|
العنصرية وإرث البوشية شؤون سياسية 1861من أجل الاعتراف بالكرامة للأميركيين المتحدرين من أصول إفريقية, الذين كان أجدادهم عبيداً في الولايات المتحدة - ليصبح أول مرشح أميركي من أصل إفريقي للانتخابات الرئاسية الأميركية بتمثيل الحزب الديمقراطي. ويبدو أن الديمقراطيين في وضعية جيدة لكي يفوزوا بهذه الانتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني المقبل, وبالتالي هناك إمكانية حقيقية لكي يكون على رأس القوة العظمى الغربية رجل منحدر من أصول إفريقية, وهذا بحد ذاته يمثل حدثاً تاريخياً مهماً. بكل تأكيد السيناتور باراك أوباما لاينتمي إلى هذا الإرث التاريخي, لأنه ولد في هاواي من أب كيني وأم أميركية بيضاء جاءت من كنساس, لكنه اختار أن يكون أميركياً أسود, ويربط مصيره بمصير الأقلية السوداء في الولايات المتحدة الأميركية, عندما ذهب في سن الرابعة والعشرين من عمره يقوم بعمل اجتماعي في جنوب شيكاغو, المنطقة الأكثر فقراً وعنفاً في أميركا. ويجتهد أوباما لكي يكون مرشح الحلم الأميركي, مرشح المجتمع المتعدد الأعراق والمتكون من النساء والرجال الأحرار والمتساوين في الحقوق والواجبات- إنه مشروع للكل الاجتماعي, لامشروع أقليات سوداء, لا تينية أميركية, آسيوية, التي تتعرض للتأثيرات المدمرة لعدم انتمائها للمجموعة البيضاء المؤسسة والمسيطرة التي قدمت من أوروبا. لقد اقترن ترشيح أوباما بحركة سياسية أكثر منه بحملة انتخابية كلاسيكية.. كما تدل على ذلك الحشود, التي تحضر اجتماعاته ولقاءاته.. ومن المتطوعين الذين يقدمون له العون إضافة إلى نحو أكثر من مليون مانح صغير, وقد جيشت هذه الحركة العديد من الناخبين الجدد للانخراط بمسار العملية الانتخابية, ولاسيما في أوساط الشباب والمستقلين. ومع ذلك.. يجسد ترشيح أوباما في السياسة الأميركية بالنسبة لمناصريه قوة جديدة, بشكل جذري تعلو على الذهنية الحزبية وتحث الأميركيين على طي صفحة العنصرية في أميركا. لكن علينا أن نرى أنه على الرغم من الثغرات والنواقص في النظام السياسي الأميركي مثل جماعات الضغط المالية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية التي تجعل تمركز السلطة بيد الرأسماليين, الذين يشار إليهم بعبارة( الاحتكارات) أو ( الشركات الكبرى), واللوبيات العاملة لمصالح تتعدى حدود أميركا مثل اللوبي الصهيوني, فإن هذا النظام الأميركي وصل اليوم إلى آخر مراحل حل القضية العنصرية أي إمكانية تخطي تاريخ طويل من الانقسام العرقي بين السود والبيض, وهذا الوصول يتم من داخل النظام بكل قوانينه ومؤسساته وبممارساته التي قد تكون الأرقى في العالم. إن توصل الولايات المتحدة الأميركية إلى آخر مراحل حل هذه المشكلة العنصرية في القرن الحادي والعشرين, بعد أن كانت مهيمنة, بحسب وليم إدوارد بورغهارت دوبوا, على القرن العشرين, هو الذي أضفى على حملة السيد أوباما كل أهميتها من خلال تعامل الشعب الأميركي مع المرشح الأسود باراك أوباما على أنه مواطن أميركي يملك المؤهلات الضرورية لقيادة بلاده في هذه المرحلة المضطربة من تاريخها وتاريخ العالم وليس على أنه مواطن أسود . ويقدم أوباما نفسه كمرشح مصلح للسياسة الخارجية الأميركية, وأنه في حال توليه منصب الرئاسة الأميركية, سيكون الرئيس القادر على إرساء السلام في الشرق الأوسط أخيراً, وإقامة مصالحة ضرورية بين الغرب والإسلام. إذا كانت هناك نقطة مشتركة بين المرشحين الأميركيين باراك أوباما وجون ماكين اللذين يتسابقان للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية في شهر تشرين الثاني المقبل, فإنها تتمثل في الوعود التي يقدماها بشأن تغيير علاقات أميركا مع بقية العالم, وبصرف النظر عن الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأميركية, سواء أكان المرشح جون ماكين عن الحزب الجمهوري, أم المرشح باراك أوباما عن الحزب الديمقراطي, فإن السؤال الذي يطرحه المحللون الغربيون: بعد ثماني سنوات من سياسات بوش الكارثية, هل سيطوي الرئيس المقبل صفحة البوشية? * كاتب تونسي
|