افتتحت أورنينا الثانية في الرابع عشر من شهر تشرين الأول (اكتوبر) عام 1986 بمعرض مشترك لعدد من كبار الفنانين السوريين. وأغلقت أبوابها في العاشر من شهر كانون الثاني (يناير) 1989 أي بعد سنتين وشهرين أقامت خلالها 23 معرضاً بمعدل معرض كل شهر. وكان السؤال: (أورنينا تجربة متميزة لصالة خاصة فهل يمكن أن تتكرر؟). وسبب التميز من وجهة نظري - إضافة لما سبق - حفاظ الصالة على سوية مرتفعة لها من خلال استضافتها للمعارض الفنية الجيدة، وسعيها لإحياء معرض الربيع، وتشجيع اقتناء أعمال الفنانين السوريين بحكم العلاقة القديمة التي تجمع بين إدارة الصالة والمقتنيين. وقد نجحت الإدارة في معظم ما هدفت إليه دون أن تنجح في استمرار الصالة بحكم اختلاف وجهات النظر بين الشركاء الذي تسبب في المحصلة بإعلان نهاية هذا المشروع الطموح.
من وجهة نظر ثقافية بدت صالة أورنينا مشروعاً ناجحاً للغاية، لكنها لم تكن كذلك من وجهة نظر اقتصادية، خاصة حين الأخذ بالاعتبار موقع الصالة ومساحتها والمردود الذي يمكن أن تحققه عبر استثمارها بشكل آخر. فهذه النقطة تحديداً تفسر نظرة كثيرين لحدث افتتاح الصالة على أنه مغامرة تستحق التقدير. وهذه النقطة تحديداً تمثل المعضلة الأساسية لصالات العرض الخاصة، وهي حاجتها لتحقيق التوازن بين الغاية الاستثمارية، والغاية الثقافية. وقد شهدت الثمانينيات ظاهرة افتتاح عدد لافت للانتباه من صالات العرض التشكيلي حتى وصفت تلك الظاهرة يومذاك بـ (فورة الصالات)، غير أنها شهدت في الوقت ذاته تحول عدد من صالات العرض إلى محال ومكاتب تجارية ما أثار السؤال عما إذا كانت هذه الصالات مشروعاً اقتصادياً رابحاً.
الجواب يكمن في الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة في كل مرحلة زمنية، التي تشجع - أو لا تشجع - ازدهار سوق الأعمال الفنية، وهو سوق بالغ الأهمية الاقتصادية عالمياً ويجري الحديث عن أرقام اسطورية لحجم الأموال المتداولة فيه. وقد شهدت سورية في الفترة التي سبقت الحرب عليها قيام صالات عرض عملاقة عملت على احتكار فنانين محددين وتسويق أعمالهم في المحيط الإقليمي ما رفع أسعار لوحاتهم إلى أرقام غير مسبوقة، وشجع الفنانين على العمل. غير أنه بالمقابل هدد بإنهاء وجود كثير من الصالات القائمة نتيجة مواجهة غير متكافئة في الإمكانيات والإغراءات. ومع بدء الحرب على سورية أغلقت معظم صالات العرض أبوابها (جزئياً أو كلياً) في وجه المعارض والزوار، وتعرضت الحياة التشكيلية بكاملها للتعثر. وحدث تباين هائل بين أثمان أعمال الفنانين السوريين داخل سورية وخارجها كان له أثره الواضح على حركة المعارض.
وبصرف النظر عن حسابات السوق، ينبغي الإقرار بأهمية تسويق الأعمال الفنية، فالتسويق هو ما يضمن للفنان الاستقرار المادي، ويتيح استمرار الإبداع التشكيلي. وهو أيضاً ما يمنح صالات العرض بعض مبررات وجودها، والبعض الآخر يكمن في كونها ساحة الحوار بين التجارب التشكيلية، وصلة الوصل بين العمل الفني وجمهوره.