تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الضربات الفرنسية الانتقامية.. دائماً ضحاياها المدنيون

عن موقع : Le Grand soir
دراسات
الثلاثاء 1-12-2015
ترجمة: دلال ابراهيم

 الضربات الجوية الفرنسية على معقل داعش في مدينة الرقة « لا هي شوكة ولا دباحة » . وليس أنا من يؤكد هذا الكلام باستمرار , وبقولي هذه الحقيقة إنما أخاطر بالتعرض لمعاملتي معاملة  « غير الوطني » . لقد نشرت حصيلة هذه الضربات الفرنسية بطيران الميراج والرافال إحدى كبريات الصحف الأميركية وهي صحيفة « واشنطن بوست ».

وتلك صحيفة ليست ورق ملفوف . حيث كتبت رائدة الصحافة الأميركية في عددها الصادر بتاريخ 18 تشرين الثاني تقول :« لقد تعلم مقاتلو داعش بعد مرور عام على شن ضربات جوية ضده كيف يخبئون أسلحتهم في منأى عن تلك الضربات وتأمين وسائل اتصالاتهم وكذلك الاختباء في مخابئ كبيرة , الأمر الذي يرفع أعداد الضحايا في صفوف المدنيين إلى حد غير مقبول .» ويصف تيودور كاراسيك , الخبير المشار إليه في الصحيفة  شبكة الإنفاق المستخدمة من قبل داعش للاختباء فيها من الضربات . ووفق مراقبين سوريين فإن الضربات الفرنسية حتى لو قتلت ثلاثين عنصراً من داعش , وهو بالعرف العسكري حصيلة مروعة , فإن الكلاشينكوف يعتبر أكثر فتكاً من القنابل الموجهة بالليزر أو أي صواريخ أخرى . ووفقاً لأحد الناشطين الذي  يعبر عن وجهة نظره دوماً في الواشنطن بوست فإن قادة داعش يستخدمون تقنية « الدروع البشرية», أي وضع مراكزهم القيادية في قلب الأحياء السكنية المدنية , الأمر الذي يجعل الضربات الموجهة محفوفة بالمخاطر . وفي فرنسا , يسمي الجنود ووسائل الإعلام هذه « بالأخطاء» . والنتيجة أن القنابل المأساوية على مدينة الرقة تعتبر أداة تواصل الغرض منها القول للشعب الفرنسي أننا « انتقمنا» أكثر منها وسيلة حرب تصيب هدفها . ومن إحدى ألغاز الحرب ضد التنظيمات الإرهابية هو اللغز المتعلق بالتساهل الطويل المدى الذي شكل غطاء لحماية البنى التحتية لداعش. أي عندما لا يمكننا سحق المقاتلين الأعداء , فإن الأفضل هو قطعهم عن باقي العالم . وأي مطلع يعرف ذلك منذ ظهور كتابات الجنرال كلاوزوفيتز . ولا يمكن الوصول إلى هذا الغرض عبر طائرات الميراج أو الرافال أو أي طائرات أميركية أو روسية , لا بد لنا من تجهيزات دفاعية موزعة براً , وإلا فإن مجهودنا سيكون مجرد عمل تدريبي مقارنة بتدمير الجسور والطرقات ومعامل الكهرباء وآبار النفط ورتل ناقلات النفط التي تنقل منذ أشهر النفط إلى تركيا المتواطئة . ويبدو أن منظري الاستراتيجيات لدينا فتحوا أخيراً كتاب « فن الحرب » وبدأوا يقطعون عن داعش عائداتها المالية . الأمر الذي سيجعل بعض الممولين المسترخين في مكاتبهم الفاخرة في أوروبا أو الولايات المتحدة يذرفون الدموع .‏

وفي هذا الصدد أتذكر فصلاً مماثلاً في تاريخنا الحديث . ففي أعقاب عملية تفجير بناء دراكار في بيروت في شهر تشرين الأول من عام 1983 والذي راح ضحيته 57 مظلياً فرنسياً قرر الرئيس فرانسوا ميتران الرد عبر قصف البقاع حيث مقرات حزب الله هناك المتهم بأنه منفذ الاعتداء. والمحصلة كانت مقتل راع مع حماره في اعالي تلك الجبال.  وفي التوسع في عملية الرد على المتهمين بتفجير المبنى في بيروت , تسللت وحدات خاصة فرنسية إلى دمشق بغرض تفجير مبنى لحزب البعث . ولسوء حظهم تاه أشباحنا في العاصمة السورية وأخطؤوا العنوان , فقاموا بتفجير مبنى لا علاقة له بمبنى حزب البعث .‏

ولكي ننتهي من هذا العرض , نذكر أن مهلكينا فكروا في معاقبة إيران . جهزوا سيارة جيب عسكرية بالمتفجرات ووجهوها صوب السفارة الإيرانية في بيروت , ولكنها لم تنفجر . وهنا نستعيد قول كليمنصو « الانتقام أمر خطير للغاية لكي يعهد به للعسكريين .»‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية