وهنا لست في وارد الحديث عن حالة, أو حالات أعرفها, لكنني أشير إلى وضع بات معروفاً في وزاراتنا وجهاتنا العامة, وهي أن الكثير من الخبرات والكفاءات يمكن أن تعفى لأسباب غير مهنية أو مسلكية, كتقصير أو فساد أو ما شابه, لذلك تم ابتكار وظيفة تحت التصرف, أو وظيفة مستشار, ليحتفظ من تم نقلهم إلى هاتين الوظيفتين بامتياز السيارة غالباً, وليس مطلوباً منهم الدوام إلا عندما يريد الوزير أو المدير العام, وغالباً لا يطلب الدوام من هؤلاء, ولا يتم تكليفهم بأي مهمة!!
وهنا قد يقول قائل إن من حق الوزير أن يعفي, أو يضع تحت ا لتصرف من يشاء!! أو يعين المستشارين الذين قد لا يستشيرهم!! لكنني وإن كنت أوافق على حق الإعفاء, أتساءل إذا كان في قانون العاملين الأساسي صفة وظيفية اسمها (تحت التصرف), أو صفة (مستشار لا يستشار)?!
وأتساءل إذا كان قد فكر أحد بالانعكاسات السلبية على نفسية وسمعة من يتم وضعهم تحت التصرف مثلاً, أو مستشارين بلا أي عمل, وأعرف أن بعضهم أو بعضهن من أصحاب الكفاءات والخبرات الفعلية, الذين حصلوا على شهادات, واتبعوا دورات, وحصلوا على تقدير جهات عديدة محلية عربية ودولية, وجاء وضعهم, أو وضعهن تحت التصرف ليشغل مكان بعضهم أشخاص لم تتجاوز سنوات عمرهم المهني عدد أصابع اليد الواحدة! وبالطبع ستلاحق الألسنة بالإساءة والطعن بالظهر, والتشفي, والشماتة من يتم وضعهم تحت التصرف أو مستشارين بلا عمل رغم أنهم أفنوا زهرة شبابهم في ميادين عملهم!.. وأقول إن الألسنة ستلوك سمعتهم لأننا اعتدنا عدم إعفاء أحد من مسؤولياته إلا إذا كان مرتكباً, ولا يأتي أحد إلى منصب إلا إذا كان مدعوماً, فنقول دائماً ماذا فعل ذاك حتى أعفوه?! ومن يدعم ذلك الذي جيء به?! فماذا فعلت أيها الصديق الذي أعرف مقدار كفاءتك ونزاهتك ليتم تعيينك مستشاراً وأنت وأنا ومن عينك مستشاراً نعرف أنك لن تستشار?!
وماذا فعلت أيتها الصديقة التي أعرف مقدار كفاءتك وخبراتك وشهاداتك ونزاهتك ليتم وضعك تحت التصرف بلا أي عمل أيضاً?!
اختم فأقول: إنني لا أنفي أن بعض من يتم إعفاءهم, أو وضعهم تحت التصرف, أو كمستشارين لا يستشارون قد يكونوا مقصرين, أو مرتكبين, لكنني أجزم أن من بينهم بالمقابل كفاءات وخبرات نزيهة نظلمها ونسيء إليها وإلى تاريخها وسمعتها, وكل ذنبها أنها كانت تشغل موقعاً يريدونه لغيرها, أو أن الوزير أو المدير العام لا يرتاح لها, لذلك تم وضعها تحت التصرف, أو بصفة (لا مستشار!!)!
إن من تم وضعهم تحت التصرف, أو كمستشارين يزداد عددهم باستمرار, في الوقت الذي نرفع فيه شعارات الإصلاح الإداري والشفافية والمحاسبة, وما شابه من هذه الشعارات المغرية والجميلة!! فهل يصح هذا?!