فمنذ عدة أشهر تقوم الاستخبارات الفرنسية بتزويد ساركوزي بأخبار استثمارات هذه الإمارة الخليجية لدى الجماعات الإسلامية الراديكالية وخاصة في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل الأفريقي، وفي نفس الوقت كشفت مرشحة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي المعارض للانتخابات الرئاسية مارين لوبين عن وجود تأثير لقطر على الحملة الرئاسية الفرنسية متهمة إياها بدعم حملة الرئيس ساركوزي، وقد شنت لوبين أعنف هجوم لها على قطر بعد اعتداءات وتفجيرات تولوز الأخيرة التي نفذها محمد مراح ذو الأصول المغاربية متهمة قطر بنشر النزعة الأصولية الإسلامية في كل بقاع العالم قائلة: «لقد دأبت قطر منذ شهور على الاستثمار في كبريات شركاتنا وضواحي مدننا» متوعدة بتركيع ما أسمته «الإسلام الراديكالي» في فرنسا في إشارة منها إلى تصريحات نسبت إلى مراح أكد فيها أنه يريد من خلال جرائمه» جعل فرنسا تركع على ركبتيها» وقد وجهت لوبين سهامها مباشرة إلى أمير قطر.
وتتقاطع هذه المعلومات والاتهامات مع ما نشرته الصحيفة الأسبوعية الفرنسية الساخرة «لو كانار أنشيني» عن استثمارات قطر لدى الجماعات الإسلامية خاصة في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل.
وقالت الصحيفة في أحد أعدادها مؤخرا: إن الصداقة التي تجمع ساركوزي بأمير قطر لا تمنع ضباط الاستخبارات من الاهتمام بقطر الغنية، حيث إن الإدارة العامة للأمن الخارجي، جهاز الاستخبارات الفرنسي يقوم منذ عدة أشهر بتزويد قصر الاليزيه بعدة مذكرات حول النشاطات الدولية للإمارة والتي لم تقتصر على تقديم المساعدات المالية «للثورات» في تونس ومصر وليبيا، بل إن استثمارات قطر تتوزع بين تسليح المعارضة السورية وتمويل المتمردين الإسلاميين الصوماليين في حركة الشباب، في حين يتلقى الجيش الصومالي دعم الاتحاد الأوروبي.
واللافت هنا أنه برغم العلاقة المريبة التي تجمع حكومة ساركوزي بالعائلة الحاكمة في قطر فقد حذر وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه من مخاطر تسليح المعارضة السورية معتبرا أن مثل ذلك سيفتح الباب على حرب أهلية يمكن أن تتحول إلى كارثة، وكأنه كان يرد على دعوة وزير خارجية قطر حمد بن جاسم العلنية لتسليح المعارضة السورية خلال زيارة قام بها إلى النرويج.
وتنقل « لو كانار أنشيني» عن جهاز الاستخبارات الفرنسي قوله :إن قطر تقوم بتمويل الجماعات الإسلامية في اريتريا التي تتسلل إلى أثيوبيا، إلى جانب تمويلها ـ عبر منظمات غير حكومية متعاطفة ـ للمتمردين الذين يجوبون منطقة الساحل الأفريقي ونيجيريا.
وتضيف الصحيفة: إن قطر تقوم بتوزيع الدولارات على الأخوان المسلمين وعلى جماعات إسلامية متطرفة، وواشنطن لا تنزعج نهائيا من الدور الذي تلعبه قطر ومن الدعم الذي تقدمه للإخوان المسلمين في مصر وليبيا وتونس وسورية أو للإسلاميين المتطرفين من جميع المشارب بمن فيهم حركة طالبان الأفغانية التي يقال إنها فتحت مكتبا سياسيا لها في الدوحة مما أعطى انطباعا بأنها مستعدة للدخول في مفاوضات مع الحكومة الأميركية والحكومة الأفغانية.
كما تتقاطع هذه المعلومات أيضا مع ما كشفه الخبير الأمني اليمني علي القرشي المتخصص في شؤون الأمن الساحلي والبحر الأحمر في شباط الماضي حيث اعتبر أن التحركات القطرية المنسقة مع جهاز الموساد الإسرائيلي في اريتريا تهدف إلى زعزعة استقرار اليمن والسعودية والسودان كما حدث في الصومال.
ويقول القرشي: إن الرئيس الاريتري سافر سرا إلى قطر مؤخرا وأن ملايين الدولارات تصل من قطر إلى اريتريا وأن الطائرة التي يتنقل بها الرئيس الإريتري هي هدية من قطر، كما تحدث عن زيارة مماثلة لقائد القوات الاريترية محمد كركاري إلى قطر لنفس الغاية.
هذا وتتزامن هذه المعطيات مع تصاعد نبرات المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية تجاه الدوحة في ظل تزايد النفوذ القطري وبالخصوص في مجموعة»لاغاردير» الفرنسية التي تنشط في مجالات الأسلحة وصناعة الطائرات والإعلام والرياضة وعالم المال والأعمال.
كل ما ذكر آنفا يعزز الاعتقاد السائد بأن المال القطري متورط بكل ما تشهده المنطقة من أحداث دموية وتطورات وأعمال إرهابية تحاول إعادة رسم خريطتها بأسلوب يناسب المصالح الصهيو أميركية، حيث كان لافتا إلى حد بعيد مدى تضخم الدور القطري وبما لا يتناسب مع حجم هذه الإمارة الخليجية الصغيرة على حساب دول ذات وزن جيواستراتيجي أكبر بكثير، وهذا ما يؤكد من جديد أن قطر باتت مجرد قاعدة أميركية وظيفتها الأولى الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وتحسين صورة أميركا البشعة واستهداف قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة وعلى رأسها سورية.