تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صورة حديثة للبطل الخائن

الملحق الثقافي
4-6-2013م
علي ديبة:تترسخ صورة الممثل البطل في الذاكرة الشعبية من خلال توالي أدوار نمطية يلعبها، ويتعزز وجودها بأدوار تجسد صوراً مشرقة أخذت من صفحات التاريخ.

والحسابات وفق هذا السياق لا ترتبط بمقدرة الشخص على حسن الأداء وفنه التقني الجمالي، إنما على النوع النفسي الأخلاقي، وعلى خطاب يلتصق بمشاعر الناس وقيمهم المتوارثة منذ نشوئهم كأمة.‏

في المقابل تنحسر الأدوار الشريرة من الذاكرة، فلا تكتسب صفة البطولة الأولى مهما أجاد الممثلون أدوارهم، ومهما بذلوا من الجهود لإغنائها. على هذا الأساس نرى التنافس على أشده بينهم للحصول على أدوار تمجد الخير وترفع من شأن قيم الإنسان. فهل هذا المعنى الثقافي النظري هو مجرد ترف فكري، أم أن الواقع الكائن يعيش حالاً متناقضاً، تنتصر فيه الأنا من غير حرب ولا سلم بعد هزيمة نالت من سياسات العدالة الاجتماعية، ومن غياب مفرداتها ومصطلحاتها، في ظل عولمة تبتلع هنا وتبصق هناك، لا تقيم وزناً لأمة من الأمم مهما كان دورها عظيماً في بناء هذا الصرح الحضاري؟‏

الجواب على هذا السؤال يأتي معرفة ضمنية في سياق حرية الرأي، هو لا يحتاج إلى صراحة موجهة تفرض معانيها ومذاهبها على الآخرين، غير أنه بوجه من الوجوه يقرأ نفسه من خلال تراجم لا يمكن نسيانها، فالبطل الخائن ليس قدراً، بقدر ما هو بعض من شرَكٍ وليس الشرَك كله، لأنه يلعب دوراً مرسوماً يخالف موروث الحياة، يؤدي في نهاية المطاف إلى كوارث لا حدود لانحدارها الأخلاقي.‏

أليس هذا ما حدث في مؤتمر دافوس الاقتصادي، الذي حضره الصهيوني شمعون بيرس، إلى جوار ذلك المتجهم رجب طيب أردوغان، الذي انتزع محبة الشارع السياسي لزمن، لا ليستأثر به، بل ليرميه تحت أقدام أسياده، ويعلن عن دوره كبطل خائن في مسرحية هزلية، جندلت قيم البطل الشعبي، وعوّمت هذا الدور الملتبس ووضعته في الصدارة لسنوات، حتى تكشّف وجه الحقيقية، وسقط النقاب عن عولمة حاقدة أنتجتها أقبية صهيونية تتحكم بالقرار الدولي.‏

وإذا كان البطل الخائن في هذه اللعبة، قد تم استيراده خصيصاً لأجل هذه الخشبة، فإن أبطالاً مشابهين جردوا نفوسهم من جنسياتهم وتخلوا عن أعرافهم وأعراقهم لقاء صدى بطولي مسبق الدفع، تعزز باحتفالات انتخابية لتتويج أجمل عنزة هنا، وأفحل تيس هناك، لتنتقل صور هذا الخراب النفسي عبر أقمار لا عمل لها سوى نقل صورة هذا البطل الخائن كمثال للتندر والهزء والسخرية.‏

وإذا كان التنافس على أشده بين الممثلين الجادين، للحصول على دور شامخ يصلون من خلاله إلى قلب المتلقي العربي، فإن أحداً منهم لن يقبل حاضراً ولا مستقبلاً، أن يجسد أو يشخّص أو يتقمص اسماً أقام قصور مجونه فوق مزابل التاريخ.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية