إلى إقامة الدولة الفلسطينية قبل نهاية ولايته, لا يخرج عن إطار الخداع والتضليل وصفّ الكلام لأن تصريحاته خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع أولمرت أثناء زيارة إسرائيل تتناقض مع الحد الأدنى من متطلبات السلام العادل والشامل الذي يعيد الأرض والحقوق إلى أصحابها الشرعيين وتنسف مقومات إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
لقد تعهد بوش بحماية أمن إسرائيل (كدولة يهودية) وهذا ينطوي على عواقب خطيرة ودلالات ستكون لها آثارها السلبية على عملية السلام لأنها تنفي عن واشنطن صفة الراعي أو الحكم, وبالتالي فإن رعايتها لعملية السلام هدفها فقط حماية أمن إسرائىل ولن تشكل موقفاً إيجابياً لمصلحة السلام بل إن ما تتخذه من مواقف بهذا الشأن يتطابق تماماً مع الموقف الإسرائىلي وأن بوش لا يرى السلام إلا بعيون ( إسرائيل) المسؤولة عن استمرار الوضع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيون. واستطرادا فإن ( إسرائيل) سوف تستغل هذا الانحياز والدعم السياسي لزيادة لاءاتها خلال المفاوضات المتعثرة أصلاً وتزيد من معاناة الشعب الفلسطيني وتضيق الحصار عليه بحجة حماية أمنها.
إن تبني بوش مشروع يهودية الكيان الإسرائيلي يشكل خطراً جديداً على القضية الفلسطينية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني في حق العودة وتعريض نحو مليوني فلسطيني تمسكوا بأرضهم في فلسطين 1948 رغم كل ما عانوه من أعمال عدوانية إسرائيلية إلى نكبة جديدة ولجوء جديد إلى مدن الضفة الغربية. وهذا ما سعى إليه الإسرائيليون خلال اجتماع أنابوليس لتكون يهودية الكيان الإسرائيلي شرطاً آخر يضاف إلى الشروط التعجيزية لقيام الدولة الفلسطينية.
كما أن تصريحات بوش المضللة والتي طالب بها حكومة أولمرت بإزالة المستوطنات العشوائية غير الشرعية تثير الاستغراب والاستهجان لأن تصريحاته تعني أن هناك مستوطنات شرعية وأخرى غير شرعية وأن هذه الشرعية تأتي من موافقة حكومة الكيان الإسرائيلي وبالتالي هذه المستوطنات ليست محل تفاوض باعتبارها جزءا من هذا الكيان الغاصب, علما أن قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي اعتبرت أن جميع الإجراءات الإسرائيلية والأعمال التي قامت بها بما في ذلك مصادرة الأراضي الفلسطينية التي من شأنها تغيير المعالم الجغرافية للقدس والأراضي المحتلة إجراءات لاغية وباطلة وغير شرعية.
تصريحات بوش بشأن شرعية الاستيطان وتجاهله لموضوع القدس وتبنيه ليهودية الكيان الإسرائيلي تؤكد أنه أخذ بالخطوط الحمراء التي حددها له رئيس حكومة العدو الإسرائيلي وهذا ما يفسر في نفس الوقت مطالبة بوش بالتخلي عن قرارات الشرعية الدولية مدعيا أنها فشلت كمرجعية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن التمسك بها لن يجدي نفعا, ما يعني استسلام الفلسطينيين بشكل كامل للشروط والإملاءات الإسرائيلية.
لقد كشف بوش بتصريحاته المنحازة أن الهدف من جولته في المنطقة عموما وزيارته للأراضي الفلسطينية المحتلة على وجه الخصوص التأكيد على التزامه بأمن إسرائيل وتقديم المزيد من الدعم السياسي والعسكري لهذا الكيان الغاصب الذي من شأنه تقويض عملية السلام, وبالتالي فإن التفاؤل الذي تحدث عنه بإمكانية قيام الدولة الفلسطينية يعتبر ضربا من المستحيل والأيام القادمة سوف تكشف التراجع على صعيد السلام وعدم الاستقرار في المنطقة لأن الهدف الآخر لهذه الجولة هو تجييش المنطقة وإثارة المخاوف والتحريض ضد إيران.