تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث..علاقات قهرية

آراء
الخميس 10/4/2008
د. اسكندر لوقا

كثيراً ما أقف متأملاً في معاني العبارات التي كان يرددها قائدنا الراحل الرئيس حافظ الأسد, في سياق لقاء بينه

وبين أحد ضيوفه أو مضيفيه, فأجد أنها كما كانت تصلح بالأمس كذلك هي تصلح اليوم.‏

في سياق هذه الوقفة, أتأمل أبعاد المعاني في إجابته عن سؤال وجهه إليه صاحب ورئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز جون آدكس في 28 آب 1977 وفيها قوله:‏

(إذا لم نصل الى سلام فلا بد من الحرب, فلا اتفاقيات جزئية أو منفردة, تفيد في استعادة أراضينا المحتلة وحقوق الفلسطينيين, لأن إسرائيل تحاول استغلال الوضع في لبنان, كذلك نحن نرفض الجهد الأمريكي إذا كان هدفه إقامة علاقات قهرية على حساب العرب).‏

بين العديد من التعليقات التي أعقبت نشر الحديث في اليوم التالي, قرأت في إحدى صحف بيروت: (إن الرئيس الأسد جسد في حديثه الهام يقظة العرب في العصر الحديث كما كان دائماً في أعماله الرائدة).‏

يتساءل أحدنا وهو يقرأ تعليقاً كهذا وفي صحيفة لبنانية حصراً, يتساءل ألم تكن رؤية الرئيس الراحل حافظ الأسد في مكانها? أو لم هذا الرد على السؤال بمثابة رؤية واسعة نحو المستقبل, من منطلق الواقع الذي كانت تعيشه بلادنا وخصوصاً المنطقة التي تضم سورية ولبنان ضمن الخارطة العربية?‏

إن رؤية الرئيس الراحل, تجسدها الأحداث الدائرة في منطقتنا في وقتنا الحالي, بكل ما فيها من تبعات المؤامرات التي حيكت ضدها, وذلك منذ أن هزمت إسرائيل على أيدي المقاومة العربية مروراً بتحرير الجنوب في الخامس والعشرين من أيار 2000 وصولاً الى هزيمتها في حربها ضد لبنان في تموز-آب من العام .2006‏

واللافت للانتباه العبارة التي تتحدث عن (استغلال الوضع في لبنان) وهو ما نتلمسه في الزمن الراهن حيث النهج الذي تتبعه إسرائيل لفرض الأمر الواقع في لبنان على أرضية الانقسام بين شرائحه وأطيافه كافة, اجتماعياً, اقتصادياً, ثقافياً, لا سياسياً فقط.‏

إن نهجاً كهذا, حين يجد مجالاً واسعاً للفعل في حدوده المرسومة بدقة لتحقيق أغراض مبيتة في المنطقة العربية, وأقلها في الساحة السورية-اللبنانية, لا يجب اعتباره نهجاً طارئاً بل هو نهج يتصل بأطماع استعمارية لا أبعاد لها, كي تتمكن رموزه من تشديد القبضة على رقاب أصحاب الأرض والقضية التي يدافعون عنها منذ سنوات وسنوات.‏

وفي تعقيب الصحيفة اللبنانية أن الرئيس الأسد جسد في حديثه يقظة العرب في العصر الحديث, يبقى علينا أن نوجه السؤال الى من يعنيهم الأمر: أين كانت حماستكم حيال اليقظة قبل أن تنقلب الأمور على النحو الذي نشهده من حولنا في هذه الأيام الصعبة? وهل (اليقظة) التي كان لها حضورها المشرق منذ أواخر القرن التاسع عشر, هل دخلت النفق المعتم في جبل الأربعين بانتظار زمن الخروج منه كما أهل الكهف بعد قرون عديدة من النوم?‏

يسأل أحدنا نفسه, ويسأل الآخرين, كيف حدث ذلك ولماذا?‏

غالباً ما نردد أن السبب هوالاستعمار. وهذا الرد مقنع, وموضوعي, ولكن من المؤكد أيضاً أن قسماً كبيراً من المسؤولية يقع على عاتق الذين لا يقرؤون تاريخ العلاقات السوية, لا القهرية, بين الشعوب والبلدان, وإن هم قرؤوا تجاهلوه, حرصاً على مكاسبهم الشخصية. ولا أعتقد أن هذا الاستنتاج, لوضوحه, يحتاج من قبل أحد الى برهان.‏

Dr-louka@maktoob.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية