاء.
الحوار قسمان خارجي وآخر بين السوريين، فهذا الحوار لا يمكن أن يتم إلا بقسميه مهما كان السوريون على وعي لذلك لا يمكن إنضاج هذا الحوار وتنفيذه بين السوريين فقط.
الحوار الخارجي: يعني أن يكون هناك توافق دولي على وقف العنف في سورية وليس من أجل مصلحة سورية والسوريين لأن الدول التي صنعت الأزمة في سورية بدأت تعي حقيقتين: الأولى- لا يمكن إسقاط سورية بالآلة العسكرية، الثانية- حجم التسليح والأسلحة الموجودة في سورية والمجموعات المسلحة وارتباطاتها مع الخارج يدل على أنه لا يمكن التحكم بها إلى فترة طويلة ما يعني أن ارتدادات هذه الأزمة سوف تتجاوز الحدود السورية، وقد بدأت تتجاوزها وهو خطر كبير ليس على دول الجوار فقط بل على الدول البعيدة عن سورية من هنا بدا يلوح بالأفق شبه توافق دولي على ضرورة الاتفاق على حل الأزمة في سورية هذا ما نقصد به الحوار الخارجي.
بالنسبة للحوار الداخلي: مشكلة بعض السوريين أنهم اقصائيون ولو بالفكر حتى من بعض المثقفين، الحوار يعني قبول الآخر لأن هذا أعلى تجليات الديمقراطية، الحوار المطلوب في سورية أن يتمثل به كل مكونات المجتمع السوري، ونعني بالمكونات على مستوى المناطق، فنحن بحاجة إلى حوارات وليس حواراً واحداً على مستوى المناطق والمحافظات لننتقل إلى حوار مركزي على مستوى الدولة ولكن الحوار يجب أن يكون عناوين: عنوان اقتصادي وسياسي واجتماعي.
لذلك الحكومة قدمت برنامج عمل لتنفيذ ذلك، نحن لا نريد حواراً بين نخبويين نحن نريد حواراً بين الطلاب ونريد حواراً يضمن كرامة المواطن السوري ويضمن مشاركة فاعلة لهذا المواطن في اتخاذ القرار في مختلف المجالات ونريد حواراً ينتج من الناحية السياسية مواطناً غير محبط يشارك في الحياة السياسية في سورية وبفعالية إن أراد ذلك دون إجبار فعليه أن يصل إليه هذا الشعور عن طريق الترشح والترشيح والمشاركة بالرأي ولكن دون أن يكون هذا الشخص إقصائياً وعليه أن يحترم رأي الآخرين مهما كانت هذه الآراء متباعدة فلا ضير من ذلك، وعلينا أن نؤمن بالاختلاف فالاختلاف ضروري وهو الذي ينضج الفكر وعلينا أن نحترم أفكار بعض دون أن نتمترس وراء الفكرة التي انطلقنا منها وان نحاول فهم بعضنا وأحيانا ونتيجة تكوين الفكر المختلف لا استطيع أن أفهمك لكن أتفهمك فهناك فرق بين أن أفهمك وأن أتفهمك فأنا أتفهم الموقف الذي وصلت إليه أنت حيث يكون هناك تدرج منطقي لما وصلت إليه فقد تكون أنت وصلت إلى أقصى درجات الظروف فأنا يجب علي أن أرجعك إلى حضن المنطق لكن ليس بتطرف مقابل بل بالكثير من المنطق والصدر الرحب وهذا غير موجود الآن لا معارضين ولا موالين.
أما عن العفو العام فهو موضوع نابع عن الشخصية السورية المتسامحة رغم أننا شاهدنا الكثير من القسوة من السوريين ولكن يجب علينا أن نرجع إلى الشخصية التي حفظناها عن شخصية السوريين المتسامحة أنا اعتقد أن ما مر على سورية خارج سياق تاريخ سورية واستغرب كيف أننا شاهدنا الكثير الكثير من بعض السوريين في تصرفاتهم فيها الكثير من القسوة التي كانت غير متوقعة من مواطن سوري، هذا ما يجب أن نعالج نتائجه وأن نسمو على الجراح فهذا السوري الذي لوّن بعض المشاعر السلبية علينا أن نعيده إلى حضن الوطن فهذا هو الحوار الصحيح، ولذلك الرئيس الأسد وضع سقفاً وثوابت نبدأ الحوار منها هي السيادة الوطنية واستقلال القرار السياسي والاقتصادي السوري وان نتفق على عدم التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسورية فليس فقط بالسياسة بل بالسياسة والاقتصاد وفي كل المجالات فهذا الذي جعل سورية متميز وهو أحد أسباب الهجوم العالمي على سورية فهذا هو الذي يجب المحافظة عليه فيجب علينا المحافظة على هويتنا العربية السورية.
