تعتبر معالجة النفايات المنزلية بواسطة عملية التخمير لتتحول إلى أسمدة زراعية الأكثر انتشاراً في العالم لأنها أثبتت من خلال التجارب والدراسات أنها الأفضل بيئياً واقتصادياً.
ومدينة سلمية الزراعية والتي يجتاحها التصحر بمرور الزمن هي بأشد الحاجة لمحطة تحمي تربتها وهواءها من التلوث وتمدها بالأسمدة الطبيعية,ولهذا كان إنشاء محطة معالجة النفايات فيها إلى الشمال من المكب القديم انجازاً بيئياً مهماً, يحدثنا عنه منذ البدايات المهندس أسامة التلاوي المشرف على التنفيذ.
المشروع :رسالة دكتوراه
يقول :بدأنا كبلدية بالمشروع عام/2002/وكانت البداية فكرة لرسالة دكتوراه تقدم بها المهندس عابر محمد في دولة ألمانيا الاتحادية وتطورت الفكرة وتحولت إلى مشروع بعد النتائج الإيجابية التي قام بها المهندس على مدى عامين في مدينة سلمية بالتعاون مع بلديتها التي قامت بدعاية اعلانية لفرز النفايات العضوية عن غيرها ثم تجهيزها لعملية التخمير التي تحتاج إلى جو مناسب وأغطية خاصة.
بعد هذه الرسالة الناجحة تعاونت الشركة الألمانية (GORE ) والمؤسسة(GTZ)في إنشاء المحطة وتعهدنا بتقديم منحة عبارة عن الأغطية الخاصة وأجهزة التحكم وكذلك التدريب والدعم الفني اللازم لعملية التشغيل على أن تقوم البلدية بتجهيز الأرضيات والمنشآت ومستلزمات التشغيل ,وبدأ المشروع فعلياً بتخصيص أرض بمساحة60 دونماً تم استخدام ثلثها التي هي عبارة عن صالة العمل وساحات التخمير ومستودعات التخزين على أن يتم التوسيع إذا اقتضت الحاجة مستقبلاً والتي يصعب حسابها مسبقاً ,فالمعمل حالياً قادر على استيعاب نفايات سلمية والبالغة حوالى/50/ طناً يومياً .
عملية المعالجة هذه ستخلص المدينة من 70%من حجم النفايات المنزلية والتي سيتم تحويلها إلى أسمدة عضوية تستعمل في شتى عمليات الزراعة و20%من النفايات بعد الفرز مثل الزجاج والبلاستيك يمكن إعادة استخدامه ويبقى 10%من حجم النفايات هي مواد يجب التخلص منها على شكل بالات تطمر تحت الأرض بشكل مدروس.
عود على بدء
تأتي أهمية المشروع من بساطة التقنية المستخدمة فيه ومن فعاليتها وانخفاض تكاليفها في آن معاً مقارنة مع أي طريقة أخرى مثل الحرق في معامل كبيرة وهي مكلفة جداً أو الطريقة التقليدية (الطمر) والتي تستهلك أراضي بيرة وتسيء للبيئة.وهذه الطريقة تعتمد المعالجة الميكانيكية والبيولوجية وموادها أولية دائمة ومجانية.
وتبدأ العملية من المنزل حيث يتم فرز النفايات العضوية عن غيرها ثم تتم عملية فرز ثانية في المعمل وهذا الناتج يتم تجهيزه لعملية التخمير التي تحتاج إلى جو مناسب,بعدها تبدأ عملية الفرم وبذلك يتسع سطح المفرزات لسرعة التخمر حيث تنقل لمصاطب بيتونية مجهزة بقساطل مغطاة بأغطية خاصة تمنع انتشار الروائح والبكتريا وتمنع تكاثر الحشرات وتزيد من سرعة التخمير, حيث أنها (الأغطية) مجهزة بفتحات ومسابر لقياس الحرارة وكمية الاكسجين ضمن الأكوام بشكل دائم وهي موصولة إلى لوحة التحكم التي تعمل على إقلاع توربينات الهواء حسب الحاجة أما عملية التخمير فتتم على مرحلتين الأولى أربعة أسابيع والثانية أسبوعين وذلك لضمان جودة الأسمدة الناتجة وهذا يعني أن الناتج هو اسمدة عضوية تستخدم في شتى أنواع الزراعة وتبدو على شكل تراب أحمر شبيه بالتربة الحقيقية ويمكن بيعه أكواماً أو على شكل عبوات مغلفة وأوزان مختلفة للمزارعين الراغبين.
خبرات محلية ومكافأة بخسة
أما عملية تحضير النفايات فتتطلب بعض الآليات التي تم تصنيعها محلياً والتي صممها المهندس الميكانيكي علي زعير وتقاضى عليها مكافئة رمزية جداً لم تصل إلى /1000/ ليرة بعد قطع الضريبة المالية عنها وهي:
-الغربال الاسطواني بطول 12م
-السير الساحب الذي يساعد على إعادة فرز النفايات لضمان عدم وجود نفايات غير عضوية والتي تفرز يدوياً.
-الفرامة :لطحن النفايات تحضيراً لعملية التخمير التي أسلفنا الحديث عنها وهذا المعمل هو الثاني بعد المعمل الموجود في دمشق لكن يتميز عنه أن الأسمدة الناتجة عنه عضوية صرفة بسبب عملية الفرز التي تسبق التخمير ويتميز أيضاً بالأغطية التي تمنع انتشار الروائح والحشرات ويمكن تحويله مستقبلاً إلى معمل آلي وذلك باضافة السيور الناقلة آلياً وبذلك نستغني عن عملية التلقيم اليدوي وهناك دراسة لتطوير معالجة النفايات المنزلية بمدينة سلمية بما يتعلق بجمعها ومعالجتها وتأهيل مطمر للنفايات المتبقية بعد المعالجة حيث تحتاج إلى:
قبان أرضي لمعرفة الصادر من النفايات والمتبقي المطلوب ترحيله إضافة إلى تركس للتجميع ضمن المعمل. وجهاز آلي لشق أكياس النايلون البلاستيكية.ومكبس آلي لضغط البالات وتصغير حجمها بغية ترحيلها.وجهاز لتعبئة وتغليف الأسمدة الناتجة .وخزان للمياه.
كما يمكن تشغيل المعمل حالياً ب¯ /10-15/عاملاً لعمليات الفرز أضافة إلى حارس ومشرف عام على المعمل. وسيتم قريباً تجهيز المولدة الكهربائية للاقلاع ووضعه موضع الاستثمار.
وأخيراً وبعد أن أصبح معمل النفايات النموذجي جاهزاً ويعمل بإمكانيات بسيطة ومواد الأولية متوفرة ومجانية ويمكن أن يخلص مدينة الغبار والجفاف من نفاياتها .هل سيأتي يوم نرى فيه شوارع البلدة نظيفة وخالية من النفايات المتناثرة والمتبعثرة في كل زاوية وزقاق.