وتستمر ستة أشهر, وينظر إليها الفلسطينيون بحذر متشائم ومتفائل في أن يقيهم الاتفاق ويلات القتل والدمار والحصار الذي اعتادت إسرائيل على ممارسته خاصة في القطاع, وفيما لو التزمت الأخيرة بهذا الاتفاق وأوقفت أعمالها العدوانية.
حركة حماس التي أكدت التزامها بهذه التهدئة وأيدتها, شكل بالنسبة إليها الاتفاق انتصاراً نجحت قبل التوصل إليه باستنزاف إسرائيل من خلال الحفاظ على ثوابتها وتعزيز ثقافة المقاومة لديها, كما أنها في الطريق لإنجاز فتح معبر رفح الذي سيمنحها مكانة دولية, وبالتالي تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني الذي فقد حاجات العيش الأساسية بسبب الحصار الجائر والمفروض على قطاع غزة منذ عدة أشهر, وبالتالي لن تتمكن إسرائيل الموقعة على اتفاق معبر رفح عام 2005 من الإشراف على المعبر لدى فتحه.
إضافة إلى ما تقدم وإذا انتهت الشهور الستة للتهدئة بحصول حماس من إسرائيل على وقف إطلاق النار في الضفة, فإن بإمكانها إظهار سيطرتها الأمنية في شطري فلسطين من أجل استكمال بناء الجبهة الداخلية وتعزيز اعتراف من أنكر وجودها بمكانتها, بالطبع دون أن ننسى أن الاتفاق يشكل إنجازا سياسياً قد يخدم المصالحة الفلسطينية مع حركة فتح الذي يتوقع أن يبدأ نهاية الأسبوع الحالي.
والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه الظروف التي ترخي بظلالها على المنطقة بشكل عام, وعلى ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل خاص سواء بين الفلسطينيين أنفسهم أم مع حكومة العدو, هل ستوقف إسرائيل اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني? أم يجب علينا أن ننتظر الزمن ولا نسبقه لنرى كيف ستتعامل حكومة أولمرت مع هكذا اتفاق, لم يتوصل إليه الطرفان للمرة الأولى لأن اتفاقات عديدة سبقته وكانت إسرائيل على الدوام تكسر التهدئة وتخرقها بعمليات قتل واغتيال واجتياح ما يؤدي بالنتيجة إلى رد فعل فلسطيني طبيعي وهو إطلاق صواريخ المقاومة على المستعمرات وخاصة سديروت.
على الصعيد الإسرائيلي, اتفق المحللون أن إسرائيل بوضعها الراهن وأزمتها الوزارية ودخولها انتخابات مبكرة تجعل الفترة القادمة بحاجة لتهدئة كي تتفرغ فيها القوى السياسية والعسكرية والأمنية للمعركة الداخلية فضلاً عن أنها قضية مباشرة بإطلاق الاتفاق الذي ستحقق من خلاله إيقاف الصواريخ الفلسطينية التي تفرض إطلاقها أصلاً, وفي كلا الحالتين إن استمرت التهدئة, فهي انتصار للشعب الفلسطيني ولحركة حماس التي كانت تطمح لرفع الحصار وإيقاف المعاناة المستمرة لهذا الشعب.
والنتيجة المؤكدة أن الاتفاق سيكون من مصلحة حماس أيضاً التي أثبت صمودها عجز الإسرائيليين عن تركيع الشعب الفلسطيني, ولو كان أعزلاً, هي إذاً مرحلة شائكة والفائز فيها من يصر على المسار الصحيح, وهو ما تتمسك به المقاومة وتدفع مقابله الدم والتضحيات.