فالحوار المطلوب ليس فقط بين أحزاب وأيضاً بين المواطنين على مستوى كل بلدة وعلى مستوى المناطق والمحافظات فالحوار له طابع سياسي، فيضمن مشاركة فعالة بالحياة والسياسة ويجب أن ينتج شخصياً غير محبط وأن يشارك مشاركة كاملة فعالة عبر المنظمات وأن يكون هناك شفافية في الحوار.
يرى د. عكام بالمجال الاقتصادي أننا بحاجة لحوار أيضاً لنصل لأي نظام اقتصادي نريد أن نمضي به هل هو اقتصاد السوق الحر – التنافسي – رأسمالي – اشتراكي، أي كان ما يتفق عليه يجب أن يصب في مصلحة المواطن وتأمين احتياجاته ورفع دخله المعيشي، كما يجب أن تحتفظ الدولة بحقه في المستلزمات الأساسية للمواطنين بأن تكون تحت تصرفها لكي لا تتم المتاجرة بها، كما يجب استخدام القرار من أصحاب المناصب بشكل جيد بما يحقق الأهداف الاقتصادية للمجتمع والرفع مع مستوى المعيشة، ويجب تدارك التقصير والهدر الذي حصل في فترات سابقة، ويجب أن ننتبه لمشكلة أنه كان عدد سكان سورية وتونس مع بدايات السبعينيات بحوالي خمسة ملايين واليوم نحن نضاعفهم بالعدد الأمر الذي خلق مشكلة ومسؤولية كبيرة توضع على عاتق الدولة، لذلك يجب الانتباه إليها وتداركها، كما أننا بلد غني بثرواته ومواده الخام، ولكن علينا بناء صناعة تعتمد على هذه المواد لكي يتم الاستفادة أكبر قدر من ثرواتنا.
سورية تمتلك ثلاث سلطات (قضائية وتنفيذية وتشريعية) القضائية كما هي في كل دول العالم يجب أن تكون بمعزل عن أي تدخل من السلطات الأخرى، والتنفيذية ستنبثق عن الحوار، أما التشريعية فيجب أن يتم انتخابها بشكل جديد بما يشمل كل شرائح وطوائف المجتمع السوري، وهذه السلطة المنتخبة عليها دراسة كل ما صدر من خلال المختصين وتغيير ما هو بحاجة للتغيير من القوانين وتعديل الآخر وإصدار جديد، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، ويجب أن تمنح الحريات بشكل كامل مع عدم الاتجاه نحو خلق فوضى.
وأخيراً أتمنى أن يكون التسامح والتقارب هو طريقنا إلى الحوار، وصولاً إلى سورية متجددة تلبي طموحات هذا الشعب الكبير.
غسان غنيم - أستاذ الأدب الحديث والمعاصر في جامعة دمشق:
الرضا بالحوار يعني الإقرار بوجود أطراف متعددة ومختلفة بطبيعة الحال
تؤول غالبية الصراعات إلى تفاهمات من نوع ما، تحاول إرضاء بعض متطلبات المتخاصمين، لماذا إذن نطيل أمد الصراع؟ ومن هو الذي يدفع ضريبة إطالة أمد الصراع؟ إنه الشعب والوطن.
لا بد من الحوار.. ولا بد من مجموعة من العناصر، يكون في توفرها نجاح الحوار
1- تحديد هدف الحوار.
2- تحديد أطراف الحوار.
3- تحديد اتجاه الحوار.
4- تحديد مفردات الحوار.
وسأحاول أن أحددها بتكثيف واقتضاب
أما من حيث الهدف فلا بد من الإدراك أن هدف الحوار ليس فرض وجهات نظر معينة، ورفض كل ما سواها، فمجرد الرضا بالحوار يعني الاستعداد للتنازلات، التي تحاول إيجاد قواسم مشتركة أساسية تعني المتحاورين جميعاً، كما يعني الرضا والقبول بالآخر، والاعتراف به طرفاً آخر في معادلة الوجود والحقوق والواجبات.
