حتى تنافسها الأخرى وتعرضه بعد مدة ودون أن يكون له أي هدف أو غاية أو أضعف الإيمان بناء على طلب اللهم إلا إذا كان الهدف هو تعبئة فراغ أو بالأصح هدر الوقت أو قتله كما يقال بالعامية, ولكن أي قتل?!
هل قتل لوقت المشاهد الذي بات بحاجة إلى برامج ومسلسلات تنسيه متاهات الحياة وتعقيداتها, وإذا كان لديه الوقت فإنه وبكبسة زر بات قادراً على مشاهدة آلاف المحطات وليس رهينة لقنواتنا التي ما تكاد أن تفرغ إحداها من عرض مسلسل حتى تسبقها إليه الأخرى, وكأن المسألة لا تعدو عن كونها تعبئة وقت للجميع والسلام ختام, فمثلاً مسلسلات (عودة غوار وأشواك ناعمة وظل امرأة والحب في زمن الخوف وتلك الأيام وعرسان آخر زمان), وهذه على سبيل المثال لا الحصر والتي يعرضها تلفزيوننا حالياً هي بالأصل معادة ومكررة أكثر من مرة ومع احترامنا لجهود الممثلين والمخرجين والمعدين, وكل من له صلة فيها ومع الاحترام لكل القامات الفنية فيها, فهي مسلسلات متعثرة بامتياز والعديد منها فارغ من أي هدف ومضمون, مثل عرسان آخر زمان الذي تعرضه القناة الثانية يومياً في فترة استراحة المشاهد وقيلولته حيث تدور أحداث ذلك المسلسل التي قد تزيد أو تقل عن ثلاثين حلقة حول الشخصية الرئيسية في العمل الدكتورة الصيدلانية حكمت التي قامت بتأدية الدور فيه الفنانة فرح بسيسو وضمن كل حلقة يتقدم لها عريس حتى غدا عدد العرسان ضمن المسلسل نفسه أكثر من 30 عريساً أي بمعدل عريس في كل حلقة ليأتي المسلسل كله وكأنه نسخة أو حلقة واحدة مع فارق بسيط هو شخصية العريس فقط, حتى بات المشاهد وكأنه يحضر نفس الحلقة وعلى مضض وبالأحرى أو الأدق من الملل وخاصة أولئك الذين لم يتعرفوا بعد إلى نعمة ونقمة (الدش) لأسباب خاصة فيهم, ومع اقتراب المسلسل من نهايته, يحق لنا أن نتساءل, ما الهدف من عرضه ثانية سواء هو أم غيره من المسلسلات التي تعود بالمشاهد وبالأحداث إلى عقود مضت, مثل مسلسل تلك الأيام الذي يعرض في السابعة والنصف مساء كل يوم ما عدا يومي الجمعة والسبت على القناة الأولى, ليذكرنا بأيام الآغا والبيك وغيرهما من الألقاب, وكأن مشكلاتنا كلها قد حلت ولا نعاني إلا من عقدة الالتفات للماضي والبحث فيه, وللاطلاع على نسبة المشاهدة والمتابعة لهذه المسلسلات أجرت الثورة العديد من اللقاءات وكان الاستطلاع التالي.
السيدة وداد السيد وهي ربة منزل قالت: غالباً مشاهدتي لمحطاتنا تكون في شهر رمضان المبارك لكون شاشتنا وقنواتنا حافلة ومتخمة بالمسلسلات حتى إن المشاهد يحتار على أي قناة سيرسو بالنهاية, وتقول في الحقيقة باقي الأشهر أتابع المحطات الأخرى لكونها متنوعة ولأن قنواتنا الثلاث تعرض ما قدمته سابقاً وليس عندها من جديد.
السيدعبد الله عودة قال: في البداية كنت من المتشوقين لمتابعة التلفزيون وخاصة الدراما والمسلسلات والأفلام, ولكنها باتت جميعها معادة, لدرجة الملل, مضيفاً أن برامجنا كلها باتت كلاسيكية, وأنها كانت في الماضي أحسن حالاً مما هي عليه الآن, موضحاً أن التلفزيون كان يعرض مسرحيات سواء عربية أو محلية مرة كل أسبوع, ونتساءل.. ماذا حصل? حتى الأفلام التي تعرض في سهرة كل خميس قديمة ليس من باب اللون الأبيض والأسود, وإنما من حيث الطرح والأسلوب وناهيك عن كونها غير مشوقة أو بالأصح (رفع عتب).
الشاب سامر بغدادي طالب جامعي قال: ليس لدي الوقت الكافي لمتابعة التلفزيون, ولكن عندما تسمح لي الفرصة أقلب بين المحطات حتى أجد ضالتي من البرامج التي غالباً ما يفتقدها تلفزيوننا الحبيب, فأنا لست مضطراً أن أحضر برامج سياسية أو منتديات اقتصادية ولا حتى اجتماعية, لا تغني من جوع, فأنا بحاجة كأي مواطن أو شخص لأن أرفه عن نفسي في أوقات قد تكون عصيبة بالنسبة لي, وهنا لا مجال للمفاضلة بين هذه البرامج والبرامج الأخرى المسلية في غيرها من المحطات والتي ستكون الكفة لصالحها حتماً.
تعددت الآراء وتباينت المواقف, فهناك من لا يشاهد التلفزيون إلا ما قل وندر, وآخر بالمصادفة وآخر بالمناسبات, ومنهم (نص نص) و آخر قال: إن تفتح زهرة لا يعني قدوم الربيع, قائلاً هل ستقنعني بأن برنامجاً منوعاً لا تتجاوز مدته خمسين أو أربعين دقيقة مثل برنامج دندن معنا لنقول إن برامجنا منوعة, بالمقابل هناك فضائيات مخصصة حصراً لهكذا برامج, وعلى مدار الساعة إلا إذا اعتبروا ما يبثونه من برامج المنظمات الشعبية والنقابية كالطلائع والشبيبة والفلاحين والعمال والطلبة والصحة والمرأة هي من قبيل المنوعات, ويبقى السؤال أين هي جهود تلك الكوادر الضخمة التي يضمها تلفزيوننا الحبيب والتي تكفي لافتتاح محطات بدل المحطة الواحدة? وأين التطوير للبرامج الذي وعدنا به? أم أنه كالزيتون يأتي مواسم... مواسم? ويظل السؤال, ماذا بعد..?!