تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كيف نبني بيئة آمنة في مدارسنا?..التدافع و (الموبايل) والحالة الاقتصادية أكثر مسببات العنف

مجتمع
الخميس 10/4/2008
براء الأحمد -ميساء الجردي

عملت وزارة التربية خلال العام الماضي على وضع خريطة لمفاهيم حماية الطفل, وكانت هناك العديد من الدورات والورش لتدريب مدربين في هذا المجال والتي نتج عنها فريق مركزي وإعداد مسودة دليل تدريبية في آلية الحماية.

ولكن إصدار إقرار بهذا الدليل ووضع خطة تدريبية من أجل البدء بالتطبيق يحتاج إلى مكونات نظام وآلية عمل توضح دور كل من المدير والمرشد النفسي والمعلم والطفل, ولابد أن يكون هناك استقراء للواقع الموجود داخل المدارس, وما نوع المفاهيم المنتشرة حول العنف وما نوعه, اسئلة ونقاط مختلفة كان قد ناقشها المشاركون في الدورة التدريبية التي أقامتها وزارة التربية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف ووكالة الغوث وبوجود موجهين تربويين مركزيين ومرشدين اجتماعيين من ست مدارس مختارة من دمشق وريفها.‏

الجهود الفردية لا تكفي‏

وباعتبار أن التوجه كان حول البحث عن البدائل في العقاب, بعد قرار منع الضرب والخوض في حوارات على ثلاثة اتجاهات هي ممن نحمي الطفل, ولماذا, وكيف? كان السؤال الأول الذي توجهنا به إلى الموجهة سميرة القاضي ب(وزارة التربية) :ما المقصود بتكوين نظام حماية الطفل, وما أهم النقاط المطروحة حول مسألة العنف في المدارس? والتي أشارت أن تكوين نظام لحماية الطفل هو مقترح تم عرضه في لقاءات وورش سابقة وطبق في العديد من المحافظات, لكن بجهود فردية (جهود المرشدين) لذلك فإن نتائجه لم تكن ايجابية بالشكل المطلوب, وتوصل الجميع إلى قناعة كاملة بعدم الضرب في المدارس, لكن التساؤلات مستمرة حول المفاهيم وماذا يقصد بالعنف, وعلى سبيل المثال:الفقر يولد حاجات وهي بدورها تولد العنف, فكيف نطرح العنف بالنسبة للأسر الغنية وبالنسبة للأسر الفقيرة?.‏

وبما أن النقاش كان يدور حول مم نحمي الطفل ولماذا وكيف? فإنه لابد من التأكيد بأن العنف لا ينتهي بقرار وزاري, بل يحتاج لخلق آلية للعمل به من داخل المدارس, وهو أمر ممكن عن طريق التوعية وإشراك الكادر الموجود في المدرسة بأكمله (من المدير حتى الطفل) ولا ننسى أن العنف قد يكون من طفل إلى طفل, ومن الأهل إلى الطفل, ومن الطفل نفسه.‏

أما الجانب الآخر الذي نُظر به هو : البناء المدرسي الآمن والصحي والمريح داخل الصفوف وفي الباحة والاهتمام بنظافة الحمامات وغيرها من الأمور التجهيزية التي تقدم الراحة للطالب ثم الانتباه إلى أنواع العنف الموجود مثل التدافع والموبايل, والشلل المدرسية.. والتي تحتاج إلى حماية من خلال نشر الوعي وتأمين بيئة آمنة وقوانين صفية, الأنشطة الصفية واللاصفية, التواصل بين المدرسة والأهل, التعرف على مهارات الأطفال واستثمارها ثم ايجاد مجالس للطلاب والتعاون مع المجتمع المحلي.‏

ما الآلية المطلوبة?‏

وعن كيفية تحديد مكونات النظام قالت:هي وضع وثيقة تهدف لاشراك كل العاملين في المدرسة بخلق بيئة آمنة للأطفال, تدعم نمو الطفل وتحدد مسؤولية المدير وكيفية معالجته للمشكلة أو الحالة التي تصادفه, ثم دور المرشد والمعلم في حل المشكلات, على أن يكون المعلم هو المسؤول المباشر داخل الصف وهناك مقترح بتخصيص حصة درسية اسبوعية لتعريف الطفل بحقوقه واستثمار الاذاعة المدرسية والأنشطة في نشر الوعي لدى الأطفال.‏

