عندما أعلن عن اعتقاده بأن إيران تضع بحسبانها فوز بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود برئاسة الحكومة بدلاً من شمعون بيريز, ذلك لأن ثمة اعتقاداً بأن حزب العمل في حال فوزه في الانتخاب سيسير على خطا اسحاق رابين القائمة على توسيع دائرة السلام مع العرب, ذلك الأمر الذي كان متداولاً قبل أن تكون إيران قادرة على تنفيذ خططها في المجال النووي, وعندما كان رابين يعتقد بأن سياسته تلك أفضل من الدخول في التوترات والتهديدات المتبادلة.
إن إصرار إسرائيل على إدانة إيران بزخم منقطع النظير قد أعطى مؤشراً للعالم بأنها هي مصدر كافة التوترات القائمة, ولن تستبعد أن ينظر إليها باعتبارها السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار النفط, وما نجم عنه من أزمات عالمية.
لقد نشر الاكاديميان الأميركيان جون ميرشمير وستيفن والت مقالاً في:
Reviewof Books الذي تلا إصدارهما كتاباً حول اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة, حيث ألقى الكاتبان على إسرائيل تبعة اتخاذ الولايات المتحدة قرار غزو العراق, وأشارا به إلى أن كافة أعمال التضليل التي اتبعتها في السابق قد عادت للظهور في الوقت الحاضر ضد إيران,الأمر الذي سيقود بها (إن استمرت بهذا النهج) إلى الوقوع في المستنقع الإيراني.
في الأسبوع الماضي أجريت مقابلة مع مؤلفي الكتاب حيث أبدى والت توجهاته القائمة على ضرورة وضع صيغة لمعالجة الموضوع النووي الإيراني, لكنه رأى أن الإسرائيليين ومؤيديهم قد مارسوا الضغوط على الإدارة الأميركية لدفعها لاستخدام القوة ضد إيران, وأكد ميرشمير أن زيادة الضغوط قد تؤدي إلى قيام الولايات المتحدة وإسرائيل بمهاجمة إيران لمنعها من إنتاج أسلحة الدمار الشامل, لكن ما يحول دون ذلك هو الدرس الذي تلقته أميركا في العراق والآثار الكبيرة التي أحدثها ارتفاع أسعار النفط نتيجة التحسب من حرب مع إيران, الأمر الذي جعل هذا الواقع يتغلب على الأصوات التي تنادي بالحرب في اللوبي الإسرائيلي.
وعلى الرغم مما يراه البعض من وجود نقاط ضعف في نظرية ميرشمير ووالت لكن هناك الكثير ممن أخذ بتلك المقولة, وفي مختلف الأحوال فإن الكثير من القراء ومتصفحي الإنترنت في أميركا والعالم أجمع, أصبحوا على ثقة تامة بأن فئة من المحافظين اليهود وفئات يمينية أخرى قد بذلوا المزيد من الجهد لجعل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط متلائمة مع المصلحة الإسرائيلية, ومع ذلك فقد لاقت نظرية ميرشيمر ووالت آذاناً مصغية لدى الكثير من الناس, يستذكر ميرشيمر رواية ليون يورس عنوانها ( النزوح الجماعي) حيث تصف تلك الرواية (بطولة الشباب الإسرائيلي) وتعتبر العرب كالهنود الحمر في أميركا, لكن الجيل الحالي قد فهم هذا الأمر بوضوح أكثر, حيث قال والت إن كلمة النكبة التي لم يعرف الأميركيون مضمونها على مدى ستة عقود أصبحت اليوم موضوعاً للحوار والمقالات التي تنشرها وسائل الإعلام, وقد ظهر ذلك ابان الاحتفالات التي قامت بمناسبة تأسيس إسرائيل.
شعر الإسرائيليون بمزيد من السعادة والسرور عندما رأوا على شاشات التلفاز مرشحي الرئاسة الأميركية (ماكين وأوباما وكلنتون قبل انسحابها من السباق الرئاسي) يقفون على منصة الآيباك في المؤتمر المنعقد في واشنطن, ويؤكد الواحد تلو الآخر اهتمامه بأمن إسرائيل.
أما الأميركيون فقد شاهدوا على شاشة التلفاز جون سيتورات الذي انتقد اولئك المرشحين بأسلوب هزلي مبرزاً التملق والتزلف لكل واحد منهم أمام اللوبي اليهودي, مظهراً الدعم الأعمى لإسرائيل, ولم يجانب ستيورات الحقيقة عندما سمى قادة الآيباك (بزعماء الصهيونية) كما أنه لم يخطىء عندما صور باراك اوباما يرتدي البزة الزرقاء والبيضاء الموشاة بنجمة داوود .
سواء أفاز أوباما وعاد الديمقراطيون إلى الحكم ,أو تحقق الفوز لماكين وبقي الجمهوريون في البيت الأبيض فإن الرئيس القادم سيرتدي البزة الموشاة بالنجوم والأشرطة الرسمية, وعندها سيفهم الجميع بأن الشعب الأميركي وقادته لن يكونوا ألعوبة بيد إسرائيل, لكن في حال تعرضت إسرائيل للتهديد الإيراني فلا ريب بأنهم سيقدمون لها المزيد من الدعم ,إذ إن هذا التهديد لن يقتصر على إسرائيل فحسب... وإنما سيمتد إلى آفاق اخرى تفوق بكثير ما يصرح به القادة الإسرائيليون أمام شعبهم.