في المؤتمر الصحفي الذي عقده جورج بوش في القدس قال:(لقد تأخر إنشاء الدولة الفلسطينية, وإن الشعب الفلسطيني يستحق أن تكون له دولة يمكنها تعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط, وتسهم في تحقيق الأمن للشعب الإسرائيلي وأكد الرئيس الأميركي أن اتفاقاً للسلام يتعين إبرامه في غضون مدة أقصاها نهاية هذا العام.
منذ بضع سنوات, طلبت صحيفة الغارديان من مراسليها تصور ما يمكن أن يحدث في المنطقة حتى عام ,2020 وباعتباري مراسلاً لتلك الصحيفة, طلب مني إعداد نوعين من السيناريوهات التي يحتمل حصولها في المنطقة, أحدهما ينحو إلى التفاؤل والآخر للتشاؤم, لذلك عمدت في البداية إلى إعداد السيناريو الأول وقلت به:
سينتهي النزاع العربي الإسرائيلي في عام ,2008 وستنشأ دولة للفلسطينيين, وستعقد اتفاقية سلام بين اسرائيل وسورية, يتلوها اعتراف من الدول العربية وإيران بالوجود الإسرائيلي, وسيتم تبادل السفراء, وتبدأ المحادثات للتخلص من الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية, وفي عام 2020 سيتمكن مفتشو هيئة الأمم من الإعلان عن خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل, وبينت أن تحقيق السلام مع اسرائيل سيقود إلى انحسار الإرهاب, وسيفضي إلى إصلاح سياسي في المنطقة, وعندما يتحقق ذلك سيتوقف الحكام العرب عن اعتبار اسرائيل شماعة يعلقون عليها مشكلاتهم.
إن ما اتينا على ذكره لن يتحقق بشكل كامل في عام 2008 نظراً للوضع المتردي الذي عاشته المنطقة على مر سنوات طويلة, وقد سبق لي أن ذكرت ذلك في السيناريو الذي أعددته في عام ,2004 حيث قلت بأنه لن تكون ثمة مبادرة حقيقية قبل السنة الأخيرة من رئاسة بوش, وهنا لابد أن أنوه بأن ما كتبته كان من أكثر السيناريوهات الثلاثة التي كتبتها تفاؤلاً, إذ كان من السهل الوقوف على الأسباب التي دفعت بوش للتدخل في شؤون المنطقة, والتي كان من أهمها الأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون والتي ازدادت سوءاً عما كانت عليه إبان المحاولات التي جرت في نهاية عهد رئاسة كلنتون, وإننا نشعر بالتفاؤل حيال المبادرة الأخيرة التي تقدم بها الرئيس الأميركي بوش. وذلك لأسباب متعددة أهمها أن بوش يعاني من مشكلات كثيرة خاصة في مجال سياسته الخارجية, وإن نجاحه في إيجاد حل لمعضلات الشرق الأوسط التي فشل في معالجتها رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون الذين سبقوه سيفضي إلى إعادة النظر في تاريخه السياسي وسيدعم الجمهوريين في حملتهم الانتخابية المقبلة.
وبتقديرنا, نجد أن ثمة واقعاً لدى بوش لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي (إن تحقق) سيدون في تاريخه باعتباره الرئيس الأميركي الذي استطاع إقامة دولتين, ذلك الأمر الذي تعذر تحقيقه على أي من الرؤساء الذين سبقوه.
أما في الأحوال التي لا يتحقق بها هذا الأمر (أي حل الدولتين) فإن حركة التحرر الوطني ستتحول بشكل تدريجي لتكون حركة مقاومة للتمييز العنصري وقد أدرك ذلك ايهود أولمرت عندما قال.. إن لم يتم حل الدولتين فإننا سنواجه وضعاً مماثلاً لوضع جنوب إفريقيا عندما طالبت شعوبه بحق تقرير المصير, وعندها فإن اسرائيل ستؤول إلى الزوال.