نريد بيئة آمنة للطفل‏

ومن أجل تأمين بيئة آمنة وحافزة للطفل اهتمت وكالة الغوث الدولية في سورية منذ فترة طويلة بحماية الطفل وساهمت في ذلك على كافة المستويات بالنسبة للقوانين وتهيئة الأسباب التي تجعل المشروع ناجحاً. موجهة الارشاد وفاء عرب في المركز التابع لوكالة الغوث قالت: إنه يوجد تنسيق كبير بين وزارة التربية والوكالة وبين اليونيسيف وتم تنفيذ العديد من ورشات العمل التدريبية ,والبداية كانت ب/15/ ورشة عمل واقيمت ورشات عمل للمعلمين عن بدائل العقاب, وكان الاهتمام كبيراً حول التوعية عن الآثار السلبية التي يتركها العقاب وعن توفير بيئة حافزة للطفل لها علاقة بالبيئة النفسية والاجتماعية والمادية الموجودة بالمدرسة, وركزت على التعاون مع المجتمع المحلي وما يتعلق برعاية الطفل الأسرية وتواصله مع المدرسة والخدمات المتبادلة ما بين الأسرة والمجتمع المحلي والمدرسة, وقد تم العمل على هذا الموضوع ضمن المجالس المدرسية بالتعاون مع المرشدين المدرسيين, وكان للطلاب دور فعال للوجود بالمدارس ضمن لجان والذين ينتسبون اليها مثل ( لجان التوجيه والارشاد- الصحة المدرسية - والمكتبات.. الخ).‏

وكانت أثناء التطبيق ميدانياً تظهر بعض الصعوبات, أهمها صعوبة تغيير القناعات والاتجاهات الموجودة لدى بعض المعلمين الذين ظهرت لديهم نتائج تحصيلية جيدة للطلاب فقد ظهر عندهم خوف من تراجع الطلاب وتدني المستوى التحصيلي لديهم في حال تخليهم عن الأسلوب السابق, إضافة إلى اقتناع بعض الاهالي بضرورة فرض سيطرة المعلم على الطلاب ويميلون لتطبيق المثل القائل (اللحم لكم والعظم لنا) ولهذا كان العمل الجاد بالتوعية على تلك الأمور.‏

المشكلات الأكثر شيوعاً‏

المرشد الاجتماعي كمال حسن تحدث عن المشكلات الموجودة داخل مدرسته وأهمها استعمال الضرب وقال: إننا لم نستطع منع الضرب من قبل المعلمين بسبب كثافة عدد الطلاب الموجودين بالمدرسة, والمدرسة تعاني من مشكلة تضارب الطلاب لبعضهم بعضاً لعدم وجود التقارب فيما بينهم والسبب عدم وجود التجانس واختلاف بيئاتهم وتربيتهم, وهذا يزيد من الحوادث التي تحدث بالمدرسة وبشكل يومي تصل إلى ( 5-10) حوادث.‏

أما موضوع منع الضرب فالبعض من المعلمين قبل الموضوع والبعض الآخر رفضه ولم يتقبل الفكرة, ولاسيما المعلمين الذكور الذين يعتبرونها نوعاً من السيطرة على الطلاب والإدارة معاً. حتى المديرة أحياناً لا يمكنها التأثير عليهم فكل مدرسة لها خصوصيتها ولكن بشكل عام لابد من التوعية عن طريق مجالس الأولياء ومجلس المعلمين وعن طريق التلاميذ أنفسهم, فالعنف الموجود في معظم المدارس من تلميذ لتلميذ آخر ضمن المدرسة وضمن الباحة إضافة إلى أن التواصل مع الأسرة لا يكون إلا عن طريق المدرسة. وللأسف المدرسة تمنع مقابلة ولي الأمر للمرشد الاجتماعي وتتولى إدارة المدرسة مناقشة المشكلة فقط من دون إشراك المرشد الاجتماعي وبالتالي سينعكس ذلك سلباً على الطلاب أنفسهم..‏

