وبموجب القانون رقم 17 لعام 1986 تم إحداث مديرية الري العامة لحوض البادية والتي تتولى إنجاز كافة مشاريع الري واستثمارها ودراسة الموارد المائية وإقرار الآفاق المستقبلية لترشيد واستثمار الثروة المائية وتنميتها وحمايتها من التلوث والاستنزاف وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية في الدولة.
ونظراً لمحدودية الموارد المائية في البادية وانطلاقاً من مبدأ الحفاظ على التوازن البيئي اعتمدت المديرية خططاً استراتيجية تحدث عنها للثورة الأستاذ المهندس حسان قدور المدير العام:
يعتمد عمل المديرية على استراتيجيات وأولويات يأتي في مقدمتها اعتبار أراضي البادية الموطن الرئيسي لتربية الثروة الغنمية وتنميتها, ثم الاهتمام بتقنيات حصاد مياه الأمطار بتنفيذ مشاريع مائية صغيرة (حفائر) لتخزين جزء من الواردات السطحية لمياه السيول حسب حاجة مربي الأغنام وبتوزيع جغرافي مقبول والابتعاد عن التخزين بحجوم كبيرة تفوق الحاجة نظراً لارتفاع معدلات التبخر وتوخي الحفاظ على الغطاء النباتي في المنخفضات حيث تنتهي معظم وديان حوض البادية.
الى جانب ذلك هناك الاهتمام بالانتقال الى تقنيات الري الحديث في مواقع التجمعات السكانية المحدودة حفاظاً على الواحات الموجودة عبر إنشاء مشاريع ريّ حكومية (ريّ جماعي) بعد أن تم تأمين المصادر المائية لها.
وكذلك الاستمرار في إجراء الدراسات الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية للأحواض الفرعية في البادية ووضع الموازنات المائية التفصيلية ثم الاهتمام بشبكات المراقبة الدورية للموراد المائية ومنشآتها لضمان حسن استثمارها وتنفيذ الصيانات الدورية للمنشآت المائية والحفاظ على سلامتها.
وعن أهم المشاريع التي أنجزتها المديرية يقول الأستاذ قدور: يمكن اعتبار إقامة السدود من أقدم تقنيات حصاد الأمطار في البادية السورية, وقد تم إنشاء 37 سداً ترابياً صغيراً تصل طاقتها التخزينية التصميمية الى حوالى /66,7/ مليون متر مكعب لتأمين المياه للأغنام والمربين في البادية وقد أصبح الهدف من بعض هذه السدود تغذية المياه الجوفية والينابيع مثل سد المخرم وسد الحفر أو لدرء الفيضانات مثل سدود: تدمر, خلف الأيوبي, وادي الروم, ووادي البقر. ويعتبر سد الباردة من أقدم هذه السدود, فقد أنشئ عام 527م (وهناك تعاون قادم بين وزارة الري ووزارة السياحة للعناية به كمعلم أثري).
وحيث يكون من الصعب إيجاد مواقع مناسبة لإنشاء السدود يتم التوجه الى إنشاء حفائر تخزينية على طرف الوادي لتجميع المياه في موقع مختار, وقد بلغ عدد هذه الحفائر حتى تاريخه 133 حفرة يبلغ إجمالي تخزينها 15,876 مليون متر مكعب وتعتبر الحفائر مناسبة أكثر في البادية نظراً لعدد من الميزات من أهمها التخفيف من التبخر, تقليل الرشح, سهولة الاستثمار, سهولة التنفيذ والانشاء, الأمان الهندسي, التوزع الجغرافي الكبير الذي يلبي احتياجات مربي الأغنام وتوفير المياه في المناطق التي تحتاجها.
ونظراً لقلة أمطار البادية تم اللجوء الى إنشاء (السدات) في المناطق السهلية للاستفادة من مياه السيول والحفاظ على المساحات الخضراء وتأمين المادة العلفية, وتساعد هذه السدات في زيادة معدلات رطوبة التربة ورفع معدلات التغطية النباتية وتوفير المراعي كما تساعد على التقليل من عوامل انجراف التربة إضافة الى إمكانية زراعة محاصيل شتوية بعلية في هذه المواقع وبما يحسن الظروف البيئية والحياة البرية في منطقة المشروع, هذا بالإضافة الى التخفيف من آثار الجفاف ومكافحة التصحر والتخفيف من العواصف الرملية والغبار, وقد بلغ عدد السدات المنفذة (6) في مواقع مختلفة وتقدر المساحات المروية بمياهها بنحو 650 هكتاراً.
كما عمدت المديرية الى تنفيذ (6) عنفات ريحية في عدد من المواقع لتأمين الطاقة البديلة وتوليد التيار الكهربائي بالاعتماد على طاقة الرياح.
