لم يكن محصورا في تصريحات المسؤولة الدولية, فقد سبقها اتفاق مبادلة عملة لمدة ثلاث سنوات بين الإمارات العربية المتحدة وبين الصين بقيمة 5.45 مليارات دولار» لتعزيز التبادل التجاري بينهما» وسبقه منتصف الشهر أيضا اتفاق آخر مع استراليا بقيمة 31 مليار دولار. وكانت الخطوة الصينية تجاه الإماراتيين , هي الرقم 20 في سلسلة اتفاقيات مبادلة عملة, في السنوات الخمس الماضية مع شركائها التجاريين الرئيسيين, لتعزيز «مكانة اليوان في تسوية التجارة دوليا».
الملعب الأميركي
وبالعودة إلى لاغارد نشير الى ان تصريحها ذاك ,بإدخال اليوان كعملة احتياط دولية جاء مشروطا بقيام» بكين بالمزيد من الإصلاحات الاقتصادية» فالصين «بحاجة لخريطة طريق لنظام سعر صرف أقوى وأكثر مرونة». والصين صاحبة ثاني اقتصاد في العالم,تنفي عن نفسها «تهمة» التلاعب باليوان وتقول,بحساب الورقة والقلم, ان سعر صرف اليوان ارتفع بنسبة 30% منذ 2005 مقارنة بالدولار. وهذا الكلام الدقيق ليس لمصدر صيني لم تسمه»شينخوا» مثلا بل هو لرئيس الوزراء «وين جياباو» قاله الأسبوع الماضي, وقال أيضا, في رمية للكرة إلى الملعب الأميركي, ان الولايات المتحدة هي من تضع القيود أمام الصين «لاستيراد التكنولوجيا العالية»، الأمر الذي يفسر ضخامة العجز التجاري الأميركي الذي بلغ السنة الماضية مستوى قياسيا عند 295.5 مليار دولار,طبعا لصالح الصين.
مكانة جديدة
مكانة اقتصادية جديدة تحققها الصين, وما توسيع قاعدة التعامل باليوان إلا ترجمة حرفية على اتساع دوائر «المعجبين» بعملة التنين الآسيوي, وان كانت الصين هي من تقود تعبيد طريق الاقتصاديات الصاعدة باتجاه مكانة دولية تليق بفخامة اقتصادها,فان ثمة مؤازرين آخرين لها يقفون معها ويعاضدونها كالبرازيل وروسيا الاتحادية , فهاتان الدولتان تسعيان أيضا إلى مكان «في الصف الأول»يتناسب وإمكاناتهما الاقتصادية المهولة.
ولايمكن بحال من الأحوال التطرق إلى «حرب العملات» دون استحضار النموذج الأميركي الصيني, فقد دخل الطرفان من أيام الرئيس جورج بوش الابن في جدل مستمر حول سعر اليوان مقابل الدولار الأميركي, ومرد الجدل كان , يختصر في ان الميزان التجاري بين البلدين كان لصالح الصين على الدوام, وقد أدى هذا الحال، الذي استمر لحوالي ثلاثة عقود، إلى زيادة مديونية الولايات المتحدة للصين، حيث بلغت حوالي ثلاثة تريليونات دولار، وإلى زيادة الاحتياطات الأجنبية الصينية. ونتيجة للعراقة الصينية في معالجة هذا الموضوع صدر كتاب «حرب العملات» للكاتب الصيني «سونج جونج بنج» باللغة الصينية في عام 2007 فباع منه مليون نسخة،وفيه يقول الكاتب , بصريح العبارة, إن البنوك الأمريكية هي «التي تقوم بممارسات خاطئة من أجل الحفاظ على مصالحها، وهي وراء حرب العملات» وفي ذات الكتاب توقع الكاتب حدوث أزمة مالية في الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي قبل حدوثها فعلاً عام 2008, ولهذا السبب لم تبق لغة حية على وجه الأرض قادرة على الترجمة إلا وترجمت الكتاب.
اتهام صريح
العام الماضي أعاد الكاتب الصيني تجربته في استقصاء حروب العملات فاصدر كتابا جديدا «حرب العملات 3» وفيه يتخلى «سونج» عن وقاره الدبلوماسي ليتهم المصارف الأمريكية بأنها «وراء المؤامرة من أجل حصر الثروة فيها,فأسرة «روتشيلد» المعروفة تمتلك ثروة مقدارها خمسة تريليون دولار في الوقت الذي لا يملك فيه بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت سوى أربعين مليارا». ولما تقدم, يرى الاقتصادي الأردني الدكتور جواد العناني, أن الحديث عن «حرب العملات» لم يعد موضوعاً فنياً، بل صار حديثاً قومياً في الصين والولايات المتحدة. فالكاتب «سونج» مثلاً يتوقع أن تنضج حرب العملات عام (2024)، وعلى الصين أن تبني عزلة مالية عن الاقتصاد العالمي لتحافظ على مكتسباتها. أما الولايات المتحدة فقد غضب بعض مسؤوليها غضباً شديداً على الأمم المتحدة حينما أصدرت دراسة عام (2010) تقول فيها إن الاقتصاد الأميركي لا يمكن أن يستمر في تزويد الاقتصاد العالمي بالدولارات على حساب العجز في الموازنة الأميركية، والعجز في الميزان التجاري، ولذلك علينا أن نبحث عن نظام نقد دولي جديد غير معتمد على الدولار.