التدافع ومخالفات في اللباس‏

الاستاذ ابراهيم النمر- موجه الارشاد النفسي في محافظة درعا قال: هناك عنف يوجه من قبل المدرس إلى التلاميذ وهناك أنواع متعددة من الضرب ومنها يصل إلى درجة الايذاء الجسدي وذلك ينبع من عدم قدرة المعلم على استيعاب تصرفات الطلاب أو سبب السلوك الذي دفعهم إلى ذلك, اذ حتى الآن يوجد جهل في كيفية التعامل مع الطلاب وعدم اهتمام باحترام الطفل.‏

المشكلات الشائعة أغلبها يتعلق بالمخالفات في اللباس والشعر والتأخر والمشاغبة داخل الصف, أو التدافع في الباحة, التحديات بين الطلاب والتي أرى أنه يمكن حلها من خلال إحالة الطفل إلى المرشد النفسي للوقوف على حقيقة المخالفة التي لا تستدعي الضرب.‏

إلا أن هناك مشكلات كثيرة سببها الفروقات الفردية بين الأطفال من حيث مستوى الاستيعاب والتحصيل الدراسي ومن حيث نوع الخدمات والاهتمام المقدم له والأسرة التي ينتمي اليها.‏

مهارات بحسب المواقف‏

وحيث إن التدريب والنقاش هو استكمال لإجراءات سابقة وبحث عن أدوات ومعايير لحماية الطفل, تؤكد السيدة سلمى كحالة مديرة المشروع على أهمية تطوير الأمور الإجرائية في كيفية تحويل طفل لديه مشكلة إلى شخص عادي, وتدريب المعلمين داخل الصفوف على توظيف المهارات بحسب المواقف والحالات التي تصادفهم, والفكرة تطبق الآن على ست مدارس وسيعمل خلالها على أخذ رأي الأطفال وماذا يريدون وما دور المدرسة في حمايتهم وما مسؤوليتهم كأطفال مع التركيز على عدم التمييز داخل الصف والاستقلال بأنواعه.. وخاصة أنه توجد مشكلات مع المتفوقين ومع المتأخرين, فلكل طفل حاجات معينة.‏

المدرب المشرف على المشروع الدكتور عصام علي قال: إن التدريب الذي تم للمرشدين سوف يطبق بشكله العملي على النظام الإداري التربوي داخل كل مدرسة وسيكون التوسع فيه بداية العام الدراسي القادم, بحيث يكون قد انتهى التدريب عليه واكتمل العمل به وعلى أن يحصل التطوير الكامل يكون ذلك من خلال اللقاءات والدورات والندوات التي تقام في المراكز الثقافية والتي تنشر موضوع الوعي ضد العنف.‏

نظام حماية الطفل‏

الدليل التدريبي الذي تم وضعه في ورشة سابقة ويطبق في مدارس موزعة في دمشق وريفها وحسب الاماكن لمجتمعات مختلفة وتضم إضافة لها مدرسة صديقة الطفولة, ستتم مناقشة الوضع وتجربته على أرض الواقع ليصار إلى تعديله على ضوء هذا التطبيق.‏

الموجهة الأولى في وزارة التربية ليلى محمد قالت: إن الدورة انتهت بوضع نظام يعمل على تطبيقه في تلك المدارس وقد تم وضع مكونات لهذا النظام وهي:‏

- تطوير دليل اجرائي بأن تكون المسؤوليات واضحة لمدير المدرسة والمعلم والمرشد في حماية الاطفال على أن تكون تلك المسؤوليات مكتوبة بخط واضح ومعروفة لدى الجميع, وأن يبتعد عن المشافهة في تحديد الصلاحيات لأن النظام المكتوب يحدد دور كل من أعضاء الهيئة التدريسية في المدرسة وأن يعرف كل طالب بذلك وهذا بدوره سوف يساعده في معرفة الجهة التي سيلجأ اليها في حال مورس عليه عنف ما أو وقعت عليه الإساءة.‏

- واقترح ضرورة وجود / لجان لحماية الطفل/ تضم المدير والمرشد والمعلم والمسؤول عن الصف واتخاذ القرارات المناسبة في الحالات الفردية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية