شاعرنا الكبير سليمان العيسى لا ننسى كيف طلبت بحرقة وألم وأنت على فراش المرض العودة إلى مسقط رأسك في لواء اسكندون، وهاهي الجماهير الوفية على شاطئ الحب والجذور تنبأت في صمتها على مدى عقود أن هناك من اشتاق للحقول والكروم والشطآن والمدن التي بانتظارك أينما كنت، فبعزمك وتصميمك لإفراغ ما في جعبتك والدم الذي يجري في عروقك وطيب أنفاسك التي هي من عبق طيب الأرض التي أتيت منها وبقيت في ذاكرتك للأبد نداء العميق للعميق.
وحلمك الضائع في أغاني الطفولة التي غنيتها مع إشراقة كل صبح وأنشدتها في زهور الأقحوان الأصفر وحفنة الطين الأحمر وحبات الرمل على شاطئ الآباء والأجداد وارتفعت صرخاتك عالياً اهتزت لها الشطآن حنيناً وهذه المرة لم يخيم الصمت، فصرخات أبناء شعبك المقهور يعلو أيها الشاعر الكبير لفراق الأحبة واضطهاد الظالمين هؤلاء الذين كموا الأفواه لسنوات طوال و أرادوا لعصور البرابرة و التتر والعثمانيين الجائرة أن تبقى و تمحو معها الأصول والجذور وتقطع الأوصال و صلة الأرحام وتمحو أصالة الأنساب والأجداد والآباء وجذورهما..
أردت أن يكون المقرّ الأخير لك هناك حيث الأهل و الأحباب والأصدقاء و حيث الحب لم يفارقك يوماً، إن أناشيدك يا شاعر الطفولة أذابت صقيع السنين و تعالت الأصوات ضد الظلم واستباحة الأوطان فأفق من غفوتك على ربيع قضيت عمرك تنشر فوح عطره و أزاهيره بأنفاس اللوعة و الشوق عبر الشطآن الراسيات، أفق أيها الأمير لتكحلّ عينيك بنغماتك التي تصدح اليوم معلنة أننا هنا و أننا إلى أرض الأجداد عائدون..! افتح عينيك أيها الأمير فالشعب التركي يناديك لتسمع أغانيك في أرض الأجداد..
hanadstar76@hotmial.com