كتبت صحيفة التلغراف اللندنية اليومية مؤخرا انه اذا فشل تصديق الدستور الاوروبي فقد يستطيع الاوروبيون اخيرا ان يتنازلوا لاوروبا تتكيف مع تعقيدات عولمة اقتصاد السوق ,ويعتبر ذلك خطأ سياسيا فاضحا وتكون بذلك اقتصاديات السوق مجرد آلية يفترض انها تقنية وخالية من القيم لتحقيق الاحتياجات واوروبا إما اكثر من ذلك او انها لا شيء .
وتظهر استطلاعات الرأي في فرنسا تضاؤل نسبة الراغبين بالتصويت بنعم على الدستور الاوروبي , وهناك مؤشرات على ان لهذه النتائج القليل مما تؤثر فيه في نص الدستور الذي قلما اطلع المواطنون الاوروبيون عليه وحتى ليس هناك ما تفعله مع الدستور مثل عضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي ومعاهدة الاستقرار.
ولكن هل الدستور الاوروبي يؤمرك اوروبا? وهل سيجعل هذا الدستور أمن اوروبا تابعا للناتو? وهل الاتحاد الاوروبي مجرد توسع للتحالف الامريكي كما يرغب به الكثير من المسؤولين الامريكين والاكاديميين وخبراء السياسة ?
يعتقد البعض في اوروبا الشرقية ان عضوية الاتحاد الاوروبي دفاع عن تهديد روسي محتمل بينما يعتقد اخرون في اوروبا الغربية انها دفاع عن اي تهديد امريكي محتمل والفكرة الاخرى المؤثرة حاليا حول الاتحاد الاوروبي هي ان المهمة العالية لاوروبا تكمن في تهدئة الفوضى وفرض الديمقراطية من خلال القدوة وكذلك توفير الامكانية للدول بعضوية الاتحاد الاوروبي اذ قبلت بمعايير سياسية اوروبية كما يقال فإن الولايات المتحدة تغزو الدول على قاعدة (كونوا ديمقراطيين او سنقتلكم) بينما يعمل الاتحاد الاوروبي على ارشاد الاخرين نحو الديمقراطية .
والاوروبيون منقسمون بين بعضهم حول امور اتحادهم ان كان سيمارس اقتصاديات السوق الامريكية الحرة او سيدافع عن انظمة سوقهم الاجتماعية الراسخة فهل يريدون اوروبا تقنية كما تفضل بريطانيا ام اوروبا موحدة ?.
انهم منقسمون حول توسيع اكبر وقلقون حول شأن الهجرة ,منقسمون حول الاقتصاد التاتشري الليبرالي ونموذج السوق الاجتماعي الاوروبي وللجميع جذور في التاريخ .
لقد توسع الاتحاد الاوروبي ليشمل 25 عضوا كونه ملزما بالاعتراف بالدول الشيوعية السابقة مهما كانت النتائج ولم يكن راغبا في الاعتراف بأن التوسيع جعل تشكيل اوروبا موحدة مع سياسات امنية واجنبية طموحة امرا مستحيلا .
لقد طبقنا السوق الواحدة والعملة الواحدة وحرية تنقل الاشخاص والبضائع على اجزاء محددة في الاتحاد الاوروبي لكنها كانت بشكل واسع غير مثيرة للجدل وذات منفعة متبادلة واضحة ومن الواضح ان البديل لاوروبا موحدة هو اوروبيات متعددة بدرجات مختلفة من الدمج وعلاقات مختلفة مع العالم الخارجي .
ان قلب العملية الدستورية رأسا على عقب والعودة بالاوروبيين الى معاهدة نيس غير المرضية هو الحل الذي يتوجب على الاوروبيين تطويره , لكن يجب ان يعاد التفكير بالمشروع الاوروبي, ويجسد التوسيع والتناقض حول الدستور حاليا تلك الضرورة , انه تحد جديد ولكنه مثير .