سنلقي الضوء في موضوعنا اليوم على جمعيتين هما جمعية أمهات الخير وجمعية انعاش الفقير الخيرية, ووسائل الإيضاح لدينا تتجلى في التعاون الوثيق بين الجمعيتين الذي ظهر بأبهى وأجمل الصور عند إقامة حفل تكريم الأمهات بعيدهن الذي امتد كامتداد حب الأم وفيض عطائها, المتوج بإنجازات تبعث دائماً على الثقة والتفاؤل وقد جسد ذلك العمل المشترك الهادف لتحرير ذوي الحاجات الخاصة من آفة الأمية وتحفيزهم باستمرار على متابعة التعليم والتدريب وتعميق الوعي بقدراتهم وتعزيز الثقة بنفوسهم, والسعي الحثيث لتأهيل الأطر العاملة في الجمعيتين, وتدريب ذوي الحاجات الخاصة على العمل والإنتاج بدلاً من الاعتماد على البر والإحسان, وإيجاد الحلول الناجعة لمعالجة المشاكل المعرقلة للعمل التنموي.
تلك هي بعض النقاط التي آثرت أن أتناولها وأرجو أن تنال الاهتمام بغية تكريس مبدأ تنمية القدرات الخلاقة عند هؤلاء الأفراد, وبلوغ الأهداف والغايات الرامية إلى الإرتقاء بها نحو الأفضل.
و من المؤكد أن الشروع بعمل كهذا العمل المميز يحتاج إلى التعاون المخلص و الاهتمام والتعاطف ليضيء عظمة الأهداف والغايات النبيلة.
وهذا ما أوضحه لنا إشعاع العمل المبدع في جمعيتين تتنافسان لتقديم أفضل ما يمكن تقديمه, وقد حظيت بشرف الدعوة من قبل السيد رئيس جمعية إنعاش الفقير لحضور الاحتفال الذي أقيم بمدينة التل دخلت قاعة الاحتفال التي غصت بأمهات الخير من المحتفلات والمحتفى بهن من أمهات رائدات أصبح أبناؤهن أطباء ومهندسين وشعراء ومختصين بجميع الاختصاصات المختلفة وأصبحوا قادة رأي في المجتمع وقد أدهشني ذلك.
وحين أعلن عن افتتاح برنامج الاحتفال هبت عاصفة من التصفيق أشاعت جواً من العاطفة الدافئة في أرجاء تلك القاعة, كنت أستمع إلى فقرات البرنامج الحافلة بأساليب العمل غير التقليدية والواعدة بمزيد العطاء.
دام الاحتفال قرابة الساعتين. وأبرز انطباع سجل في الذاكرة هو التعاون الوثيق بين الجمعيتين والتوافق والانسجام ويخيل كأنهما جمعية واحدة.
كنت أرقب تلك العيون الدامعة فرحاً و تعبيراً عما قدمته الأمهات من جهد فرض الاحترام والتقدير لكل حبة عرق تشكلت على جبهة كل أم جراء ما تكبدته من شظف العيش وقسوة الحياة ورغم هذا جعلن من بيوتهن مدارس نموذجية تخرج منها أبناء صالحون, وقد وقفت معظمهن بثبات وجدارة بسعيهن وتضحيتهن والبسمة لا تفارق محياهن ونبض الحياة يجري في عروقهن فاستحقين هذا الحفل المهيب الذي ضم عدة فقرات , كانت الفقرة الأولى مسرحية ذات فصل واحد لبطل صغير وعد أمه بهدية مميزة ليست كبقية الهدايا, فصدق الوعد وعاد ملفوفاً بالعلم فزغردت وقالت , ونعم الهدية هديتك يا ولدي. وقد استوقفتني شخصية هذه الأم لما تحلت به من عزيمة وإيمان عميق الجذور, والثوابت الوطنية والقومية. لقد غمرت نفسي مشاعر الاعتزاز والفخر بها وأحسست باضطراب أمام كبريائها وعظمة عطائها. ولا أدري كيف لي أن أرتقي بموضوعي هذا إلى عظمة هذا العطاء الذي يتسامق كشجرة طيبة ضاربة الجذور وأغصانها تطاول عنان السماء.
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج الحفل كان زاخراً بأعمال متنوعة لم يتسع الوقت لعرضها. وأسمح لنفسي أن أفخر بمن كانوا يرددون عبارة سنبدد محاولات تقطيع الأوصال وتبديد قيم التكافل الاجتماعي بالعمل والعلم. وقد ترجم ذلك القول نشيد الأطفال الذي تردد بترنيمة ملأت المكان دفئاً وحيوية وأملاً واعداً أدهش الحضور بحسن الأداء. كنت مأخوذة بروعة التناغم بين الأطفال وهم ينشدون أروع نشيد لأروع عطاء في الوجود عطاء الأمهات ... وغمرتني السعادة وأنا أتأمل السادة أعضاء الجمعيتين سعداء بما جادت به أيديهم في رحاب هذا المجتمع بقلب كبير ومحبة وتعب ليمنحوا الأسر التي فقدت المعيل العون والمساعدة. هنيئاً لكم هذه المحبة الصادقة وهذا التواصل الإنساني وهذه الأعمال النبيلة وأتمنى استمرارية هذه اللقاءات بمشاركة أوسع من قبل أصحاب الأفئدة الدافئة والعامرة بالحب والعطاء والأمل. وفي الختام أقدم أسمى آيات التقدير والاحترام لكل جهد خير مبذول. كما أتمنى لأفراد الجمعيتين دوام الصحة والعافية.