بدءاً من أفغانستان حيث دمرت حركة طالبان الأفغانيةعام 2001 تمثالي بوذا العملاقين المدرجين ضمن قائمة التراث العالمي ومروراً بمدينة بام الإيرانية التي قضت بعد الزلزال وصولاً الى الذروة بعد احتلال العراق الذي تعرض إرثه الحضاري لأسوأ تخريب وعبث عرفته ربما حضارة الإنسان..
ولا ننسى بكل تأكيد محاولات إسرائيل طمس معالم الحضارة وتشويه هويتها في فلسطين والجولان وقبلها في سيناء..
نعتقد مما سبق أن الإرث الحضاري الإنساني للدول تجلت أهميته بعد الحرب على العراق ومن هنا تأتي أهمية انعقاد المؤتمر الإسلامي العالمي الأول حول الآثار والتنقيبات الأثرية في استنبول في الفترة ما بين 8-10 نيسان وذلك تحت رعاية رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وتنظيم المركز الإسلامي للتاريخ والآثار والفنون الإسلامية.
وعن أهمية انعقاد المؤتمر تحدث (للثورة) مدير شؤون المتاحف في المديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور أحمد سرية (تأتي أهمية انعقاده لتوثيق وحماية وإلقاء الضوء على الآثار الإسلامية والحد من التعديات عليها من قبل المشاريع التنموية كما حدث في السعودية حيث أزيل الكثير منها بسبب تلك المشاريع وكذلك جمع الباحثين الأثريين المهتمين بتلك الآثار مرة كل أربع سنوات للتباحث في الحلول المثلى وللنهوض بالعمل والبحث الأثريين في المواقع الإسلامية وبناء على هذه المعطيات تمت الدعوة من قبل تركيا لرعاية هذا المؤتمر بإشراف المركز الإسلامي للبحث في التاريخ والآثار والفن الإسلامي).
وعن مشاركته في هذا المؤتمر تابع د.سرية (تم تقديم بحث عن تطوير الحياة المدنية في شمال شرق سورية من خلال المكتشفات والسويات الأثرية في تل عربيد, هذه السويات عبرت عن تطور الحياة المدنية خلال فترة حلف الألف الخامس قبل الميلاد حيث كان الموقع عبارة عن قرية صغيرة متمثلة بعدة بيوت وتعتمد على الرعي والصيد. ثم شهد الموقع اتساعاً كبيراً خلال النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد من خلال استيطان ضخم أطلق عليه فترة حضارة نينوى (5) هذه المدينة التي شهدها الموقع تعتبر الأولى من حيث ضخامة الاستيطان والعمارة في منطقة شمال الرافدين وأيضاً شهد تطوراً خلال الفترة الأكادية ثم تحول الموقع الى مدينة هامة خلال الفترة الآشورية القديمة (1800) ق.م .
ولعب دوراً هاماً خلال الفترة الميتانية في القرن الرابع عشر قبل الميلاد حيث كان على علاقة وطيدة مع مصر من خلال نص مسماري كشف في تل عربيد أما خلال الفترة الإسلامية في القرن الثاني عشر الميلادي تحول الى مستوطنة إسلامية هامة).
أما السيدة منى المؤذن أمينة المتحف الوطني بدمشق التي شاركت في المؤتمر أيضاً تحدثت عن أهمية تعارف الآثاريين في العالم الإسلامي وعن عدم الاقتصار على اللغة الانكليزية في المؤتمرات القادمة واعتماد لغات كالعربية والفارسية والتركية وأشارت الى التنظيم الممتاز لكن كانت هناك مطالبة بتمثيل أكبر لجميع الدول الإسلامية كجنوب شرق آسيا (ماليزيا) وكذلك لدول المغرب العربي وعن مشاركتها قالت السيدة المؤذن: (شاركت بمحاضرة تحت عنوان -الخزف ذو البريق المعدني- الذي عرف في الرقة حيث عرّفت بداية عن تاريخ المدينة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى انتهاء الرقة على بعد الاجتياح المغولي ثم قدمت لمحة عن التقنيات التي جرت منذ عام 1946 حتى 1998 والتي أسفرت عن اكتشاف قصور عديدة تعود الى العصر العباسي والأتابكي والأيوبي حيث قدمت هذه التنقيبات نماذج عديدة للخزف ذي البريق المعدني وبعد ذلك تم التعرف على 23 نموذجاً من هذا النوع ومن خلال استعراضها تم الحديث عن بنية التربة والمراحل التي تمر بها الآنية لتصنيع هذا اللون من الخزف والألوان المستخدمة تحت الطبقة الزجاجية وفوقها بالإضافة الى الطلاء ذي البريق المعدني. يلي ذلك تحدثنا عن أنواع الزخارف الواردة على الآنية من زخارف نباتية, إنسانية, نباتية محورة, كتابية وشبه كتابية...
أخيراً تم التحدث عن أشكال القطع وتنوعها ودلالة ذلك على الغنى والازدهار الاقتصادي في تلك الفترة الأيوبية حيث إن جميع القطع كانت تعود الى القرن السادس الهجري, الثاني عشر الميلادي).
بقي أن نقول: شارك في المؤتمر حوالى 150 عالم آثار من الدول الإسلامية وجامعات عالمية وأفضى المؤتمر عن التوصل الى عدة توصيات من أهمها تنظيم لقاءات دورية بين الباحثين الآثاريين وتأليف لجنة مهمتها متابعة وحماية تلك الآثار والاهتمام بالترميم والدراسات والبحث الأثري وكذلك الاهتمام بالنشر وإحداث دورية سنوية مهمتها إلقاء الضوء على الأبحاث المتعلقة بالتاريخ والآثار الإسلامية...
">waed@thawra.com