|
25 سنة.. وأكثر.. إضاءات بطبيعة الحال، شمل التكريم المايسترو صلحي الوادي مؤسس المعهد، وأول مدير له. غير أن كلمات التقديم التي تطرق معظمها إليه جعلت الاحتفال وكأنه تكريم لصلحي الوادي تحديدا. وهو في كل الأحوال يستحق هذا، مهما تباينت المواقف منه، وتناقضت الآراء بين من هو مستعد لتجاهل كل عيب فيه، وبين من لا يرى فيه سوى العيوب. وقد دخل الطرفان في سجال عميق وطويل، خلال التسعينيات خاصة، محوره الاختلاف الحاد في تقويم تجربة صلحي الوادي الإدارية وبالتحديد في نقطتين أساسيتين: - ضعف اهتمامه بالموسيقا الشرقية.. - ما روج له عن دوره في دفع الموسيقيين الموهوبين للهجرة من سورية.. لن أناقش هنا وجهة نظر صلحي الوادي من الموسيقا الشرقية، مع أني لم أستطع منع نفسي مرة من تمرير ملاحظة لئيمة حين كان يتحدث بإعجاب إثر عودته من زيارة للهند عن اهتمام الهنود بموسيقاهم المحلية!! أما عن (تطفيشه) للمواهب الموسيقية السورية، فسأورد حادثة كنت شاهداً عليها منذ أكثر من عشرين سنة،وما زال معظم أطرافها والعارفين بها على قيد الحياة. يوم ذاك كنت أزوره في المعهد العربي للموسيقا (معهد صلحي الوادي حالياً) حين دخل مكتبه موسيقي شاب أنجز للتو سنوات دراسته الموسيقية خارج سورية موفداً من المعهد، وبات عليه الالتحاق بوظيفته كمدرس في المعهد. إلا أن الموسيقي الشاب لم يكن قد جاء لهذه الغاية، وإنما لطلب منحه موافقة الحصول على تأشيرة سفر لأوروبا تلبية لدعوة تلقاها. لم يوافق صلحي الوادي على الطلب رغم إلحاح الموفد الذي كاد يبلغ حد التوسل، وحين استفسرت منه بعد خروج الشاب عن سر رفضه طلب الشاب حدثني مطولاً عن الإغراءات التي سيلقاها الشاب في أوروبا، والتي ستمنعه من التفكير بالعودة إلى سورية،حتى لو رتب على ذلك على أسرته تسديد نفقات الإيفاد مضاعفة. ما هي إلا دقائق حين رنّ جرس الهاتف، وفهمت من الحديث أن على الطرف الآخر شخصاً مهماً يطلب من صلحي تلبية طلب الموفد الذي سرعان ما عاد إلى المكتب وبيده طلب التأشيرة، وما أن حصل عليها حتى قال بنبرة لا تفتقد الحماسة الخطابية: - ثق أستاذ صلحي أني سأرجع إلى سورية.. رد الوادي بنبرة لا تخلو من الأسى: - هناك قبلك من قال هذا ثم لم يعد.. أجاب الخريج وقد زادت جرعة الحماسة الخطابية في نبرته: - أنا لست مثلهم..أنا لا أستطيع الاستغناء عن سورية.. وبعد أقل من شهر كان الشاب نفسه يحكي لصحيفة أوروبية كيف دفعه صلحي الوادي لمغادرة سورية والإقامة خارجها!! الغريب (وربما لم يعد غريباً) أن كثيرين يرددون رواية الموفد المهاجر رغم معرفتهم حقيقة الواقعة، وإذا كان من سيقول أنها حكاية موسيقي واحد، فالجواب: - وماذا عن موسيقيين غيره أضجرونا بحكاياتهم التي لا تنتهي عن (تطفيش) صلحي الوادي لهم..لماذا لم يرجعوا إلى البلاد وقد مرت سنوات طويلة على رحيل صلحي الوادي.. وعلى مغادرته ساحة القرار الموسيقي؟ كثيرون حلموا وعملوا لأجل قيام معهدٍ عالٍ للموسيقا يجسد النهضة الموسيقية في بلدنا.. لكن بعض ما يسجل لصلحي الوادي أنه عرف كيف يقود هذا الحلم لسنوات طويلة في درب لم يكن مفروشاً بالورد دائماً. فإذا كان قد تلقى دعماً غير محدود من وزيرة ثقافة آمنت بمشروعه هي الدكتورة نجاح العطار، فإنه قبل ذلك واجه دون يأس خصومة شرسة من وزيرٍ نقيض، عمل كل ما بوسعه لمنع مشروعه من التحقق.. لكن المشروع تحقق، واسم صلحي الوادي هو الذي استمر في الذاكرة بين اسمي www.facebook.com/saad.alkassem">الخصمين.. www.facebook.com/saad.alkassem
|