وكانوا فيما سبق وخلال الحروب الدامية التي رافقت عملية تفكك يوغسلافيا السابقة يعانون انقساما وعجزا فاضحا في مواقفهم أما حاليا فهم في وضع يتيح لهم أن يكشفوا عن إرادتهم ومقدرتهم في ضمان وتأمين الاستقرار في منطقة البلقان بالإضافة إلى اعتقادهم, وهذا ما أكد عليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بروكسل في 14 الشهر الجاري أن لا الروس ولا الاميركيين في يدهم حل ازمة كوسوفو وإنما في يد الاوروبيين فقط.
وتكمن المشكلة في أنهم ولغاية الحين ليسوا متفقين على الوضع المستقبلي للإقليم وتعتبر الغالبية العظمى من الاوروبيين أن استقلال كوسوفو أمر حتمي حسب تأكيد ساركوزي وينبغي بذل كل جهد لكي يتم الاستقلال بشكل سلمي في ظل احترام حقوق الجميع.
وبالنسبة لعدد قليل من الدول الاعضاء في المجموعة الاوروبية مثل اسبانيا وسلوفاكيا ورومانيا وقبرص إن السعي إلى منح اقيلم كوسوفو استقلاله عامل مشجع للحركات الانفصالية في كل دولة تعاني من تواجد حركات قومية فيها.
وقد نجح رؤساء الدول والحكومات الاوروبية في إرساء تفاهمهم حول بعض الملاحظات الأولى وهو أن المباحثات بين صربيا وكوسوفو قد وصلت إلى حائط مسدود, ولا جدوى منها كما طالب الروس بتمديدها, والثانية هو أن الوضع الراهن لم يعد مقبولا, والثالثة هو أن لاوروبا دورا اساسيا وفعالا في البحث عن حل حيث استطاعت الدول الاوروبية مجتمعة اجتياز مرحلة اضافية تمثلت في اتفاقها على الرغم من التحفظات التي أبدتها قبرص على إرسال قوات مدنية مشكلة من عناصر شرطة وقضاة وعناصر جمارك مهمتهم مساعدة السلطات الكوسوفية وفي الوقت ذاته, وبغية إرضاء صربيا والتخفيف من مخاوفها وعوا إلى الاسراع في خطوات انضمامها إلى الاتحاد الاوروبي مع احتمال التحفيف نوعا ما- دون أن يشيروا إلى ذلك من بعض مطالبهم ومع التذكير والحرص على عدم خوض مواجهات في البحث عن مجرمي حرب فارين واجراءات الانضمام اعطى الرئيس ساركوزي انطباعا أن الاتحاد الاوروبي لا يطالب في التشديد على تعاون صربي كامل مع محكمة الجزاء الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها. وليس فرنسا هي الوحيدة في ذلك بل إن العديد من الدول في أوروبا تطالب بالتوقيع سريعا على اتفاق شراكة واستقرار مع صربيا وهي الخطوة الأولى نحو استئناف مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد, كي لا تعطي ظهرها إلى الاتحاد.
وهنا نفهم أن الاوروبيين يستثمرون كل السبل الكفيلة بحل الأزمة دون خلق مواجهات جديدة وأنها تسعى إلى تشجيع القوى الديمقراطية في صربيا عشية الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها. ولكن لا يمكننا القبول بأن يترافق البحث عن اتفاق التخلي عن مبادئ العدالة والتي هي أساسات بني عليها الاتحاد الاوروبي بنيانه.