ويتعامل هذا النظام معها على أساس أنها مصدر يستخدم بكفاءة عالية ويعاد تدويره ضمن دورة المواد الطبيعية.
غير أن النفايات البلاستيكية والحديدية هي مركبات معقدة لم يسبق للنظام البيئي أن تعامل مع مثلها, لذلك تحتاج إلى مدة زمنية طويلة حتى يتم التخلص منها عن طريق العوامل الطبيعية (المحللات) وهكذا تصبح مشكلة تراكمها من الصعوبات الرئيسية في النظام البيئي وتشكل خطراً داهماً للطبيعة والبيئة كونها تحتوي على مواد عضوية مصنعة وفلزات من المعادن المختلفة.
ففي محافظة درعا توجد مئات المواقع التي تستخدم كمكبات للنفايات بمختلف أصنافها وأنواعها وأهم هذه النفايات: المواد البلاستيكية المستعملة والحديد بمختلف أنواعه وأشكاله, وقد أصبحت هذه المكبات مؤخراً موئلاً ووجهةً للأطفال والشبان وغيرهم للبحث عن قطع الحديد القديمة والمستخدمة والبلاستيك من أجل جمعها وبيعها للتجار الذين يقومون بدورهم بعد تصنيفها وفرزها وتوضيبها ببيعها إلى المعامل التي تستفيذ من هذه المواد, وتقوم بصنع العديد من الأشياء التي نحتاجها في حياتنا اليومية بدلاً من الاستيراد.
هذه العملية المهمة التي تتم دون تنسيق أو تخطيط من قبل الجهات المعنية في مجالات البيئة والنظافة, أدت إلى جمع مئات الأطنان من خردة الحديد والبلاستيك في قرى ومدن محافظة درعا وخلصت المكبات من مخاطر هذه المواد التي لا تتحلل بسهولة وتشكل مخاطر كبيرة على التربة والمياه الجوفية, بالإضافة إلى تشغيل الكثير من الأيدي الباحثة عن عمل وأصبحت الآن هذه العملية مصدراً لرزق العشرات, بل المئات من الشبان الذين يتنافسون إلى جمع أكبر قدر ممكن من الكميات يومياً لبيعها بأسعار مجزية ويصل سعر الكيلو غرام من الحديد الخردة إلى حوالى ليرة ونصف الليرة.
والمتابع لهذه الظاهرة الجديدة يلاحظ الأكوام الكبيرة من قطع الحديد والبلاستيك المستعملة لدى التجار الذين يقومون بفرزها وتعبئتها بشكل قوالب مكبوسة لتكون جاهزة للشحن إلى المعامل في دمشق وغيرها.
ونحن أمام هذا الواقع العفوي الذي يتم من خلاله تنظيف البيئة من مخلفات المعادن والبلاستيك نتساءل لماذا لم تقم الجهات المعنية منذ سنوات عديدة للبحث عن حلول مفيدة للتخلص من خردة المعادن والبلاستيك وتشغيل المعامل لإعادة إنتاج هذه المواد والاستفادة منها?!
ومتى سيتم إقامة معامل النفايات والقمامة, وإعادة تدوير وتصنيع النفايات والتخلص من التلوث البيئي الذي تحدثه العشوائية في رمي القمامة والنفايات?!
وهل تضع مجالس المدن والبلدان والبلديات ومديرية البيئة والجهات المعنية بالنظافة ما يسمى بمشروع (إدارة النفايات الصلبة) موضع التنفيذ العملي ولو بشكل مبدئي ومتدرج.
وأخيراً نلاحظ أن فكرة تشغيل معامل إعادة تصنيع خردة الحديد والبلاستيك المستعمل هي فكرة ناجحة وحققت الفائدة في جمع آلاف الأطنان من نفايات الحديد والبلاستيك بالإضافة لتشغيل مئات الأيدي العاملة وإن كان ذلك بظروف صحية غير مناسبة وهي بالنهاية تساهم في تخليص البيئة من خطر التلوث الذي تحدثه هذه المواد إذا بقيت مدفونة في المكبات أو منتشرة بشكل عشوائي في الطبيعة!!.