ولا سيما أنها ستدفع مبادرة السلام العربية إلى الأمام, تلك المبادرة التي تقدم بها الملك عبد الله خلال قمة بيروت عام .2002
حينما تقدمت القمة العربية بتلك المبادرة والقاضية بإقامة سلام وعلاقات طبيعية بين الدول العربية واسرائيل مقابل انسحاب اسرائيل من أراضي عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية فوق أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية مع إيجاد حل شامل لقضية اللاجئين وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194 رفضت اسرائيل المبادرة ولكن حالياً تغيرت الظروف والمعطيات حتى في اسرائيل ترتفع أصوات ومنها صوت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التي اعترفت أن المبادرة تشكل مادة يمكن دراستها ومناقشتها.
وثمة عوامل عديدة قادت بعض الاسرائيليين إلى التفكير بأن الوقت قد حان ربما للإمساك بفرصة السلام التي قدمها العرب, ومن هذه العوامل المشكلات والورطة التي غرقت بها الولايات المتحدة في العراق والمفاوضات مع سورية وإيران في بغداد وكذلك عجز إسرائيل في التخلص من حزب الله في لبنان خلال حربها في تموز المنصرم, أو إقصاء حركة حماس عبر الضربات العسكرية والحصار المالي وأيضا الاهتمام الذي بدأت توليه واشنطن من جديد لمسيرة السلام الإسرائيلية- الفلسطينية والجولة الشرق أوسطية التي قام بها الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا وانتهاء عزلة سورية.
وإحدى العوامل التي تلقي بثقلها على الرأي العام الإسرائيلي هي خلع الثقة والمصداقية عن رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير حربه التعيس الحظ عامير بيرتس حيث وصلت نسبة الثقة بهم في استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أدنى مسستوياتها وقاربت الصفر ومن غير المستبعد استبعادهم عن الساحة السياسية عقب نشر القاضي إلياهو فينوغراد تقريره في الشهر المقبل حول مسؤوليتهم في هزيمة حرب تموز ضد لبنان, وفي مطلق الأحوال فإن سيلا من قضايا الفساد في انتظار أولمرت لمواجهته بها.
وغياب أولمرت عن الساحة السياسية سيعطي لوزيرة الخارجية ليفني فرصة لقيادة حزب كاديما, أما في المعسكر العمالي فتبدو فرصة عودة إيهود باراك قوية, وقد أدركت ليفني كما باراك أن المناخ الاستراتيجي لإسرائيل لم يعد كما كان, والفرصة سانحة الآن لإجراء مفاوضات سلام شاملة مع العرب, واقترح باراك منافسة بيريتس على قيادة حزب العمل في أوائل شهر أيار المقبل, ومن المؤكد أن باراك سوف يستفيد من الأخطاء التي ارتكبها, عندما كان رئيساً للحكومة (1999-2000) حينما أضاع الفرصة في تحقيق سلام مع الفلسطينيين والسوريين, أما ليفني فمن جهتها لم تستعبد تحقيق السلام مع العرب في خطابها الذي ألقته في 12 آذار أمام المؤتمر السنوي للجنة ( إيباك) في الولايات المتحدة ونوهت في خطابها إلى شروطها لإجراء مفاوضات مع من دعتهم (المعتدلين) العرب, وهي (محاربة الإرهاب, استعادة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت ووقف العمليات الانتحارية داخل أراضي إسرائيل ومنع تهريب الأسلحة عبر الحدود بين مصر وغزة, وتهيئة الشعب الفلسطيني إلى تفاهم ومصالحة تاريخية تقتضيها أي اتفاق بين طرفين) وتلك الطروحات تختلف كليا عن تلك التي ينادي بها صقور إسرائيل من أمثال بنيامين نتنياهو, الحالم هو الآخر في العودة إلى زعامة حزب الليكود على خلفية فشل كاديما, وليست دعواته الصاخبة للمجتمع الدولي في كبح إيران من مواصلة برنامجها النووي سوى صدى لزمن آخر ولى, إذ حتى لجنة إيباك لا تبدي حماسا لفكرة شن حرب على إيران وتفضل عليها الضغط عبر فرض عقوبات مالية مشددة تهز الاقتصاد الإيراني.. وبشكل غير ملحوظ تقريبا يبدو أن إدارة الرئيس بوش قد صوبت رميتها نحو الشرق الأوسط وعادت الدبلوماسية إلى مجراها عقب فترة من سياسة الأحادية خلال السنوات الماضية, والاستخدام (الاستباقي) للقوات العسكرية والتصريحات حول تغيير الأنظمة وكذلك الاستهتار بالمؤسسات الدولية.
وعادت رايس إلى جولة جديدة في الشرق الأوسط تلتقي خلالها مع رئيس الوزارء الإسرائيلي ألمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وممثلين عن السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية هي اللجنة الرباعية العربية, ولم تثمر جولتها الماضية عن نتيجة ولكنها مصممة على المثابرة.
ولغاية الآن لم تحرز معركة السلام نصرها ففي داخل الإدارة الأميركية ما زال المتشددون الموالون لإسرائيل يحتلون مواقع رئيسية في الإدارة منهم إليوت إبرامز في مجلس الأمن القومي وستيوارت ليفني معاون وزير المالية وهؤلاء يقودون الاوركسترا العالمية المطالبة بمقاطعة النظام المصرفي والتجاري في إيران.