كما يكشف الحوار وجود التناقضات الأساسية، وأهم نقاط الخلاف بين مكونات النسيج الوطني من النواحي جميعها، سياسية واجتماعية واقتصادية وربما فكرية، لهذا يجب أن يكون هدف الحوار هو ملامسة القضايا الأكثر حساسية وإلحاحاً، لمحاولة إيجاد حلول حقيقية ودائمة وليست مؤقتة، تكون كفيلة برأب الصدوع التي خلفتها الأزمة، وتتجاوز الوعود والشعارات ويظهر أثرها في الحياة وفي جوانبها جميعاً.
ومن هم أطراف الحوار؟
من الطبيعي أن يكونوا من المعنيين بحل المشكلة، الأزمة، التي ستيحاورون من أجلها، وفي هذا الأمر، يجب ألا يستثنى أحد من المتخاصمين، لا أحد... وإذا كان الرد بأن بعض الأطراف لا تريد، نقول إن علينا تكرار الدعوة والإلحاح بها، لأننا نقر بأن الجميع أبناء وطن واحد، ولا بد من الاستماع إلى رؤية الجميع إذا ما كانت تهدف إلى بناء وطن حقيقي متعدد، ديمقراطي، مدني يقوم على المواطنة واحترام حقوق الإنسان وعدم تهميش أي مكون من مكونات هذا الشعب، فجزء من أسباب الأزمة كان التهميش.
أما عن اتجاه الحوار فإن له أكثر من اتجاه، اتجاه سياسي واتجاه اجتماعي واتجاه اقتصادي واتجاه فكري.
وكله ضروري ولكن يجب تغليب ما هو أكثر إلحاحاً في المرحلة الراهنة، وربما كان الاتجاه السياسي هو الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة وعنه تتفرع بقية الاتجاهات أي التركيز على الناحية السياسية، ثم الانتباه بعد ذلك إلى النواحي الأخرى، وكلها أساسية ومهمة، فالناحية الاجتماعية من حيث المصالحة الوطنية وإعادة اللحمة التي تصدع جزء كبير منها، بالإضافة إلى التركيز على المواطنة والإمكانيات في تقويم الأفراد والجماعات، والبعد عن التخوين والتكفير والتهميش على أسس غير وطنية وكلها مسائل مهمة، ولكن المسألة السياسية هي الأكثر إلحاحاً في المرحلة التي تمر بها سورية الآن.
على هذا الأساس... ما هي مفردات الحوار؟
إذا كنا نقر بأن المسألة السياسية هي الأكثر إلحاحاً مع عدم إغفال الاهتمام بالنواحي الأخرى، فلا بد من التركيز على القضايا السياسية من مثل
أ- ماهية دولة سورية المستقبل؟
ب- الدستور وتعديلاته ونصوصه الأساسية.
ج- قانون الأحزاب د- وقانون الانتخابات ه - وما هو نظام الحكم المطلوب، هل هو رئاسي أو برلماني. و- ومنظمات المجتمع المدني وإقرار وجودها وتقنينه.
الحوار ضرورة وطنية في هذه المرحلة، شريطة أن يسفر عن تغيير حقيقي للوصول- عبر آليات ديقراطية، بعيدة عن أي نوع من أنواع العنف والإكراه- إلى دولة مدنية- تعددية، تقوم على احترام الحقوق، وعلى المؤسسات التي لا تتأثر بالتغيرات القيادية المتعاقبة والمتناوبة.
إن الرضى بالحوار يعني الإقرار بوجود أطراف متعددة ومختلفة بطبيعة الحال، مما يعني الإقرار بوجود الاختلاف، وبوجود رأي آخر، هو ليس رأيي أنا، أو مجرد تنويع عليه، بل يعني إقراري بحق الآخر في الاختلاف معي وبضرورة احترام رؤيته المغايرة لأساليب بناء الوطن، كما يعني الحوار وعدم التخندق والتمترس كل في موقعه، بل التقارب لإيجاد تركيبات قادرة على تحقيق قدر معين يرضي الأطراف المتحاورة شريطة ألا يكون تحقيق الرضى على حساب الوطن، عزة وكرامة واستقلالاً واستقلال قرار، ووحدة للأرض والشعب فكرمى لعيون الوطن تهون كل التنازلات.
