الذي اقامه المجلس الاعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية رأى الدكتور ناصر عبيد الناصر ان قضية الاصلاح ليست قضية تقنية بحتة اي لا تتعلق فقط برفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الدخل القومي انما هي قضية اجتماعية بامتياز فما الفائدة اذا زدنا معدلات النمو والدخل القومي دون ان يقترن ذلك بعدالة توزيع الدخل.?!
خمس حقائق للإصلاح
وتابع د. عبيد حديثه محدداً خمس حقائق حاسمة لعملية الاصلاح الاقتصادي والسياسي في الوطن العربي عامة وفي سورية على وجه الخصوص ففي وقت تفككت فيه امبراطوريات وترنحت ايديولوجيات واختفت به ثورات من الساحة الجيوسياسية في هذا الوقت بالذات آن الآوان لنا كعرب ان نتوجه بنقد ايجابي للتاريخ على قاعدة التواصل بين الاصالة والمعاصرة.
والحقيقة الثانية تقول انه طالما ان العالم يتغير وعلينا نحن ان نتغير فلنتغير بشروطنا نحن افضل بكثير من ان نتغير بشروط الاخرين وفي هذاتحقيق للمصلحة الوطنية والقومية اما ثالثاً وانطلاقاً من ان الثابت يبقى ثابتاً حتى يتغير وان متغيرات الحياة الاقتصادية والاجتماعية اكثر من ثوابتها بفضل قاطرات التاريخ التي تنقل المجتمعات من حال الى حال لذلك فان التحصن خلف الثوابت الاقتصادية التي فقدت وظيفتها التاريخية يعزلنا عن الواقع وبالمقابل فان التخلي عن الثوابت الوطنية والقومية التي لم تستنفذ وظيفتها التاريخية يعرضنا لمخاطر التبعية السياسية والاقتصادية.
والحقيقة الرابعة تقول انه علينا كعرب ان ندخل في سباق مع الزمن حتى نجر الفجوة بيننا وبين ما وصلت اليه عجلة التطور والتقدم في دول اخرى.
واخيراً: فان الاصلاح الاقتصادي والسياسي يفترض ان يكون محصلة لإرادة النظام السياسي من جهة ورغبة الشعب فتقاطع الارادة والرغبة لكلا الطرفين ستوفر الخبز والحرية للانسان.
تلازم الإصلاحين السياسي والاقتصادي
من جهة ثانية ركز د. عبيد الناصر على قضية الارتباط بين الاصلاحات الاقتصادية والاصلاحات السياسية بحيث يستحيل التقدم في مسيرة الاصلاح الاقتصادي بدون اصلاح سياسي وهذا ما ادركته القيادة السياسية في سورية وتجلى ذلك في عدة نقاط اهمها السير على طريق بناء دولة المؤسسات وتكريس سيادة القانون وتعزيز النهج الديمقراطي عن طريق احترام الرأي والرأي الاخر واحترام حقوق الانسان وتفعيل دور الجبهة الوطنية في الحياة السياسية والاقتصادية واعادة النظر في صيغة العلاقة بين السلطة والحزب لان السلطة تخطىء وتصيب ولهذا ليس من مصلحة الحزب ان يتحمل وزر اخطاء السلطة وان كان من مصلحته ان يواجهها.
كذلك الغاء محاكم الامن الاقتصادي واصدار التشريعات التي تصب في اتجاه تفعيل فصل السلطات الثلاث والتفكير جدياً باصدار قانون ناظم لعمل ونشاط الاحزاب الوطنية والقومية وتقييد الاحكام العرفية بالحدود التي تمس بالامن القومي للبلاد وتفعيل الاجهزة الرقابية والتركيز على الرقابة الوقائية اضافة للرقابة اللاحقة.
لكن وبكل الاحوال فان اي اجراء اصلاحي يحتاج لزمن حتى تبدأ النتائج بالتحقق ومن هنا سجل د. عبيد الناصر عتبه على الذين يتجاهلون الخطوات الاصلاحية التي جرت وتجري ويستعجلون قطف ثمار الاصلاح ذلك ان الاصلاح على المدى القصير له ثمن مؤلم ويجب في كل هذا ان يتحمل الاغنياء قبل الفقراء ثمن ومشقة الاصلاح والاقوياء قبل الضعفاء والمسؤولون قبل المواطنين.