ولعل من أهم ما تقوم به المديرية من أعمال هي مشاريع التحول الى الري الحديث وتشمل مشروعين على درجة كبيرة من الأهمية:
- مشروع إنقاذ واحة تدمر: هذه الواحة التي تقدر مساحتها ب 1000 هكتار ومزروعة بأشجار النخيل والزيتون. تعاني الواحة حالياً من تملح التربة والمياه الجوفية والتي تروى منها الواحة بأساليب تقليدية أي الآبار العديدة العشوائية التي حفرها الأهالي ضمن البساتين, وقد أنجزت مديرية حوض البادية في عام 1998 الدراسات التفصيلية لحوض سبخة الموح وتشير النتائج الى إمكانية استجرار 10 ملايين متر مكعب سنوياً دون الاضرار بمناسيب المياه الجوفية, وقد تم تأمين مصدر مائي من البئر(9) لترات وبغزارة (100) لتر/ثانية إضافة الى حفر بئر قديم وأربعة آبار حديثة وبئر احتياطي لتأمين غزارة إجمالية (400) ليتر بالثانية وتم إنجاز الجزء الأكبر من خط الجر الذي تنقل المياه عبره الى البساتين وسيصار الى تنفيذ شبكة ري حديثة ضمن هذه البساتين.
- مشروع إنقاذ بساتين القريتين:
وغايته الأساسية تأمين المياه اللازمة لرفد نبع رأس العين في منطقة القريتين كمصدر احتياطي لري البساتين وبمساحة 300 هكتار من المياه الجوفية بدلاً من مياه السيول الواردة الى سد القريتين عند عدم توفرها أو خلال سنوات الجفاف.
وقد نفذت المديرية خمسة آبار جماعية مع التجهيزات اللازمة من أعمال كهربائية ومضخات مع خط جر أنبوبي لنقل المياه الى مدخل البساتين مع تأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل هذا المشروع, كما تم إعداد دراسة لشبكة ري حديثة للبساتين بدلاً من الشبكة القديمة التي تعتمد على الري بواسطة الأقنية المكشوفة, ومن الجدير بالذكر أن مشاريع الري آنفة الذكر هي هبة ومساعدة من الحكومة للأخوة الفلاحين ولا يتم استرداد سوى رسوم الصيانة والتشغيل والبالغة 3500 ليرة للهكتار الواحد.
- وعن مشروع نقل مياه نهر الفرات من دير الزور الى تدمر تحدث الأستاذ قدور إن الهدف منه هو تأمين الاحتياجات المائية للمنطقة الواقعة بين دير الزور و تدمر بما في ذلك معمل السماد الفوسفاتي (المزمع إقامته هناك) والمساهمة في تطوير البادية, أما الجهة الدارسة فهي الشركة العامة للدراسات المائية في حمص والجهة المدققة: الشركة العامة للدراسات والاستثمارات والاستشارات الفنية في دمشق وتبلغ الكلفة العقدية للدراسة (144722000) ليرة, أما الكلفة العقدية لتدقيق الدراسة فتبلغ (9500000) ليرة, ومدة الدراسة 24 شهراً.
ومكونات المشروع هي: مأخذ مائي على نهر الفرات, محطة الضخ الخامية (بدون معالجة) ومحطة التنقية, 3 محطات ضخ ومضخة رابعة بعد دير الزور وخط الجر من المأخذ على نهر الفرات الى معمل السماد الفوسفاتي وبطول (260)كم ثم مأخذ الاستثمار.
- الى جانب كل تلك المشاريع هناك مشروع الدراسة التفصيلية للأحواض المائية-حوض شمال السلسلة التدمرية سعياً الى حصر الموارد المائية ووضع موازنة مائية وتحديد المواقع المأمولة لاستثمار المياه الجوفية باستخدام النموذج الرياضي.
أخيراً:
ذكر السيد وزير الري في حديث صحفي سابق أن هناك عجزاً مائياً تعانيه سورية سنوياً بحدود 3-4 مليارات متر مكعب في مجال الزراعة المروية وإذا ما تم التحول الى أساليب الري الحديث ينخفض استهلاك المياه الجوفية 10-6 مليارات متر مكعب سنوياً وبهذا نحقق حالة من التوازن ونوقف استنزاف المياه, ولعله من المهم جداً هنا أن نعرج على المشروع الوطني للتحول الى الري الحديث وبكلفة إجمالية تبلغ 73 مليار ليرة ويبدأ في عام 2006 وينتهي عام 2011 (فيما يخص تأهيل شبكات الري الحكومية).
وسيكون هناك 53 ملياراً من أصل المبلغ ستقدم على شكل قروض طويلة الأجل للفلاحين.
المياه ثروة وطنية من واجبنا الحفاظ عليها خاصة أمام تحديات معدلات النمو السكاني المرتفعة وظاهرة الجفاف التي تسود وفي ضوء الوضع الراهن لمواردنا المائية فحوالي 65% منها تأتي من خارج سورية.