سيقول فيها إنه أكثر الناس حرصا على احترام هيئة الأمم المتحدة,والدليل على ذلك أن القوات الأمريكية الموجودة في العراق حاليا ليست قوات احتلال, لأنها دخلت الى أرض الرافدين بموافقة الأسرة الدولية وهي جزء أساسي من (قوات التحالف) شأنها شأن القوات البولندية والبلغارية والإيطالية والبريطانية, وسيقول إن هدف قواته نبيل يتمثل في إخراج العراقيين من ظلمات القهر والاستبداد الى نور الحرية والديمقراطية.
وهو ليس بحاجة الى كتابة مرافعة أخرى يبرر فيها ما فعله ويفعله في أفغانستان اليوم لأنه يستطيع فتح حاسوبه الشخصي ويطلب منه وضع كلمة(أفغانستان) مكان(العراق) والأمر سهل بالنسبة للحاسوب وما هي إلا طرفة بالعين حتى تكون المرافعة جاهزة فيا لذكاء (بوش) وبعد نظره!.
وبما أن طموح الرجل كبير في نيل لقب(بطل الديمقراطية) و(زعيم الحرب على الإرهاب) و(محرر الشعوب من القهر) الى ما هنالك من ألقاب طنانة رنانة يحرص على حملها وتسجيل براءة اكتشافها واختراعها باسمه, فقد بادر الى إدخال عنصر المفاجأة لتكون مسرحية الألقاب ذات جرعة أشد تأثيرا على الجمهور باعتماد عنصر المفاجأة والإبهار ,وضخ دم شاب في حبكة المسرحية وليكون (دون جوان) الدبلوماسية الدولية, ولم يتردد في إصدار أوامره بإشادة أكبر سفارة أمريكية في العالم, واختار عاصمة(الرشيد) ومدينة الحضارة (بغداد) لتكون مقرا لهذه السفارة.
وكان الرجل كريما الى حدّ بعيد ولم يكترث بالتكلفة العالية لإشادة السفارة,فهل ستكون 600 مليون دولار بل وربما قفز الرقم في حركة تصاعدية الى الأعلى, ليس الأمر مهما, فالرجل يستحق أن تضحي بلاده من أجله, ولا ضير في أن يتحمل دافع الضرائب الأمريكي مزيدا من الأعباء كرمى لعيني (بوش) السوداوين أو الزقاوين!.
استمع العالم كله الى مرافعة (بوش) فوجد أن دفاعه عن نفسه هو في حقيقة الأمر اتهام موجّه إليه بالدرجة الأولى, وإلى كل من زين له الخطأ من أركان إدارته.
فالعالم يعرف أن التفويض الذي حصلت عليه الولايات المتحدة الأمريكية لغزو العراق كان زواجا بالإكراه وجد الأمين العام السابق للأمم المتحدة(كوفي عنان) نفسه مكرها على قبوله, وهو الرجل الذي ارتضى الدوران في فلك (واشنطن) حتى أصبح كوكبه خارج مجموعتها الشمسية فسقط وسقط معه حلمه بالاحتفاظ بكرسي الأمانة العامة ولاية جديدة, مع أن (واشنطن) صورت له أن الأمر ممكن مادامت راضية عنه.
والدول التي شاركت في الإثم الأمريكي كانت طامعة في الحصول على حصص جيدة من الكعكة العراقية, ولم يخطر في بالها أن الثمن الذي ستدفعه مقابل هذه الحصص سيكون فادحا, باهظا, مخيفا حتى إذا تبين لها عمق المنزلق الذي غاضت فيه, سارعت تستغفر لذنبها وتلعن اليوم الذي اندفعت فيه وراء (واشنطن) في الإقدام على المغامرة المجنونة, وكانت اسبانيا أول الدول صحوة من السكرة وعودة الى الرشد.
والعالم رأى كم كانت أنامل (بوش) ناعمة حانية وهي تجس أوتار العود لتعزف للشعبين العراقي والأفغاني (موسيقا ) الديمقراطية والازدهار!.
وهو يرى اليوم أن الشعب العراقي لم يستقبل القوات الغازية بالورد والريحان, بل تعامل معها باللغة التي تفهمها, والزوجة الأمريكية التي كانت تنتظر عودة زوجها الجندي أو الضابط من العراق محملا بالغار وجدته يعود اليها محملا في نعش, يروي كيف يسقي العراقيون شجرة الحرية بالدم الغالي لأنها لا تزدهر ولا تثمر إلا به.