أحمد ناصوري- عميد كلية العلوم السياسية:
جزء من برنامج إصلاحي متكامل
تجدر الاشارة قبل كل شيء بأن السيد رئيس الجمهورية من خلال مبادرته الوطنية الاصلاحية اراد توجيه عدة رسائل للداخل والخارج منها ان الحوار هو حوار سوري بحت اي لن يكون الحوار إلا بين الاطياف المجتمعية و القوى السياسية السورية بمعنى انه لا يمكن الدخول اطلاقا في مساومات لها علاقة بأجندات دول غربية او اقليمية
اضافة إلى ان الحوار لن يكون إلا مع القوى الوطنية التي تؤمن بالثوابت الوطنية والقومية وباستقلال سورية وسيادتها وبالتالي فإن بعض من يرتهنون بالمخططات الخارجية غير معنيين اساساً ولا مقبولين كطرف في الحوار الوطني.
كما ان الحوار هو تحت سقف الوطن وضمن اطار ثوابت سورية الوطنية والقومية كما ان المتمعن والمدقق في البرنامج الاصلاحي المتكامل الذي طرحه السيد رئيس الجمهورية يستخلص بأنه يرتكز على مجموعة من المحددات الاساسية.
أولاً: لقد استخدم السيد الرئيس مصطلح الحوار كجزء من برنامج اصلاحي متكامل ولم يستخدم مصطلح التفاوض ولهذا المصطلح دلالته لأن التفاوض يكون بين دول وليس بين قوى سياسية واجتماعية تنتمي إلى الوطن ذاته كما أن مفهوم التفاوض ينطوي على الطرح و المساومة حول اجندات مختلفة ومتناقضة وهذا ينفي صفة الوطنية عن كل تفاوض قد يتناول الثوابت الوطنية ويستهدفها في اساسها.
إن الحوار هو بين مكونات المجتمع السوري وقواه السياسية التي تقبل التحاور تحت سقف الوطن وتلتزم بمصالحه وثوابته وبذلك يستبعد من الحوار بشكل منطقي جداً كل من يسخر نفسه لخدمة اجندات خارجية ويعمل كأداة لتحقيق هذه الاجندات.
وطالما ان الحوار هو حوار وطني سوري فإن جميع العصابات الوهابية والقاعدية بكل اطيافها ليست معنية ولا مقبولة ضمن اطار هذا الحوار اما في ما يتعلق بمضمون الحوار ومستوياته فإن الحوار الذي دعا اليه السيد رئيس الجمهورية هو حوار شامل يضم كل مكونات المجتمع السوري وقواه الوطنية كما انه جزء من برنامج اصلاحي شامل يتناول جميع المستويات المجتمعية والوطنية.
فهو أولاً من اجل الاتفاق على ميثاق جامع يتضمن حتماً الثوابت القومية والوطنية ويحدد مكونات الهوية وجميع أولويات سورية على المستويات المحلي والاقليمي والدولي وهو بعد ذلك من أجل الاصلاح الدستوري والقانوني والمؤسساتي فضلاً عن المجالات الاقتصادية والثقافية.وهو كذلك حوار من أجل تكريس الديمقراطية والتعددية الحزبية والتنافس الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع وهو كذلك حوار من أجل تكريس وتحقيق الوحدة الوطنية عبر اعادة اللحمة إلى مكونات المجتمع السوري وترسيخ مفاهيم التآخي والتسامح والتسامي فوق الجراح من أجل صون وحدة الوطن واستقلاله وتكامله والبدء بعملية نهضوية وتنموية شاملة كل ذلك يأتي بعد القضاء على العصابات المسلحة وبالتزامن مع الاستمرار بملاحقة فلولها كخطوة لابد منها لاعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن والسير قدماً في تحقيق التطور الاصلاحي الديمقراطي والتنموي عبر الحوار الوطني الشامل.
فادي عبد الأحد – السويد... الحزب السوري القومي الاجتماعي:
البعض يرفض الحوار لأنه أساساً يتاجر بالوطن
جاء خطاب السيد الرئيس بشار الأسد بروح سورية عظيمة، فأعطانا روحاً معنوية عالية جداً، أما من حيث المضمون، فقد قرأت ما بين سطور الخطاب فأيقنت أن النصر آت لا محالة، وأن السوريين «قيادةً وشعباً» لن ينسوا من تآمر عليهم فالرئيس الأسد قال سورية فوق الجميع، وأنا كسوري بالمغترب أرفع رأسي بسوريتي وبموقف السيد الرئيس الذي استطاع أن يدير الأزمة بشكل رائع وأحيي إقدام جيشنا السوري العظيم وأقَبِل أيادي أمهات الشهداء.
المناصب لا تدوم، الباقي هو الوطن هكذا تكلم السيد الرئيس ومن أبرز النقاط التي تهمنا ونلتفت لها هي استعادة أراضينا المسلوبة لاسيما لواء اسكندرونة ولن أقول إننا كنا قد نسيناه وإنما كنا في انتظار اللحظة الحاسمة التي تؤهلنا لاستعادة ما سلب منا.. الجولان لنا وفلسطين قضيتنا وسورية تقبل النصيحة ولا تقبل الإيماء وإن نادانا الواجب لبينا النداء.
الدفاع عن الوطن واجب قانوني وشرعي، وسورية لا تقبل الخنوع وأي تفسيرات أخرى هي إضعاف لمشروع الإصلاح، فالوطن للجميع ندافع عنه جميعاً والدعوة للحوار تحت سقف الوطن هي ركن أساسي للخروج بسورية من الحال التي تعانيه.
طبعاً أنا أعارض الدستور فيما يخص المادة الثامنة الفقرة الثانية بأن يكون دين رئيس الجمهورية مسلماً حصراً، وهذا دستور يأتي حسب الشريعة الإسلامية ولهذا أقول لا للدستور وأولى مطالبي هي إعادة النظر بتشكيل دستور جديد لا محالة، للمضي بسورية عربية لا سورية طائفية تهمش طائفة معينة وترقى بأخرى ولا أطالب بتغييره من كوني مسيحي، وإنما للخروج من فكرة «نحن وأنتم» ولأنني كمواطن سوري لي الحق بالمساواة مع أبناء وطني فنحن سوريون أولاً وأخيراً.. كما يجب معالجة مشكلة الفساد وإعادة تأهيل المؤسسات الحكومية دون استثناء فهي بحاجة لإعادة النظر فيها وربما إعادة الثقة بينها وبين المواطن... نحن في المرحلة الماضية شهدنا مؤامرة حقيقة أساسها العرب قبل شياطين الغرب إلا أننا لا نقول في ظل وجود المؤامرة أنه لا توجد مطالب شعبية بحاجة لأن تلبى وإصلاحات يجب تنفيذها، وهذا لا يعني أن نؤيد وجود الإرهاب فالحاجة ملحة لصده.
تكلم الرئيس الأسد منذ تسلمه الحكم عن الفساد إلا أن الطرح لم ينفذ ربما لضرورات اقتضت بغير تنفيذه ولكن الوقت أصبح متاحاً وأرى أنه وفور القضاء على الإرهاب يجب معالجة مشكلة الفساد ومحاربته من جذوره.
فالدعوة للحوار أساسية ولكن ليس مع وجود الإرهاب ويمكنني أن أقول إنه أفضل خطاب قدمه سيادة الرئيس.. إن كان من ناحية الإعلان بالنصر أو من ناحية الدعوة للحوار في البداية لم نكن نهتم للحوار لأننا كنا على مفترق طرق، ولم نكن نعرف مع من نتحاور أما الآن فنحن أمام طريق واحد وهو إيجاد الطريق السليمة للخروج بسورية لبر الأمان والتكاتف للقضاء على الإرهاب، ومن ثم المثول لطرح المشاكل التي نريد إصلاحها على أن يكون الحوار سورياً- سورياً فقط، ولا حوار مع الإرهاب، فالحوار يكون مع السوري المعارض الشريف «نعم» فأنا سوري معارض إلا أنني أرفض الحوار مع الإرهابيين المرتزقة وكلاب الناتو أو أن ضم صوتي لصوتهم فهؤلاء لا حوار معهم سوى بالحسم العسكري السوري بمعنى عدم تدخل الخارج بالشؤون الداخلية، فأنا أعيش في المغترب وأعرف ما يكنه الغرب ومساعيهم وتدخلاتهم ليست سوى تحقيق لمصالح شخصية تغنيهم ذلك لأن سورية ركن أساسي غني بقيادته التي تهدد مصالحهم وغني بشعبه المقاوم وأرضه المثمرة وسيادة الرئيس تكلم بالسياق ذاته ولكن بطريقة ثانية.
وأضاف عبد الأحد نعم للحوار ولكن مع من سنتحاور؟ مع السوري نعم «ولكن إذا كانت جنسيته سورياً وخائناً لا» إذ يجب أن نتحاور مع الشرفاء، ويجب الالتزام بفكرة التعددية الحزبية بجدية لا بالكلام فقط.
ومن جهة أخرى أرى أن من يرفض الحوار يرفضه لأنه أساساً يتاجر بفكرة وطن ووطنية وينسى الدماء السورية هؤلاء مثلاً كيف نحاورهم، كيف نحاور من فجر بالسلمية مؤسساته ومنازله وشوارعه.. الخ، أنا لا أقبل الحوار مع جميع الفورجية و(دعاة الحرية والسلمية) وحوارهم الوحيد الحسم العسكري. سورية عندها جيش نظامي فقط ولن نعترف بغيره، وكل جماعة المعارضة الحالية أقصد بها مجلس اسطنبول والائتلاف الوطني لا يمكن لهم أن يقدموا لسورية وللشعب السوري شيئاً فهم يعملون تحت إمرة الغرب ويتحركون بمساعٍ غربية متآمرة بحتة لذلك استثناؤهم من الحوار شرط أساسي وضروري، ومما لاشك فيه إذا نجح الحوار طبعاً سوف يشكل صدمة كبيرة للصهيونية العالمية وليهود الداخل والمقصد بيهود الداخل هم العربان كما أسماهم زعيمنا «أنطون سعادة» فالحوار بالنسبة لهم هو بداية النهاية لأننا سنكون على بداية طريق الخروج مما نعاني منه نحن كسوريين منذ 20 شهراً مضت.
فؤاد طوبال - نائب عميد كلية الفنون الجميلة:
الحوار على قاعدة قانون المواطنة وتحت سقف الوطن وعلى ترابه
بداية أود التذكير بقدسية تراب سورية وسمائها ونجومها، ويجب أن يكون كل ذلك هو محيط طاولة الحوار التي نجلس إليها وعلى كل من يبحث عن ثقافة سورية أن يتذكر بأن سورية التاريخية قامت عليها أعظم الإمبراطوريات التي لم يكن لأحد أن يجرؤ بالاعتداء عليها وفي بعض العهود بلغت حوالي الألف عام كانت لغتها لغة العالم القديم كله، وكان البحر المتوسط يدعى (بحر أمورو) أي بحر الأموريين وأن تراب سورية المقدس يضم أهم صفحات تاريخ البشرية.
ويجب أن يعلم من يبحث عن الحرية في أوروبا بأن اسم «أوربا» هو اسم سوري، وأن كلمة «الحرية» استخدمت لأول مرة في التاريخ المدون في أرض سورية والعراق القديم، وأن فكرة الحرية في حدود القانون كانت معروفة في هذه الأرض منذ الألف الثالثة قبل الميلاد كما أن سورية مهد الإصلاحات ذات العلاقة بالنظم القانونية في هذه الأرض ويعود تاريخها إلى 2351 عاماً قبل الميلاد ومنها: الشرائع السومرية والبابلية والقوانين الأمورية وكذلك قانون التعرفة..
هذا هو تاريخنا ومن هنا نشأنا لذلك يجب أن يكون كل هذا نصب أعيننا في حوارنا، وأن يكون ميثاقاً تاريخياً مشتركاً بين كل السوريين ومصدراً لاعتزاز السوريين بانتمائهم ولفظهم للدخلاء الذين يتلطون خلف شعارات نصرة الشعب السوري وتقدمه وازدهاره.
ماضينا يجب أن يكون حدود الطاولة ومستقبلنا هو السقف الذي يظللها، ولا مكان لمن لا يؤمن بالوطن أو لمن يعتبر خيانة تراب سورية وجهة نظر على طرف من أطراف هذه الطاولة... ويجب أن نتفق على هذا أولاً.
وشدد د. طوبال على أن ما رود في خطاب السيد الرئيس بشار الأسد بأن سورية «لن تخرج من محنتها إلا من خلال حراك وطني شامل» وأن لكل مواطن دوراً ومسؤولية تجاه الوطن في حل الأزمة، هذا يوضح أن حدود الحوار واسعة ويجب أن يشمل قائمة كبيرة من الفعاليات الوطنية والشعبية والقوى السياسية على أوسع مدى للاحاطة بالأسباب الداخلية التي ساهمت بتفاقم الأزمة، آخذين بالاعتبار التمييز بين أصحاب الرأي ونوايا الإصلاح وأصحاب الفساد وأصحاب الأجندات الخارجية.. والتفريق بين المعارضة الوطنية والمعارضة اللاوطنية ممن لا يملكون قرارهم واللصوص والمجرمين الذين ركبوا الموجة وهم ليس لديهم أدنى حدود الثقافة أو الشعور بالمسؤولية.
إن الذين يشرعون التدمير والفتنة والتخريب يجب أن تقف في وجههم كل شرائح الشعب السوري التي تؤمن بالإصلاح، لأن كل ما يفعلونه لا يندرج تحت عنوان الحراك السياسي ولا الإنساني، بل حراك يسير عكس حركة التاريخ وعلى كل مواطن سوري أن يتذكر كيف كانت البنى التحتية السورية قبل الأزمة وكيف أصبحت بعدها...
ويتساءل ويعرف من رسم هذه الصورة الكئيبة لقسوة الإنسان والصراع المرير الذي لا هدف له إلا دمار الحضارة والإرهاب والقتل ولا ينسجم مع أية قيم دينية أو أخلاقية أو فكرية...
وعلى كل مواطن يشارك في الحوار أن يكون هدفه الأول مواجهة العوامل الخارجية والدولية التي تؤجج الأزمة السورية، ثم هدف ترميم التصدعات في جسد المجتمع السوري، وليقل بعدها ما شاء في الشأن العام آخذاً بعين الاعتبار أن الرأي هو مسؤولية وكل فكرة تقال إلى أين يمكن أن تصل بالوطن والمواطن.
وأكد د. طوبال ليكن الهدف المشترك الذي يجمع السوريين هو محاربة الفاسدين والمتقاعسين والمترهلين الذين مرت أسباب ضعف المناعة من أمامهم ومكنت المؤامرة من الوصول إلى ما وصلت إليه من ترد في أوضاع الشعب السوري العريق.
وأجد أنه من الضروري الانتباه إلى الجيل الشاب الذي لوزارة التربية الدور الأساسي في إعداده فقد كان هناك تقصير بنواح كثيرة يجب تداركها، حيث إن هذا الجيل فقد ارتباطه بتاريخه وعراقة سورية، وإعادة بعض المواد التي ألغيت من المناهج التربوية، مواد كانت تعزز التزام الجيل الشاب في العمل والوطن وتعطيه دفعاً في مراحله المبكرة من العمر مثل مادة «الفتوة»، وإعداد هذا الجيل بشكل فكري سليم وإبعاده عن التيارات الفكرية الدخيلة، ويجب أن يكون الكادر المشرف في هذه الوزارة على قدر المسؤولية لأنهم سينشؤون الجيل الذي نعتمد جميعاً عليه في نهضة وتطور سورية.
ويرى د. طوبال أنه لدينا خلل كبير في الثقافة كان لها دور أساسي في خلق الأزمة في السورية، هذا الخلل وجد ثغرة لدى عقول البعض ببث أفكار وسموم، وتغذيتهم بمعتقدات خاطئة جعلت منهم سلعة رخيصة في يد العديد ممن ينصبون العداء لسورية وشعبها، فجندوهم ضد أبناء جلدتهم، لذلك يجب التوعية لهذه الناحية من خلال تفعيل دور وزارة الثقافة وتكثيف الندوات والحوارات التي تلامس هذا الجانب.
وأخيراً نقول إن خيانة الوطن ليست وجهة نظر يطلقها من كان الوطن يمثل له فندقاً وقد وجد الآن فندقاً بديلاً له في مكان ما سيقفل في وجهه قريباً، وسيبقى ما يجمعنا هو حب الوطن والإخلاص في خدمته والدفاع عن شرف الأمة وعزتها.
أجرى الحوارات: سائد الراشد - عزة شتيوي - وضاح عيسى - ربى زين الدين